"واشنطن وبروكسل قادرتان على التأثير على حكومة نتانياهو للقبول بحلِ الدولتين"
١٩ مايو ٢٠٠٩خلال اللقاء الأول يوم (الاثنين 18 مايو/ أيار) بين الرئيس الأمريكي باراك أوباما ورئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو، جدّد أوباما تأكيده على تمسّكه بحلّ الدولتين وضرورة إيقاف بناء المستوطنات في الضفة الغربية. بيد أن هذه المطالب قوبلت بتحفظ من قبل نتانياهو، الذي فضّل التحدّث عن إمكانية التوصّل إلى "ترتيبات" تسمح للإسرائيليين والفلسطينيين بالعيش جنبا إلى جنب. وعلى الرّغم من أن نتانياهو أكد على رغبته في إحياء عملية السلام في المنطقة من خلال إبداء استعداده لإجراء مفاوضات فورا مع الفلسطينيين، إلاّ أنّه تجنب مرّة أخرى الحديث عن قيام دولة فلسطينية وعن حلّ الدولتين.
"حل الدولتين هو الخيار الوحيد المتبقي"
ولمعرفة ما إذا كان أوباما سينجح في التأثير على مواقف بنيامين نتانياهو المتحفّظة من حلّ الدولتين والتقريب بين الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني، أجرى موقعنا لقاء مع البروفسور شتيفان شتيتر، أستاذ العلاقات الدولية ودراسات النزاعات في جامعة الجيش الألماني في مدينة ميونخ الألمانية. يقول شتيتر إن "الإدارة الأمريكية برئاسة الرئيس أوباما بصدد إعادة رسم السياسة الأمريكية الخارجية في منطقة الشرق الأوسط بأسرها". ويتابع الخبير الألماني إن هذه السياسة تهدف إلى التقارب مع الطرف العربي، مشيرا إلى أن أوباما يعتزم إجراء محادثات مع حلفائه في الشرق الأوسط على غرار الأردن ومصر وإلقاء خطاب في القاهرة في الرابع من شهر يونيو/ حزيران المقبل، بحيث من المنتظر أن يعلن عن تصوراته حول تطوّر الوضع في الشرق الأوسط. ولفت إلى أن التقارب الأمريكي العربي قد يؤدّي أيضا إلى التأثير على الطرفين الفلسطيني الإسرائيلي والتقريب بينهما. كما أكّد الخبير الألماني في العلاقات الدولية ودراسات النزاعات على أن الولايات المتّحدة والاتحاد الأوروبي من خلال علاقاتهما الطيّبة مع إسرائيل، قادران على التأثير على حكومة نتانياهو لقبول حلّ الدولتين، الذي هو الخيار الوحيد المتبقي لحلّ الصراع الفلسطيني الإسرائيلي بشكل سلمي.
محورية الدور الأمريكي والاروبي
وأشار الخبير الألماني إلى أن باراك أوباما يختلف عن الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش وكذلك عن الرئيس الأسبق بيل كلينتون في التعامل مع قضايا الشرق الأوسط، ذلك أن لكل منهم دوافعه الإيديولوجية، ففي الوقت الذي كان يحاول كلينتون حلّ الأزمات بطريقة سلمية، كانت اللغة العسكرية هي الطاغية في تعامل جورج بوش في عدد من القضايا في الشرق الأوسط، وعليه يرفض شتيتر مقارنة سياسات الرؤساء الأمريكيين مع بعضهم البعض. وشدّد على ضرورة إعطاء الفلسطينيين والإسرائيليين فرصة إجراء محادثات مباشرة بينهما لإحياء عملية السّلام المتعثّرة، دون فرض حلول من الخارج. ولفت الخبير الألماني في شؤون الشرق الأوسط إلى أنه يتعيّن على الولايات المتحدة، كقوّة لها ثقلها على الصّعيد السياسي العالمي، أن تقدّم اقتراحات وعروضا لكلا الطرفين لدفعهما إلى طاولة المفاوضات. ويرى شتيتر أن لغة التهديد والوعيد ليس من شأنها أن تحقّق الهدف المنشود. وأضاف أنه يتعيّن على المجتمع الدولي دعم كلّ الجهود الرامية إلى إحلال السّلام في منطقة الشرق الأوسط.
"فشل عملية السلام اسقط حكومات إسرائيلية كثيرة"
على صعيد آخر، يرى شتيترأن موقف نتانياهو المتحفّظ من حلّ الدولتين لا يعكس موقف الشعب الإسرائيلي بأسره ولا يعكس مواقف كل الأحزاب والتيارات السياسية في إسرائيل. وتوقع أنه في حال عدم تغيير نتانياهو لموقفه هذا وفي حال عدم إحراز أي تقدّم في عملية السلام في المنطقة، فإن ذلك قد يؤدّي إلى حلّ حكومته الائتلافية قبل انتهاء مدّتها، مشيرا إلى فشل الحكومات الإسرائيلية خلال النصف الثاني من التسعينات في البقاء في الحكم طيلة الفترة المقرّرة لها، كان بسبب تعثر عملية السلام مع الفلسطينيين.
ورفض بروفسور العلاقات الدولية ربط تعثر عملية السلام بشخص نتانياهو، مذكرا بمواقف الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة خلال الخمسة عشر سنة الماضية منذ اتفاقية أوسلو، يمينية كانت أو يسارية، لاسيما مواقف تلك الحكومات من بناء المستوطنات وتوسيعها. وعليه، يأمل شتيتر من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في إتباع سياسة الحوار مع الحكومة الإسرائيلية.
"النووي الإيراني لن يكون ورقة ضغط على نتانياهو"
وفي الوقت الذي يتوقّع فيه بعض المراقبين أن يستعمل أوباما ورقة إيران للتأثير على موقف نتانياهو، ذلك أن هذا الأخير يعدّ من ضمن من يرى في الملف النووي الإيراني تهديدا واضحا لأمن وبقاء إسرائيل وبالتالي الموضوع الأكثر إلحاحا على أجندة المحادثات الأمريكية الإسرائيلية، فإن الخبير الألماني يستبعد لجوء الإدارة الأمريكية إلى الملف النووي الإيراني كأداة ضغط على الحكومة الإسرائيلية. وعلّل الخبير الألماني هذه الرؤية بأن الطّموحات النووية الإيرانية تشكّل تهديدا ليس لأمن إسرائيل فحسب، وإنّما أيضا لأمن واستقرار البلدان العربية في المنطقة، مشيرا إلى أن معالجة هذه القضية لا يصب في مصلحة إسرائيل فحسب بل والطرف العربي أيضا. فكلاهما يرى في التسلّح النووي الإيراني قضية يتعين حلّها في القريب العاجل. وأخيرا يشدد الخبير الألماني على أن لغة الحوار والدبلوماسية هي الخيار الأفضل لجميع الأطراف، مشدّدا على أن سياسية الحوار من شأنها معالجة النقاط الرئيسية العالقة في قضية الشرق الأوسط.
الكاتبة: شمس العياري
تحرير: عبده جميل المخلافي