من سيخلف بن لادن؟
٩ مايو ٢٠١١كان عبود الزمر أحد الأوائل الذين علقوا في مصر على مقتل بن لادن، وهو صديق ورفيق قتال سابق لأيمن الظواهري، الخليفة المحتمل لبن لادن، والذي اعتقل بعد عملية اغتيال الرئيس المصري الأسبق أنور السادات في عام 1981 وسجن ولم يطلق سراحه إلا مؤخراً؛ وهو يطالب المتعاطفين مع بن لادن في كل أنحاء العالم بعدم تنفيذ عمليات انتقام ويقول: "من يهاجم سياح أو سفارات يهاجم أبرياء". ففي ظل الثورات السلمية في العالم العربي أصبح الكفاح المسلح عديم الأهمية.
وعندما قدم أيمن الظواهري الى المحاكمة بعد اغتيال السادات قبل عشرين سنة، وجه من قفص الاتهام أمام طاقم التصوير نداء إلى الرأي العام قال فيه: "إننا نحن المسلمون نؤمن بالدين كعقيدة وممارسة في الحياة".
هذه العقيدة أوصلته بعد ثلاث سنوات من السجن إلى أفغانستان في منتصف الثمانينات. هناك أصبح فيما بعد منظراً للقاعدة والساعد الأيمن لأسامة بن لادن، وكان يحمل في جعبته نظريات سيد الشريف، زعيم منظمة الجهاد الإسلامي المصرية المتطرفة.
وكما يقول ضياء رشوان من مركز الأهرام في القاهرة "ألف سيد شريف كتبا هامة عن نظرية التطبيق العملي للكفاح المسلح في حوالي 1400 صفحة. وتعتبر هذه معلومات أساسية لكل مقاتل جهادي في كل أنحاء العالم. وكان سيد شريف مرشد الظواهري، وفي عام 1968 أسسا معا الخلية الأولى للجهاد الإسلامي".
أيمن الظواهري ومستقبل القاعدة
ومع ذلك لا يسع الظواهري الآن أن يأمل في الحصول على دعم من قبل الجهاد الإسلامي المصري لإعادة هيكلة القاعدة. فالجهاد الإسلامي تخل منذ سنين عن العنف، وسيد شريف طالب الجهاديين في كل مكان بوقف العمليات القتالية، وعلل في العديد من كتبه، مستخدما حججا دينية، الأسباب التي تجعل العنف طريقا خاطئا.
المنظمة الراديكالية الكبيرة الثانية في مصر، الجماعة الإسلامية، تخلت هي أيضا عن العنف، وكانت إحدى خلاياها قد نفذت عملية الأقصر عام 1979، التي أودت بحياة 58 شخصا، لكن بعد ذلك بفترة وجيزة نبذت العنف، وكما يقول ضياء رشوان "تغيرت قاعدة أفكار الجماعة الإسلامية بالكامل، وأوجدت الجماعة فكرة جديدة تماما، لم يعد يوجد فيها أي مكان للعنف. وهم ما يزالون إسلاميين ويريدون تطبيق الشريعة، لكنهم توقفوا عن الدعوة إلى استخدام العنف، وهم مستعدون للمشاركة في عملية الديمقراطية".
الظواهري يعتبر الزعيم الجديد المحتمل لتنظيم لقاعدة، وقد استشهدت صحيفة "المصري اليوم" هذه الأيام بأحد العارفين بنشاطات التنظيم وكتبت تقول: لقد تم تعيين الظواهري بشكل انتقالي خلفا لـ بن لادن، وإن مصريين في المنفى من أتباع القاعدة يحاولون السيطرة على الشبكة، ولا يعرف احد بالضبط في الوقت الراهن مدى صحة ذلك. لكن القاعدة لا تتمتع بأي فرصة للحصول على الدعم من مصر. ففي مصر كما في تونس واليمن ودول عربية أخرى يتحرك الفكر الاجتماعي في الوقت الحاضر باتجاه المجتمع المدني والديمقراطية، وهو الأمر الذي تلاحظه أيضا المنظمات المتطرفة المستعدة للعنف مثل الجماعة الإسلامية المصرية، فبعد أن كان أتباعها قد نفذوا قبل حوالي عقد ونصف من السنين عملية الأقصر الإرهابية التي قتل فيها 58 سائحا، أكد المتنفذون في المنظمة فيما بعد أمام المئات من الأتباع على مدى أهمية السياحة لمصر وعلى أن العنف هو طريق خاطئ.
استمرار الخطر على الرغم من تواري الأنصار
وكما يقول الخبير في الشؤون الإسلامية خيل العاني، يأمل معظم المصريين أن تصبح القاعدة في وقت ما من عداد الماضي مثل حسني مبارك أو جورج بوش. وبشكل عام لا يمكن وصف القاعدة بأنها منظمة "لا يوجد اتصال بين المركز في باكستان وأفغانستان والحركات الجهادية المتطرفة الأخرى، ويوجد بينها نقاط تشابه عقائدية فقط، دون أن يكون هناك تنسيق تنظيمي بينها".
القاعدة هي بالأحرى فكرة تتكاثر كالورم السرطاني، لكن ما يزال هناك احتمال أن تسبب خلايا هذا الورم العقائدي ويلات وخيمة العواقب، فخطر الإرهاب ما يزال قائما، وحول ذلك يقول خبير التطرف الإسلامي خليل العاني "ما يزال أنصار بن لادن في باكستان نشطين جدا و قادرين على التخطيط وتنفيذ عمليات وبإمكانهم مهاجمة أهداف غربية، وما يزال فرع القاعدة في شبه جزيرة العرب يواصل نشاطاته في اليمن وفي شمال إفريقيا".
لهذا يعتبر الداعية أنور العولقي في اليمن خلفا محتملا لـ بن لادن. والعولقي هو زعيم فرع تنظيم القاعدة في شبه جزيرة العرب، استنادا الى تقارير المخابرات الأمريكية. وهو يدعو عبر الإنترنيت إلى شن هجمات على الغرب ويحاول تجنيد عناصر لتنفيذ العمليات. لكن في اليمن أيضا يشق الناس طريقهم الخاص بعيداً عن العنف، لهذا يندر أن يجد المتطرفون من يتعاطف معهم. فبعد شهرين على انطلاق الاحتجاجات السلمية ضد الرئيس علي عبد الله صالح، منع عدة مئات من زعماء العشائر نشاطات القاعدة في مناطقهم، وقال أحد زعماء الثورة الشبان بتفاؤل إن عهد القاعدة يحتضر.
يورغن ستريياك/ منى صالح
مراجعة: عارف جابو