منظمة مجاهدي خلق: تشابك التاريخ بالجغرافية
١٥ أبريل ٢٠١١يوم الجمعة 8 نيسان 2011 شنت قوات من الجيش العراقي هجوما على معسكر أشرف في منطقة العظيم شمال الخالص والذي يضم نحو 3400 من عناصر منظمة مجاهدي خلق - التي تصنفها الولايات المتحدة والعراق وإيران على أنها منظمة إرهابية - بينهم نساء وأطفال.
هجوم القوات العراقية ( وهو الثاني خلال عامين) أسفر عن مصرع 34 من عناصر المنظمة بينهم نساء وإصابة مئات. وكانت القوات الأمريكية وبعد سقوط النظام السابق في 2003 قد نزعت السلاح عن المنظمة لتجعل منها مجرد تنظيم سياسي معارض لحكومة إيران.
الحكومة العراقية وعلى لسان الناطق باسم وزارة الدفاع محمد العسكري بعد الهجوم شككت في أعداد الضحايا التي أعلنتها المنظمة، وكشفت عن عزمها على تصفية وجود هذه المنظمة في العراق قبل نهاية هذا العام.
دوليا أعربت الولايات المتحدة قبل يومين عن أملها بالمساهمة في حل تفاوضي بين العراق وحركة مجاهدي خلق الإيرانية.
وجود المنظمة سبب لانقسام سياسي في العراق
موقف القوى المشاركة في العملية السياسية في العراق والرافضة لها من وجود مجاهدي خلق متباين ومتباعد إلى حد كبير، فالكاتب والمحلل السياسي د طالب الصراف القريب من توجهات كتلة التحالف الوطني تحدث إلى مايكروفون برنامج العراق اليوم متسائلا عن سبب واحد يبرر وجود هذه المنظمة في العراق بالقول" هل تريد هذه المنظمة أن تغير النظام السياسي في إيران؟
هل لهذه المنظمة واجبات أخرى ؟
الإجابة عن هذه الأسئلة ستحدد وضع المنظمة في العراق."
واعتبر الصراف أن وجود معارضة سياسية إيرانية على مقربة من الحدود مع إيران( منطقة ديالى) وهو أمر يشكل استفزازا لدول الجوار على شاكلة وجود حزب العمال الكردستاني التركي في مناطق شمال العراق على الحدود مع تركيا.
وذهب الصراف إلى أن من غير اللائق أن تجري حكومة العراق مفاوضات مع منظمة إيرانية وجودها في العراق غير مرغوب فيه ويشكل انتهاكا لسيادته.
وذكّر د. الصراف بخصوصية العلاقة بين العراق وبين إيران وضرورة مراعاة هذه الخصوصية، الأمر الذي يوجب إبعاد هذه المنظمة عن العراق أو تفتيتها كتنظيم في أسرع وقت.
في المقابل، فإن د. خالد المعيني، رئيس مركز الاستقلال للدراسات الإستراتيجية ومقره دمشق - وهو مركز أبحاث ذي توجهات قريبة من الطرح النظري لحزب البعث - قد أيّد أنّ وجود هذه المنظمة في العراق يخلق توترا بين الحكومة العراقية وبين إيران، لكنه أرجع أسباب هذا التوتر إلى المصلحة الإيرانية التي تتضرر من هذا الوجود.
وحدد المعيني جانبين للتعامل مع ملف منظمة مجاهدي خلق :
· الجانب القانوني الذي يرتبط بمجموعة القوانين الدولية والعراقية التي ترسم صيغة التعامل مع القوى السياسية المعارضة لدول أخرى والموجودة على ارض العراق.
· الجانب القيمي والأخلاقي الذي يحدد أسلوب التعامل مع أشخاص معرضين لخطر الموت في بلدهم استجاروا بالعراق وطلبوا منه الحماية.
من هنا - كما يرى د. المعيني - فإن على حكومة العراق الالتفات في هذا الظرف إلى حل مشكلاتها الكثيرة الأخرى والتزام الجانب الأخلاقي بقبول أعضاء المنظمة الذين هم ليسوا أكثر من أسر مسالمة غير مسلحة.
المنظمة لا تريد البقاء في العراق
وعلى مدى السنوات الثماني التي أعقبت سقوط النظام السابق لم يرشح عن المنظمة ما يدل على استعدادها لمغادرة العراق، لكن عضو مجلس الشؤون الخارجية في المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية موسى أفشار كشف لبرنامج العراق اليوم "أنّ المنظمة قد أبلغت الجانب الأمريكي والأمم المتحدة قبل يومين من وقوع الهجوم في 8 نيسان بأنها ليست متمسكة بالبقاء في العراق وأن بالإمكان إحضار طائرات والقيام فورا بنقل جميع سكان معسكر أشرف إلى الولايات المتحدة التي جردتهم من أسلحتهم، أو نقلهم إلى أوروبا، ونحن مستعدون لدفع كلفة النقل الجوي".
وأشار أفشار إلى أن رئيسة المنظمة مريم رجوي قد أعلنت " أننا و قبل الذهاب إلى أي مكان مستعدون للعودة إلى وطننا إيران شريطة توفير الأمن وحرية التعبير والنشاط السياسي وضمان ذلك من مجلس الأمن والمنظمات الدولية، وقبول وإعلان ذلك من ولي الفقيه الإيراني (علي خامنئي) باسمه وتوقيعه."
الشارع العراقي بين قبول المنظمة ورفضها
الشارع العراقي بدوره يبدو منقسما بشأن وجود هذه المنظمة، فبعض المستمعين أشاروا في اتصالاتهم - ومنهم المستمع علي من البصرة - إلى أن على الحكومة العراقية عدم التساهل في هذا الملف وعليها نقل أعضاء المنظمة بأسرع وقت إلى الحدود الإيرانية أو إلى أي بلد ثالث يقبلهم. يستند هؤلاء إلى مزاعم مفادها أن منظمة مجاهدي خلق قد شاركت حكومة صدام حسين في قمع انتفاضة آذار عام 1991 وهي مسؤولة عن قتل العديد من العراقيين، وبالتالي فإن وجود المنظمة غير مرحب به في العراق.
فيما ذهب آخرون - ومنهم المستمع نوروز من أربيل- إلى ضرورة بقائهم في العراق لوجود مصلحة للشعب العراقي في ذلك. يستند هؤلاء إلى نظرية مفادها أن على العراق الاحتفاظ بمنظمة مجاهدي خلق كورقة ضاغطة يمكن استخدامها في المستقبل لخلق توازن في العلاقة مع إيران.
ملهم الملائكة
مراجعة: منى صالح