نوبات الهلع.. جهاز إنذار للجسم لصد الأخطار
٩ أكتوبر ٢٠٢٤نوبات الهلع من الأمراض والحالات النفسية التي تصيب الكثيرين، ففي ألمانيا وحدها يعاني حوالي 30 بالمئة من الأشخاص في المتوسط من نوبة هلع لمرة واحدة على الأقل في حياتهم، وذلك وفق رئيس وحدة علاج القلق في مستشفى شاريتيه ببرلين، أندرياس شتروله.
يصف الدكتور شتروله نوبة الهلع بأنها نظام إنذار خاص بالجسم، ينبّه إلى وجود مشكلة للاستجابة لها بسرعة، ويُضيف "يمكنك تخيل الأمر بأنه أشبه إلى حد ما بإنذار يطلق عن طريق نظام تحذير، ينتقل هذا النظام من 0 إلى 100 بسرعة كبيرة ثم ينخفض ببطء مرة أخرى"، ولكن في المقابل فإن مسار نوبات الهلع ليس متماثلاً، ولا يمكن إرجاعه دوماً إلى وجود مرض نفسي.
الاضطرابات النفسية تسبب التغيُّب عن العمل
بمناسبة اليوم العالمي للصحة النفسية الموافق ليوم 10 تشرين الأول/أكتوبر، كشفت نظرة على أرقام شركات التأمين الصحي الألمانية أن حالات القلق المشخّصة والأمراض المرتبطة بها آخذة في التزايد.
ووفقاً لشركة التأمين الصحي الألمانية "دي إيه كيه - غيزوندهايت" ارتفع عدد أيام التغيُّب عن العمل بصورة حادة في النصف الأول من عام 2024 بسبب أمراض نفسية مثل الاكتئاب أو اضطرابات القلق، في حين بيّنت شركة التأمين الصحي "آي كيه كيه" ارتفاع نسبة الأشخاص المؤمن عليهم والذين يعانون من اضطرابات القلق لأكثر من 37 بالمئة خلال عشر سنوات، وذلك وفق تقديراتها السنوية التي أعلنت عنها العام الماضي.
كيف يستجيب الدماغ لنوبة الهلع؟
عندما يتعرض المرء لنوبة هلع يتم تنشيط مناطق معينة في دماغه، فجذع الدماغ والمراكز الفسيولوجية فيه المسؤولة عن تنظيم الدورة الدموية هي المسؤولة عن تلك التفاعلات الجسدية، وهي نفسها المسؤولة عن تسارع نبضات القلب وضيق التنفس والتعرّق التي تحدث خلال النوبة، وعندما يطلق الدماغ هذه العمليات، يحدث رد فعل إنذاري هائل في الجسم تأهباً لتهديد كبير قادم. فتكون ردود الفعل قوية وسريعة، ويتم تزويد عضلات الجسم بالدم بشكل أفضل مما يسمح للجسم بالاستجابة السريعة ضد الخطر الذي يهدده.
يوضح الدكتور شتروله أنه إذا أخذت نوبة الهلع مجراها الطبيعي تتنوع الأعراض المصاحبة لها، فيعد ضيف التنفس أو سرعته من الأعراض التقليدية لنوبة الهلع، ومع ذلك فإن حدوثها ليس حتمياً بالضرورة، فقد يعاني مصابون من التعرّق المفرط أو الانفعال أو زيادة الرغبة في التبوّل، في حين تحدّث مصابون آخرون عن الشعور بالخوف من فقدان السيطرة أو الخوف من الإصابة بالجنون أو حتى الموت.
لماذا تحدث نوبات الهلع؟
قد تكون بعض الأمراض النفسية والجسدية وأحداث الحياة التي يتعرض لها الإنسان مسبباً أساسياً لنوبات الهلع، كمان يمكن أن تحدث بسبب تعاطي المخدرات والكحول والأدوية المهدئة. كما تزداد عوامل خطر الإصابة بها عند زيادة استهلاك القهوة، أو قلة النوم والإجهاد، أو عند تناول بعض أنواع الأدوية. ويمكن أن تحدث نوبات الهلع لأسباب ظرفية، فعندما يعاني المرء من الخوف المرضي أو الفوبيا من شيء أو فكرة ما فقد يُصاب بنوبة هلع عند التعرّض لها.
اضطراب الهلع أقوى وأشد
يوضّح الدكتور شتروله أن نوبة الهلع تختلف تماماً عن اضطراب الهلع، مشيراً إلى أن نوبة الهلع قد تحدث أيضاً لأشخاص أصحّاء نفسياً وجسدياً خلال المواقف التي تهدد الحياة أو عند التعرّض لخطر شديد، والتعرّض لنوبة هلع في هذه الحالات أمر طبيعي تماماً، ولكن اضطراب الهلع يؤثر بشكل آخر على المصابين.
عندما يصاب شخص ما بنوبات هلع متكررة وبصورة غير متوقعة يُصاب باضطراب الهلع الذي يدفعه إلى تجنب مواقف وأنشطة معينة، أو الانسحاب اجتماعياً، أو تطوير المزيد من الخوف، ولكن من غير الواضح بعد مدى انتشار اضطراب الهلع في ألمانيا.
توضّح الجمعية الألمانية للطب النفسي والعلاج النفسي والطب النفسي الجسدي وعلم الأعصاب (DGPPN) أن أحدث البيانات التي تم جمعها حول تكرار هذا التشخيص في ألمانيا تعود إلى عدة سنوات. وأظهرت دراسة أجريت عام 2014 أن حوالي 2 بالمئة من السكان يعانون من هذا المرض في ذلك الوقت.
بالرغم من خطورة نوبة الهلع والآثار الصحية السلبية المترتبة عليها، يقول الدكتور شتروله أن هذا المرض يمكن علاجه بسهولة من خلال اللجوء إلى العلاج النفسي وخاصة العلاج السلوكي المعرفي للتخلص من الخوف والمحفزات التي تسبب نوبات الهلع، كما يمكن الاستعانة بمضادات الاكتئاب، مؤكداً أن فرص الشفاء منها كبيرة للغاية.
م.ج (د.ب.أ)