ألمانيا تبحث عن السبب بعد صدمة القتل العشوائي في إحدى المدارس
١٢ مارس ٢٠٠٩لم يفق أهالي بلدة فينيندن بعد من حالة الصدمة والهلع التي أصابتهم صباح أمس (11 مارس)، بعد أن دخل مراهق في السابعة عشرة من عمره مدرسته السابقة وأطلق النار عشوائياً على من حوله. حصدت رصاصات تيم ك. حياة خمسة عشر شخصاً، معظمهم فتيات ومعلمات، قبل أن يقتل في النهاية نفسه. أما السؤال الذي يشغل الجميع غداة ارتكاب الجريمة هو: لماذا؟ ماذا يدفع مراهقا إلى ارتكاب جريمة كهذه؟
اللافت للنظر هي السهولة التي حصل المراهق من خلالها على سلاح الجريمة: فوالده يمتلك عدة أسلحة مرخصة، وهذه الأسلحة من المفروض أن تكون في خزانة محكمة الإقفال. غير أن سلاح الجريمة كان موضوعاً في غرفة نوم الوالدين، وكان من السهل على الفتى تيم أن يأخذه. ولذلك تقوم الشرطة بالتحقيق مع الأب بتهمة انتهاك قانون حيازة السلاح في ألمانيا والإهمال في حفظ سلاحه.
البحث عن أجوبة
ويرى الباحث الاجتماعي الألماني رولاند إكرت أنه ليس من الضروري أن يكون هناك دافع معين وراء ارتكاب مثل هذه الجرائم. ويقول إكرت في تصريح لوكالة الأنباء الألمانية إن هناك من يشعر "بالانجذاب نحو فكرة أن يكون هو سيد الحياة والموت"، مضيفاً أن من يحمل في نفسه "هذه الهوة العميقة يغدو كالقنبلة المتحركة".
أما مدير معهد أبحاث المخ في جامعة بريمن غيرهارد روت فيوجه أصابع الاتهام إلى المتخصصين النفسيين في المدارس الذين لا ينتبهون في الوقت المناسب إلى المراهقين الذين يمرون بمشكلات نفسية، لا سيما أولئك الذين ينزوون أو يتقوقعون على أنفسهم، منبهاً في الوقت ذاته إلى أن عدداً كبيراً من وظائف المتخصصين النفسيين في المدارس قد أُلغي في السنوات السابقة.
ويرى روت أنه يجب الأخذ بعين الاعتبار أيضاً عامل التقليد، فالجاني في هذه الحالات يستعد شهوراً طويلة للقيام بفعلته، غير أنه يحتاج إلى شيء ما يدفعه إلى تجاوز الحاجز النفسي الذي يمنع كل إنسان من القيام بأعمال عنف. ويشير روت في هذا الصدد إلى أن الجاني ربما يكون قد اتخذ الحادث الذي وقع قبلها بيوم في الولايات المتحدة نموذجاً له.
من ناحية أخرى أرجع عدد من المتخصصين النفسيين في ألمانيا الحادث إلى ما أسموه التمييز الذي يتعرض إليه الصبيان في المدارس، ورأوا أن النظام التعليمي في ألمانيا يحابي الفتيات على حساب الفتيان، مما يوقع الفتيان في أزمة نفسية عميقة.
ألعاب الكمبيوتر: تنفيس أم تحريض؟
وتشير الشرطة أيضاً إلى ألعاب الكمبيوتر العنيفة التي عثرت عليها في جهاز تيم ك. ويعتقد بعض علماء النفس أن تلك الألعاب تساعد في التغلب على الحاجز النفسي الطبيعي الموجود لدى الإنسان فيما يتعلق بالعنف والقتل. غير أن الدكتور أحمد عبد الله، أستاذ الطب النفسي بجامعة الزقازيق، يعتبر تلك النقطة جدالية للغاية. فهناك من يرى أن تلك الألعاب تعمل على تفريغ شحنة العنف لدى الشخص، وهناك من يرى أنها تشجع على القيام بأعمال عنف. ويشير الباحث المصري إلى عدم وجود أبحاث موثقة في هذا المجال، وحسب رأيه فقد تكون تلك الألعاب محفزة على القيام بالجريمة، ولكنها ليست سبباً لتنفيذها.
سمات مشتركة
ولكن، وبعيداً عن جريمة فينيندن، يبدو أن هناك سمات مشتركة بين معظم من يقوم بتلك الجرائم. ويرى الدكتور أحمد عبد الله أن المراهق في تلك الحالات هو غالباً شخص يعاني من ضغوط نفسية قبل الحادث ومن مشكلات في التواصل مع محيطه. وعادةً ما تكون الشبكة الاجتماعية المحيطة به ضعيفة. ويرى الباحث النفسي أن هناك حالة اغتراب عالية لدى المراهقين، خصوصاً في دول العالم المتقدم، وأن هذه الحالة تُشعر صاحبها أن حياته تخلو من المعنى، معتبراً أن التقدم التكنولوجي أدى في بعض الحالات إلى تقطع الصلات بين البشر.
الكاتب: سمير جريس
المراجع: هيثم عبد العظيم