نيجيريا: نجاحات مستمرة على بوكو حرام ينقصها الحسم
٦ يونيو ٢٠١٥"إنه قائد، يعطي الأوامر ويتابع تنفيذها من عدمه"، بهذه العبارة يحاول تسامبيدو هوسيا أبانا أن يكون متفائلاً عند الحديث عن رئيس نيجيريا الجديد. ابانا هو رئيس بلدية تشيبوك ويعمل منذ أكثر من عام مع نشطاء في حملة "أعيدو إلينا بناتنا" الرامية لإطلاق صراح 219 تلميذة اختطفتهم حركة بوكو حرام ليلة الـ15 من أبريل/ نيسان 2014 من تشيبوك الواقعة في شمال شرق نيجيريا.
ويجتمع المشاركون في الحملة كل يوم عند ساحة يونيتي فونتين وسط العاصمة أبوجا، هاتفين "أعيدو إلينا بناتنا سالمات حالاً" دون كلل أو ملل. ويحاولن في ذلك عدم التخلي عن أملهم في أن يستطيع رئيس البلاد محمد بخاري استعادة للتلميذات المختطفات، لكن أبانا يقول إنه لم تعد لديه الثقة الكاملة في نيجيريا، مضيفاً بالقول: "بخاري لا يختلف عن الآخرين".
حقوق الإنسان
لكن الرئيس الجديد وجه في خطاب تسلمه مهام منصبه كلمات واضحة حينما قال: "لا يمكن تحقيق النصر على بوكو حرام إلا بعد أن يتم الإفراج عن التلميذات المختطفات من تيشبوك وعن كل الرهائن الآخرين". ومن الأمور الجديدة في خطاب بخاري هي وصفه لمقتل مؤسس بوكو حرام محمد يوسف بـ"الإعدام خارج نطاق القانون". ومنذ 2009 تتكرر الاتهامات للجكومة النيجيرية بخرق حقوق الإنسان، لكنها لم تعترف بذلك مطلقاً. لكن بخاري لم يتطرق في الوقت ذاته إلى مسألة ما إذا كانت ستجرى تحقيقات حول مقتل يوسف. يُذكر أن التحقيق بمقتل يوسف كان أحد شروط حركة بوكو حرام لوقف القتال.
في خطابه تطرق بخاري إلى الانتقادات الموجهة إلى نيجيريا بشأن انتهاكات حقوق الإنسان في خضم الحرب مع بوكو حرام، قائلاً: "سنقوم بدعم الآليات بالشكل الذي يضع عواقب رادعة لانتهاكات حقوق الإنسان التي ثبت ارتكابها من قبل الجيش". لكن يبقى من غير الواضح كيف ستكون استراتيجية ذلك في إطار حرب ضارية على الإرهاب".
وتركز النقاشات حول مخاطر بوكو حرام والحرب عليها في العادة على تمكن الجيش من استعادة بعض المناطق التي كان يسيطر عليها التنظيم. في هذا السياق تقول سايا شتوريس، مديرة مكتب فرع مؤسسة فريدريش إيبرت في أبوجا: "من المؤكد أن استعادة هذه المناطق تشكل نجاحاً للحكومة، لكنه لا يمكن أن يكون كفيلاً بالقضاء على بوكو حرام".
مخابئ للإرهابيين والمختطفين
يحاول الجيش منذ عدة أشهر التغطية على الاتهامات الموجهة إليه بشأن انتهاك حقوق الإنسان بالحديث عن تمكنه من استعادة مناطق كانت تسيطر عليها بوكو حرام. لكن لم يكن تحقيق هذه النجاحات ممكناً إلا من خلال التعاون مع قوة متعددة الجنسيات مكونة من جنود من تشاد والنيجر والكاميرون. ولا توجد أرقام رسمية عن عدد الذين ألقي القبض عليهم أو قتلتهم هذه القوة المشتركة. لهذا السبب يرجح أن الكثير من مقاتلي بوكو حرام انسحبوا عن هذه المناطق وتواروا عن الأنظار، وتقدر منظمة العفو الدولية عددهم بـ15 ألف، لا سيما أنه توجد الكثير من الأماكن المناسبة لاختبائهم في شمال نيجيريا وفي البلدان المجاورة لها.
مكافحة الأسباب
مثل هذه التكهنات منتشرة في نيجيريا ودائماً ما تكون مدار حديث السكان حتى أدق التفاصيل. لكن هذه النقاشات لا تتطرق إلى مسألة أسباب نشوء العنف في البلد. كيف يمكن لمجموعة صغيرة جداً أن تنجح في جعل أكبر قوة اقتصادية إفريقية في خوف وجزع دائمين؟
عن هذا التساؤل تقول سايا شتوريس:" تجند بوكو حرام اتباعها والمقاتلين في صفوفها في منطقة مهمشة، تفتقر إلى وجود المؤسسات والبنى الحكومية. وإذا لم تتخذ الدولة أي إجراءات لتغيير وضع المنطقة، فإن سيصعب السيطرة على بوكو حرام والحد من تهديدها". وتضيف شتوريس بأن مكافحة البطالة بين الشباب، وهي على رأس أولويات الرئيس الجديد، يمكن أن تغير من واقع هذه المنطقة المهمشة.
لكن يبقى من غير المعروف بعد كيف يمكن تقديم المساعدة للضحايا، ففي الوقت الراهن لا يجري مثلاً إشراك الضحايا في الجدل القائم حول السماح بإجهاض المختطفات اللواتي حملن بعد الاعتداء عليهن جنسياً من مختطفيهن. لم يؤخذ رأي الضحايا المعنيات بهذا الأمر بعد.
ولا يوجد أي جدول زمني ينظم عودة مليون ونصف المليون نازح إلى قراهم ومدنهم في شمال نيجيريا وكيف يمكن أن يُمول ذلك. في مايو/ أيار الماضي أعلن حاكم ولاية بورنو كاشيم النيجيرية كاشيم شيتيما أنه إعادة إعمار البنى التحتية المدمرة يكلف لوحدة ما يعادل 18.3 مليون يورو.