هل يعتبر حزب البديل مشاركا في المسؤولية عن الهجوم في هاله؟
١٩ أكتوبر ٢٠١٩موجة غضب ضد اليمينيين الشعبويين المنتمين إلى حزب البديل من أجل ألمانيا، شهدها البرلمان الألماني (البوندستاغ) الخميس الماضي. فقبل أن يبدأ النقاش الفعلي في جلسة البرلمان حول "معاداة السامية" استهل رئيس البوندستاغ فولفغانغ شويبله كلمته بتعبير شديد اللهجة، قال فيه إن حزب البديل من أجل ألمانيا يلعب على وتر "الإقصاء"، من خلال تغريداته على تويتر. تلك التغريدات التي جاءت ردا على هجوم على كنيس يهودي في مدينة هاله. وأكد شويبله أنه أمر أصبح "لا يطاق"، مضيفاً أن من يقوم بمثل ما يفعله حزب البديل سيكون واقفا خارج "التوافق الأساسي" للبرلمان.
وفي لهجة واضحة وصريحة عبر سياسيون آخرون عن استيائهم . وتحدث رئيس الكتلة البرلمانية للحزب الاشتراكي الديموقراطي، رولف موتزينيتش عن النواب الذين نشروا "تعليقات مثيرة للاشمئزاز" على ضحيتي الهجوم وذكر أنه يمكن أن يكون مرتكب الجريمة قد تصرف من تلقاء نفسه، "لكنه استمد دوافعه من نظام من التحريض والتعصب القومي والتطرف اليميني، و حزب البديل من أجل ألمانيا هو جزء من هذا النظام".
وسبب تلك الاتهامات هو قيام عضو حزب البديل من أجل ألمانيا شتيفان براندنر، وهو في الوقت نفسه رئيس لجنة الشؤون القانونية في البرلمان الألماني، بإعادة نشر تغريدة على موقع "تويتر"، يتسائل كاتبها الأصلي بلهجة غير إنسانية قائلاً: لماذا "تَسَكَّع" السياسيون بالشموع في المساجد والمعابد اليهودية، ما دام أن هناك ضحية ألمانية.
اتهام بالـ"تحريض الذهني"
يرى كثير من السياسيين أن حزب البديل من أجل ألمانيا هو"المحرض ذهنياً" لهجوم هاله الإرهابي. وفي منتصف هذا الأسبوع، قال نائب رئيس الحزب الاشتراكي الديمقراطي أولاف شولتس: "لا ينبغي أن يتظاهر حزب البديل من أجل ألمانيا وكأن لا علاقة له بكل هذا".
في يوم الأربعاء من الأسبوع الماضي، حاول شتيفان ب. المدجج بالسلاح الهجوم على المعبد اليهودي في مدينة هاله الألمانية لإحداث مذبحة هناك. وعندما فشل في ذلك، أطلق النار في محيط المعبد فقتل شخصين. واعترف بهذا الفعل وبدوافعه المعادية للسامية وكرهه الأجانب.
من الناحية القانونية، لا تقع مسؤولة هذا الهجوم على حزب البديل من أجل ألمانيا، ولكن أخلاقيا، يتحمل الحزب المسؤولية، كما يرى عدد من السياسيين الألمان.
على الحزب أن ينأي بنفسه عن اليمين المتطرف
المدير التنفيذي للحزب الديموقراطي الحر (الليبرالي) في البرلمان، ماركو بوشمان قال لـ DW بأن "الجاني كان يبحث عن "كبش فداء"، وهذا هو السبب في أن كل أولئك الذين يسعون علانية لخلق نظريات حول كبش الفداء يشاركون طبعا في تشجيع مثل هؤلاء الناس (مثل القاتل) في معتقداتهم". لذا يجب على حزب البديل من أجل ألمانيا بشكل واضح أن يهتم بوضع حدود مع المشهد اليميني المتطرف، لكن أشخاصاً مثل بيورن هوكه، من حزب البديل من أجل ألمانيا، لم يفعلوا ذلك، يضيف السياسي الليبرالي.
هناك أيضاً "تقاطعات" مع يسمى بـ"حركة الهوية"، التي تصنف من قبل هيئة حماية الدستور (الاستخبارات الداخلية الألمانية) على أنها حركة يمينية متطرفة. كما تخضع منظمة الحزب الشبابية لمراقبة هيئة حماية الدستور.
ولكن هل يتحمل حزب البديل من أجل ألمانيا مسؤولية هجوم هاله؟ تطرف مرتكب هجوم هاله كان واضحاً على الإنترنت من خلال زيارته لمواقع الألعاب المختلفة والمجموعات المتطرفة على الإنترنت. ومن هنا جاءت دوافعه. ولكن يبقى من غير تأكيد، ما إن كانت لديه صلة بحزب البديل من أجل ألمانيا.
كيمنتس ودعوة اليمين المتطرف للاقتتال
في حديثه لـ DW، قال هانس يوآخيم فونكه، الباحث في معاداة السامية واليمين المتطرف، إن حزب البديل من أجل ألمانيا هو "المحرض الذهني" بل وحتى هو "المسؤول عن تكوين مناخ معاد للسامية و ملئ بالاستياء". كما يرى "تواطؤ" حزب البديل من أجل ألمانيا في هجوم هاله، مشيراً إلى المسيرة الصامتة في مدينة كيمنتس صيف العام الماضي ردا على مقتل مواطن ألماني، والتي تواجد بها سياسيون من حزب البديل من أجل ألمانيا مع مثيري الشغب واليمينيين المتطرفين المعروفين، "كانت ملهمة ودعوة، دعوة للاقتتال ساهم من خلالها حزب البديل في تسخين الأجواء الاجتماعية".
رفض الاتهامات
دافعت العضوة بحزب البديل من أجل ألمانيا، بياتريكس فون شتورش، عن حزبها ضد الاتهمات الموجهة له وقالت في مقابلة مع DW: "من العبث إلقاء اللوم على حزب البديل من أجل ألمانيا في ظهور مثل هذه الأوساط (العنصرية)". وأوضحت فون شتورش أن الأرض الخصبة لمعاداة السامية يمثلها "اليساريون والدعاة الذين يشجبون دولة إسرائيل" ، حسب قولها.
الجدل داخل البرلمان الألماني كشف عن انقسامات عميقة. يعلو التصفيق، في كل مرة ينتقد فيها أحد الأعضاء حزب البديل من أجل ألمانيا. ويعم الصمت والتذمر والصراخ في صفوف أعضاء حزب البديل، في محاولة للدفاع عن النفس . في النهاية، يدعو وزير الداخلية، هورست زيهوفر، زعيم حزب البديل من أجل ألمانيا ألكساندر غولاند إلى النأي بنفسه عن إعادة التغريدة اللاإنسانية لزميله في الحزب. لكن غاولاند يرفض الطلب ويرد بلهجة غاضبة: "مادام أن أحد أعضاء الحكومة يستطيع القول إن حزب البديل من أجل ألمانيا هو الذراع السياسي للإرهاب اليميني، فلن أعتذر".
في حين أن زميله براندنر نفسه كان رد فعله مختلفًا، وهو الذي أغضبت إعادة تغريدته الكثير من البرلمانيين. وبعد ساعات من النقاش في البرلمان حول معاداة السامية، اتجه براندنر نادما نحو المنصة وقال: "أنا آسف!"
فولكر فيتينغ/ إ.م