مهاجرون أفارقة ضحايا السماسرة ونيران حرس الحدود المصرية والاسرائيلية
٢٥ نوفمبر ٢٠١٠إنه الملاذ البري الوحيد للاجئين زاحفين من أحراش القارة السمراء، مضطرين إلى انتهاج أساليب غير شرعية ليجدوا أنفسهم بين مطرقة حرس الحدود المصري وسندان القوات الإسرائيلية.
يصل هؤلاء المهاجرون أولاً إلى الأراضي المصرية كـ "ترانزيت" طلبا للجوء سياسي، فارين من التردي الأمني في إقليم دارفور السوداني، أو هربا من التجنيد "الإجباري" في إريتريا، أو لأسباب أخرى مشابهة في إثيوبيا وغيرها من الدول الأفريقية.
وفي مصر، يبحثون عن سماسرة التهريب، الذين تستنزفونهم مادياً بحجة إدخالهم إلى إسرائيل، قبل أن يتركوهم يواجهون مصيرهم في صحراء سيناء. منهم من ينجح في التسلل، ومنهم من يصاب أو يقتل برصاص قوات حرس الحدود المصرية، أو قوات الجيش الإسرائيلي على الجانب الآخر من الحدود، فلا تتبقى منه إلا أشلاء معلقة على الأسلاك الشائكة بين البلدين.
التسلل عبر الحدود "جنحة لا تستحق القتل"
ويقول حافظ أبو سعدة، الأمين العام للمنظمة المصرية لحقوق الإنسان، إن "البطالة والفقر والنزعات المحلية التي تمزق القارة تجعلها طاردة لأبنائها إذ يفقدون مقومات الحياة، وتتوقف جميع مشاريع التنمية، فلا يبقى لهم سوى البحث عن مخرج".
لكن أبو سعدة، خلال حديثه مع "دويتشه فيليه"، انتقد بشدة تعامل الحكومة المصرية مع طالبي اللجوء الأفارقة. وقال "صحيح أن هناك انتهاكات من عصابات التهريب نفسها، لكن الدولة تتعامل أيضا مع الظاهرة بعنف شديد في تناقض تام مع المواثيق الدولية". وبينما شدد على أن من حق الدولة ضبط حدودها، أكد أن هذه المعاملة "غير قانونية"، خاصة وأن التسلل عبر الحدود يصنف قانونياً على أنه "جنحة ولا يستحق بالنهاية إطلاق النار لحد القتل".
وتنتقد منظمة "هيومان رايتس ووتش" بدورها إطلاق النار على أولئك المتسللين، لاسيما وأنهم "عزل"، وتدفعهم ظروف الحياة القاسية ورحلة البحث عن لقمة العيش إلى مثل هذه المغامرات، التي يتعرضون خلالها لعمليات نصب من سماسرة التهريب.
وكان "مأمون"، وهو لاجئ من دارفور، قد روى تجربة في التسلل عام 2005. ونقلت عنه صحيفة "المصري اليوم" قوله "لم يكن هناك خيار آخر. الجناجويد أحرقوا كل شيء.. سافرت إلى القاهرة ثم عرفت أن لديهم طريقة للسفر إلى إسرائيل، المسألة لن تكلف أكثر من 600 دولار للفرد وهناك سمسار تهريب تولى الأمر". ومن القاهرة، تم تهريب مأمون وزملائه إلى أن وصلوا لنقطة الصفر في منطقة "الكونتيلا" الحدودية، التي ما أن هم باجتيازها حتى فوجئ بطلقات الرصاص تنهمر عليه، ولتنتهي مغامرته بالفشل وليخسر ثلاثة من أصابع يده، وعقوبة حبس، وغرامة 1500 جنية مصري.
كوهين : معسكرات اعتقال وليست معسكرات لاجئين
أما أولئك الأوفر حظاً من مأمون والذين تتكلل مغامرتهم بالنجاح ويعبرون الحدود إلى إسرائيل، فإن الحكومة الإسرائيلية تعاملهم بطرق وبأساليب مثيرة للجدل. فبعد بدء إسرائيل بناء سياج على طول حدودها مع مصر، تعتزم بناء منشأة لتقييد تحركات المهاجرين الأفارقة الذين يدخلون أراضيها من سيناء بطريقة غير مشروعة. وقال إيال جاباي مدير عام مكتب نتنياهو ان المنشأة ستزود الأفارقة بالطعام والمأوى والرعاية الصحية.
لكن ران كوهين، مدير قسم المهاجرين واللاجئين في إحدى المنظمة الحقوقية الإسرائيلية، ينظر إلى هذه المنشأة بظريقة مختلفة ويقول عنها: "الحكومة تسميها معسكرات لاجئين، لكنها في الحقيقة معسكرات اعتقال لأنها ستعزلهم ولن يسمح لهم بالاتصال بأي منظمات حقوقية. ولن يحق لهم حتى إثبات ما إذا كانوا بالفعل مستحقين لطلب اللجوء أم لا".
وأشار كوهين في حديثه مع "دويتشه فيله" إلى أن إسرائيل تقول إنهم "متسللون" لكنهم في واقع الأمر "طالبو لجوء سياسي"، مؤكدا أن هذا القرار "مزعج ومناف لكل حقوق الإنسان المنصوص عليها في المواثيق الدولية". وشدد على أن "الحكومة تخفي حقيقة هذه المعسكرات، وتتعامل مع هذه القضية بشكل سيء وليست لها سياسة واضحة".
وتعقيبا على تصريحات نتانياهو الأخيرة التي اعتبر فيها هؤلاء اللاجئين "تهديدا للطابع اليهودي والديموغرافي لدولة إسرائيل"، أكد كوهين أنهم لا يمثلون أي خطر على الهوية اليهودية لدولة إسرائيل. وقال "لو أننا نتحدث عن القيم الدينية اليهودية، فاليهودية لا علاقة لها بوضع الناس في المعتقلات. هذه مجرد مصطلحات خادعة يستخدمونها لإثارة الهلع بين الناس".
أميرة محمد
مراجعة: عارف جابو