وجهة نظر: هل تشهد ألمانيا أكثر الانتخابات مللا على الإطلاق؟
٢٤ سبتمبر ٢٠١٧لم تحسم نتائج الانتخابات الألمانية بالطبع، إذ أن مراكز الاقتراع ستغلق أبوابها في السادسة مساء اليوم الأحد (24 من أيلول/سبتمبر 2017) وكل ما نعتقد أننا ندركه حتى الآن، يستند على استطلاعات للرأي. وللتذكرة، فقد خلدنا للنوم في أوروبا مرتين خلال العام الماضي وفي أذهاننا نتائج استطلاعات للرأي موثوق بها، لنستيقظ مرة على البريكسيت والأخرى على فوز دونالد ترامب.
لن يكون الأمر هذه المرة بهذا السوء، فالفارق كبير في الأصوات المتوقعة بين الاتحاد المسيحي بقيادة أنغيلا ميركل، والاشتراكيين الديمقراطيين، كما لو كان على المرء توقع وصول رئيس حكومة جديد لسدة الحكم في ألمانيا. ومن جهتها قررت أسواق المال بغطرستها الاستثنائية، أن الحال سيبقى على ما هو عليه، أو بعبارة أخرى سيبقى مستقرا. هذا ما قرره برضا رجال البورصة دون اهتمام بالباقي، على الأقل من الناحية التجارية.
ائتلاف حكومي ثلاثي قريبا؟
وإذا كان رجال البورصة يرون الحقائق بوضوح فلعلهم أدركوا بسهولة، أن هذه الانتخابات أيضا لن تمكن أي حزب من الحكم بمفرده. كما أن أنغيلا ميركل أيضا ليست بهذه القوة، فالدخول في ائتلاف يعني أن عليها التخلي عن مواقفها في العديد من النقاط وقبول ما لا تحب. ففي الدورة التشريعية الأخيرة فرض الحزب الاشتراكي الديمقراطي موقفه فيما يخص قضية الحد الأدنى للأجور. وربما تشهد الفترة التشريعية المقبلة، التخلي عن الفحم الحجري كما يرغب الخضر، أو سن قانون خاص بالهجرة كما يرغب الديمقراطيون الأحرار؛ على عكس رغبة الاتحاد المسيحي. وربما يتعين على ميركل قبول الأمرين سويا حال لم يتمكن التحالف المسيحي من تشكيل ائتلاف موسع مع حزب واحد فقط، ما يعني أن فرص التخطيط ستقل تزامنا مع ارتفاع في فرص حدوث خلافات.
ستسمح نتائج الانتخابات على الأرجح بتشكيل ائتلاف موسع مع الحزب الاشتراكي الديمقراطي، لكن الاشتراكيين الديمقراطيين ليس لديهم الرغبة في مواصل العمل داخل حكومة بقيادة الاتحاد الديمقراطي المسيحي، لأن التجربة أثبتت أن هذا يفقدهم أصوات الناخبين. السؤال المطروح الآن يتركز على الأصوات التي سيحصل عليها الاشتراكيون، فإذ حصل الحزب الاشتراكي الديمقراطي على أقل من 25 بالمائة، فإن هذا سيعني جلوسه على مقاعد المعارضة. أما إذا جاءت النتائج تحت حاجز الـ 20 بالمائة، فربما نشهد غد استقالة مارتين شولتس من رئاسة الحزب، الذي بلغت نسبة التأييد لحزبه عندما تولى رئاسته، نحو 30 بالمائة. ويعني تراجع هذه النسبة إلى ما دون الـ20 بالمائة، دراما حقيقية على الساحة السياسية.
من أجل توحيد صف المجتمع
كل هذا يأتي في نطاق التقاليد الديمقراطية الألمانية، لكن هناك مسألة أخرى مهمة في هذه الانتخابات، تتعلق تحديدا بعدد من نسوا التاريخ من الناخبات والناخبين الألمان. فليس كل شخص ينتخب حزب البديل من أجل ألمانيا، هو يميني متطرف أو عنصري، لكن كل من ينتخب هذا الحزب، يجب أن يدرك لمن يعطي صوته. لن يستطيع اليمين الشعبوي الفوز بالانتخابات ولن يرغب أي حزب في الحكم معه. قوة هذا التيار تعني في السياسة الخارجية، إساءة لسمعة ألمانيا، فيما عدا ذلك ليس له أي أهمية بالنسبة لباقي دول العالم. في الوقت نفسه سيواصل اليمين الشعبوي التأثير على السياسة الداخلية، ما يعني أنه سيشارك، قليلا أو كثيرا، في اتخاذ القرار فيما يخص مسار السياسة الداخلية في ألمانيا. سيظهر عدد الأصوات التي سيحصل عليها حزب البديل من أجل ألمانيا، حجم الانقسام في المجتمع الألماني. وبالتالي حجم المهمة الملقاة على عاتق الحكومة المقبلة، التي عليها ضمان وحدة المجتمع من أجل ألمانيا حديثة ومنفتحة داخل القارة الأوروبية. نجاح هذا الأمر يعتمد تركيبة البرلمان المقبل وبالتالي الحكومة المرتقبة، وهذا بالتحديد ما سيقرره الألمان اليوم. إنه لأمر مثير.
داغمار إنغل