نضال المرأة الألمانية الطويل للحصول على المساواة مازال مستمراً
١٢ نوفمبر ٢٠٠٨في 30 أغسطس/آب عام 1932، ترأست كلارا سيدكن جلسة المجلس النيابي للرايخ الألماني، باعتبارها العضو الأكبر سناً وسط تصفيق حاد من الحضور. واستمتعت السياسية المدافعة عن حقوق المرأة والمنتمية للحزب الشيوعي آنذاك بتلك اللحظات التاريخية، التي توجت نضال المرأة لعقود طويلة من أجل الحصول على حق الترشح والتصويت في الانتخابات. فكلارا سيدكن كانت واحدة من أوائل النائبات في المجلس النيابي للرايخ الألماني من عام 1920 إلى عام 1933.
وكانت النساء قد بدأن نضالهن من أجل الحصول على حقوقهن في المشاركة السياسية منذ أواخر القرن التاسع عشر، ولم تشارك في هذا النضال الناشطات في حقوق النساء فقط، بل كل النساء من العاملات في كل المجالات. و وفي يوم المرأة العالمي في مارس/آذار عام 1911، خرجت نحو مليون امرأة في المظاهرة الاحتجاجية الأولى من نوعها، مطالبات بحقهن في التصويت والترشيح للانتخابات.
ارتفاع نسبة المشاركة النسائية في التصويت
وبعد سبعة أعوام، بعد أن وصلت الحرب العالمية إلى نهايتها، سادت المشاكل السياسية والاضطرابات الثورية البلاد، مما أعطى الحركة النسوية دفعة جديدة. ووجدت المرأة آذاناً صاغية في وسط المجالس العمالية والعسكرية، التي تم تشكيلها في كل مكان في نوفمبر/تشرين الثاني عام 1918، حيث اعتبرت تلك المجالس المطالبة بحقوق المرأة الانتخابية جزءاً من شعار الحركة الثورية. وفي يوم 12 نوفمبر/تشرين الثاني عام 1918، تحقق حلم المرأة الألمانية السياسي بعد أن صدر بيان مجلس الشعب الذي نص على إعطاء حقوق انتخابية متساوية لكل من بلغ عشرين عاماً من الرجال والنساء.
وبهذا استطاعت المرأة لأول مرة 19 يناير/كانون الثاني عام 1919 أن تذهب لصناديق الاقتراع للمشاركة في انتخابات المجلس القومي المسؤول عن وضع الدستور الألماني. وكانت المشاركة النسائية مرتفعة جداً في تلك الانتخابات، حيث وصلت إلى 82.3 بالمائة كما تؤكد جيزيلا نوتس، الخبيرة في الشؤون التاريخية والاجتماعية.
اعتراض نسائي على الحقوق الانتخابية النسائية
ولم تقتصر تلك الانتخابات على حق التصويت، لكن النساء استطعن خلالها أيضاً الترشح لأول مرة ليصبحن نائبات في البرلمان. وتمكنت النساء من الحصول على 9 بالمائة من المقاعد البرلمانية، في أول مشاركة لهن بالترشيح. لكن نجاح الحركة النسائية في الحصول على حقوق الانتخاب لم يقابل بالترحيب من الجميع، بل وقد جاء الرفض من قبل بعض النساء، خاصة الجمعيات النسائية الكنسية.
وعلى سبيل المثال، قرر الاتحاد النسائي التابع للكنيسة الإنجيلية أن ينشق عن اتحاد الجمعيات النسائية الألمانية قبل انتهاء الحرب العالمية الأولى، لمطالبته بحقوق انتخابية للمرأة. وفي هذا الإطار، تقول جيزيلا نوتس: "لم يكن الاتحاد النسائي التابع للكنيسة الإنجيلية مهتماً بالحركة النسوية، بل ربما كان ضدها، لأنه كان يرى أن دور المرأة الرئيسي هو رعاية الأسرة، وأن العمل السياسي سيشغل المرأة عن دورها الأسري، وهو بذلك ضد مصلحة المجتمع". وأضافت نوتس أن الكنائس آنذاك كانت ذات تأثير كبير على النساء. وقامت الكنائس بالتالي بحملات دعائية في وسائل الإعلام ضد الحزب الاشتراكي الديمقراطي ومع الأحزاب المسيحية المحافظة.
دور المرأة الضئيل في البرلمانات
واستمرت جمهورية فايمر، أول ديمقراطية برلمانية ألمانية، لمدة 15 عاماً، حصلت فيها المرأة على بعض حقوقها السياسية، إلى أن تم انتخاب الحزب الاشتراكي القومي عام 1933. وسرعان ما حظر على النساء الترشح للمراكز السياسية، ففدت النائبات بالبرلمان عضويتهن. ولم تستعيد المرأة الألمانية حقوقها البرلمانية سوى بعد عام 1945. واليوم، تصل نسبة النساء في البرلمان الألماني (البوندستاج) إلى حوالي 34 بالمائة، كما تصل نسبة مشاركة النساء في برلمانات الولايات إلى 30 بالمائة.
ولكن نسبة النساء في المناصب الصغيرة، والتي تعد بداية طريق العمل السياسي، مازالت ضئيلة. الأمر الذي دعا وزيرة الأسرة، أورسولا فون دير لاين، إلى إطلاق الحملة التي تحمل شعار: "المرأة والسلطة والبلديات". وتدير هذا المشروع أوتا كلتسينج، من الأكاديمية الأوروبية للمرأة في مجالي السياسة والاقتصاد، وعن سبب إقامة المشروع تقول: "نسبة مشاركة النساء في المجالس المحلية والبلديات لا تزيد عن 25 بالمائة. وفي بعض البلديات والمجالس المحلية لا توجد امرأة واحدة". وتضيف أن دور المرأة في ألمانيا ومدى تمثيلها سياسياً، يختلف من مدينة لأخرى، حيث يعد تمثيل المرأة متساوياً مع الرجل في المدن الكبرى مثل برلين وهامبورج، بينما يكاد وجودها ينعدم في المدن الصغيرة التي يسودها التيار المحافظ. ولذلك تسعى هذه الحملة إلى تشجيع المزيد من النساء لترشيح أنفسهن للعمل السياسي، فحق الانتخاب وحده ليس كافياً لتحقيق المساواة للمرأة إن لم تقم هي بخطوات لتحقيق دورها السياسي.