هل ألمانيا بحاجة إلى مفوض خاص لمحاربة الاسلاموفوبيا؟
٢ أبريل ٢٠١٩
دعا رئيس المجلس الأعلى للمسلمين في ألمانيا أيمن مزيك إلى تعيين "مفوض خاص من طرف الحكومة الألمانية لمكافحة ظاهرة العداء للمسلمين والاسلاموفوبيا في المجتمع الألماني". ونقلت صحيفة "أوسنا بروكر تسايتونغ" الالمانية أقوال مزيك الذي أكد على أن هناك نوعا من المشاعر الكامنة "المعادية للمسلمين من قبل البعض في ألمانيا".
ورأى مزيك أن مسألة العداء للمسلمين "تقابل بنوع من اللامبالاة في المجتمع" وأنها لا تلقى الأهمية المطلوبة، وهو ما يظهر أهمية وجود مفوض خاص من قبل الحكومة الألمانية يكون من واجبه التحاور مع المجتمع، ورصد أية اعتداءات على المسلمين. وذكر مزيك أن ومن واجب هذا المفوض الخاص أيضا أن يبلغ الجمهور الأمني بالتقارير الاعلامية، وأن يعزز التثقيف السياسي المجتمعي فيما يخص قضايا الاعتداء على المسلمين.
تكرار الاعتداءات وأهمية القرار
وعن مسوغات هذا القرار يرى عبد الصمد اليزيدي الأمين العام للمجلس الأعلى للمسلمين في حوار DW عربية أن كثرة الاعتداءات على المسلمين التي تشهدها المدن الألمانية توضح أهمية الدعوة لتعيين مفوض خاص. ويقول "هناك تحول في الاعتداءات على المسلمين في ألمانيا من لفظي إلى جسدي، وهو ما يثير القلق لدينا". ويستشهد اليزيدي بحادثة الاعتداء على سيدة محجبة حامل في برلين في أواخر مارس / آذار قائلا: "لمثل هذه الاعتداءات وغيرها يجب أن يدق ناقوس الخطر".
وكانت وزارة الداخلية الألمانية قد أعلنت أن هناك تراجعا في الاعتداءات على المسلمين والمساجد في ألمانيا في عام 2018 ، ووفقا للوكالة الفرنسية للأنباء التي نقلت الخبر ذكرت الوزارة أن عدد الاعتداءات على اللاجئين بلغ 813 اعتداء في 2018، ليسجل انخفاضا واضحا عن عام 2017 الذي سجل 950 اعتداء.
بيد أنه بالرغم من هذه الاحصائية يرى اليزيدي أن الرقم ما زال مرتفعا جدا. وشدد الأمين العام للمجلس على أن هناك العديد من الجرائم ضد المسلمين في ألمانيا والتي تظل مخفية. وأوضح اليزيدي أن ما حدث في كرايستشيرش كان من أحد الدوافع التي دعت إلى المطالبة بتعيين مفوض خاص، بيد أن الاعتداءات في ألمانيا كانت موجودة من قبل ذلك بكثير وهي مستمرة.
وكان أيمن مزيك قد ربط في حواره مع صحيفة "أوسنا بروكر تسايتونغ" الألمانية بين تراجع الاعتداءات على المسلمين وبين تراجع قدوم المهاجرين إلى ألمانيا، وقال إن بعض المتطرفين يربطون بشكل تلقائي بين المسلمين في ألمانيا وبين اللاجئين والمهاجرين، هو أمر أعتبره رئيس المجلس الاعلى للمسلمين بأنه غير صحيح.
دعوة غير مجدية
بيد أن دعوة مزيك لم تقابل بنفس الحماس لدى الكاتب والباحث في الشؤون الاسلامية رالف غضبان، حيث اعتبر في حوار مع DW عربية أن دعوة مزيك لتعيين مفوض خاص بالمسلمين "غير مجدية"، وأوضح "هناك قانون لمكافحة التمييز في ألمانيا وهو يعنى بمحاربة مظاهر عدم المساواة في المجتمع الألماني. ويرى غضبان أن هذا القانون كاف للمسلمين ويجب أن يعولوا عليه، ويوضح "دعوة مزيك سيكون لديها نتائج على المجتمع الألماني بحيث قد تحاول كل جماعة أو أقلية أن يكون لها مفوض خاص للدفاع عن مصالحها وهو أمر صعب تطبيقه".
بيد أن اليزيدي يقول بأن الحالة في ألمانيا تختلف، "فهناك عداء واضح من قبل المجموعات المتطرفة ضد المسلمين في ألمانيا". ويرى بأنه واجب على الدولة ،إذا رأت أن هناك محاولة للاعتداء على أحد من رعايها، أن تقف بحزم في هذه الأمور وتدافع عنهم. ويقول: "نحن جزء من المجتمع الألماني، ولقد رأت الدولة أنه من المناسب أن يكون هناك مفوض خاص من طرفها من أجل مكافحة السامية في المجتمع، والوضع هنا أيضا متشابه".
ويرى اليزيدي أن المجلس الأعلى لمسلمي ألمانيا وقف منذ البداية ضد الاعتداءات على اليهود، وضد معاداة السامية، ويوضح أن "معاداة السامية أمر لا يمكن قبوله في المجتمع، كذلك مهاجمة المسلمين والتحريض عليهم هو أمر غير مقبول". ويتابع "نحن نرفض أن يتعرض أي جزء من المجتمع الألماني للتهديد يهود أو مسلمين أو سود أو نساء أو حتى مثليين".
وعينت ألمانيا في العام الماضي مفوضا للإشراف على جهود مكافحة معاداة السامية، كما أطلقت الحكومة موقعا إلكترونيا خاصا لتوثيق جرائم معاداة السامية. ويدير هذا الموقع الاتحاد الألماني لمواقع البحث والمعلومات بشأن العداء للسامية في ألمانيا.
"تجريم نقد الاسلام"
ويرى الباحث غضبان أن الحوار في المجتمع هو أساس الاندماج والتفهم، ويقول: "في ألمانيا تسود ظاهرة حرية الأفكار والحديث، وهذا المفوض قد يشكل نوعا من تقييد الأفكار". ويعتقد الكاتب والباحث في الشؤون الاسلامية أن دعوة مزيك تذهب في اتجاه مختلف ويقول "لسنوات استخدمت جمعيات إسلامية مصطلح الإسلاموفوبيا في كل مكان وبكثرة، هناك أناس يريدون مساواة الاسلاموفوبيا بالعنصرية، هم يريدون أن يجعلوا من انتقاد الاسلام محظورا، ولكن هذا هو أساس الديموقراطية أن تبقى حرية الانتقاد وحرية الحوار متاحة".
بيد أن اليزيدي طالب في الوقت نفسه بالتفرقة بين حرية الرأي وبين التحريض، ويقول: "يجب أن تكون حرية الكلام متاحة، كما أنه من الواجب تحمل الانتقاد من الآخر. هذا ما ندعوا اليه، بيد أن هناك فرقا كبيرا بين من ينتقد بعقلانية وبالحجة والبينة وبين من يتعرض للناس ويهاجمهم ويحرض عليهم".
الكاتب: علاء جمعة