هل تقدم قمة لندن طوق النجاة لاقتصاد العالم؟
٢٥ مارس ٢٠٠٩يلتقي قادة أكبر 20 اقتصادا في العالم في قمة طارئة بالعاصمة البريطانية لندن في الثاني من نيسان/ أبريل المقبل في وقت تتنامى فيه مشاعر الإحباط والعجز في مواجهة تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية. كما تأتي هذه القمة في ظل مؤشرات ضعيفة على إمكانية اتفاق الدول الكبرى على تنحية خلافاتها بشأن سبل مواجهة الركود العالمي جانبا. ومن أخطر التهديدات الاقتصادية، التي تعقد قمة العشرين في ظلها، تنامي الغضب الشعبي من جشع مسئولي البنوك والمؤسسات المالية الأمريكية الذين يحصلون على مكافآت بملايين الدولارات. في حين تضخ الحكومات أموال دافعي الضرائب في هذه البنوك والمؤسسات لإنقاذها من الإفلاس.
لذلك فإن قادة مجموعة الدول العشرين الذين سيجتمعون بأحد المراكز التجارية الجديدة على ضفاف نهر التايمز، يواجهون ضغوطا قوية من أجل التوصل إلى اتفاق حول إستراتيجية منسقة ومناسبة لإخراج الاقتصاد العالمي من أسوأ أزمة يتعرض لها منذ الحرب العالمية الثانية. وفي الوقت نفسه يطمح المجتمعون إلى تفادي الوقوع في فخ الحمائية التجارية. وكان البنك الدولي ذكر الأسبوع الماضي أن 17 من بين دول مجموعة العشرين بدأت فرض قيود تجارية من أجل حماية صناعاتها المتعثرة.
هل تساعد القمة في الوصول إلى "العقد العالمي الجديد"؟
وتثير هذه العوامل كافة الشكوك في قدرة قمة لندن على الخروج بمقترحات ملموسة متفق عليها من أجل الوصول إلى ما أطلق عليه رئيس الوزراء البريطاني جوردون براون -مضيف القمة- اسم "العقد العالمي الجديد". وتنتسب هذه التسمية إلى "العقد الجديد" الذي أطلقه الرئيس الأمريكي الراحل فرانكلين روزفلت لإخراج الاقتصاد الأمريكي من أزمة الكساد الكبير في ثلاثينيات القرن العشرين.
ورغم الاتفاق على نطاق واسع على ضرورة تشديد القواعد المنظمة للقطاع المالي العالمي وزيادة التمويل المتاح للمؤسسات المالية الدولية وبخاصة صندوق النقد الدولي، تعارض أوروبا ضخ المزيد من الأموال العامة في الأسواق. مما يعرقل إمكانية اتفاق القمة على خطة لزيادة الإنفاق العام لحفز النمو الاقتصادي.
وتشهد قمة مجموعة العشرين في لندن الأسبوع المقبل أول ظهور للرئيس الأمريكي باراك أوباما على الصعيد العالمي في مناسبة بهذا المستوى. وياتي هذا في وقت ظهر فيه التوتر جليا بين واشنطن والاتحاد الأوروبي بشأن الحاجة إلى ضخ المزيد من الأموال الحكومية في شرايين الاقتصاد لتعزيز النمو العالمي. وهو ما سيشكل أول اختبار كبير للقدرات الدبلوماسية للرئيس الأمريكي، بعد أن طرحت إدارته سلسلة من الخطط الرامية إلى تنظيم القطاع المالي على المدى الطويل. وفي هذا السياق، يقول كارستن ريزسكي المحلل الاقتصادي في مجموعة (آي.إن.جي) المصرفية: "سيجدون حلا عالميا لنظام إدارة القطاع المالي لكنني أشك كثيرا في إمكانية توصلهم لاتفاق بشأن مزيد من إجراءات التحفيز الاقتصادي".
المؤشرات تؤكد أن الاقتصاد لم يصل بعد إلى نهاية المنحدر
وفي الوقت نفسه، تؤكد كافة المؤشرات أن الاقتصاد لم يصل بعد إلى نهاية الانحدار المتمثلة في البيانات الاقتصادية الكارثية وانهيار طلبات الشراء لدى الشركات وتسريح آلاف العمال وتدهور الطلب على السلع في أسواق العالم. ولا تبدو الأزمة المالية في طريقها إلى النهاية قريبا، فأسواق الائتمان مازالت راكدة والبنوك الكبرى مازالت تواجه خطر الإفلاس، والدول النامية مازالت تعاني من خروج المستثمرين الأجانب.
وقد أعلن صندوق النقد الدولي الأسبوع الماضي توقعات شديدة التشاؤم بشأن الاقتصاد العالمي الذي ينتظر أن يسجل انكماشاً بمعدل 1 بالمائة من إجمالي الناتج المحلي، وهو الانكماش الأسوأ منذ نهاية الحرب العالمية الثانية. وحذر الصندوق من اشتداد حدة الركود الاقتصادي واستمراره إذا لم تتمكن الحكومات من إيجاد طريقة لاستعادة استقرار النظام المالي.
مجموعة دول العشرين مازالت منتدى غير رسمي
يذكر أن مجموعة الدول العشرين الكبرى قد انطلقت كمنتدى لوزراء المالية ومحافظي البنوك المركزية في أكبر 20 دولة في العالم، من حيث حجم الاقتصاد عام 1999 لمناقشة القضايا الرئيسية للاقتصاد العالمي من خلال تجمع يضم الدول الصناعية المتقدمة والدول الصاعدة. وتضم المجموعة إلى جانب الولايات المتحدة وبريطانيا كل من كندا وفرنسا وألمانيا وإندونيسيا والصين والأرجنتين وكوريا الجنوبية والسعودية وجنوب إفريقيا وتركيا والهند واليابان والبرازيل وإيطاليا وروسيا وكوريا الجنوبية والمكسيك إلى جانب جمهورية التشيك كونها الرئيس الحالي للاتحاد الأوروبي.
واستضافت ألمانيا أول اجتماع لهذه المجموعة في كانون أول/ ديسمبر 1999، حيث تقاسم رئاسة الجلسات وزيرا مالية ألمانيا وكندا. وعلى الرغم من مرور 10 سنوات على انطلاق المجموعة، فهي مازالت منتدى غير رسمي لتشجيع المناقشات الحرة والبناءة بين الدول الصناعية والدول الصاعدة بشأن كل ما يتعلق باستقرار الاقتصاد العالمي.
(س.ك/ع.غ /د.ب.أ)