أيرلندا: استقبال لاجئين بين الترحيب وشعار "البلاد ممتلئة"
٤ فبراير ٢٠٢٣تخطط إيرلندا لاستقبال نحو 80 ألف مهاجر وطالب لجوء جديد في عام 2023، بحسب ما صرح وزير الاندماج الأيرلندي، جو أوبراين في، مقابلة أجريت معه مؤخراً.
أوبراين النائب عن حزب الخضر، والذي عيّن بمنصبه في كانون الأول/ديسمبر 2022، وعمل لسنوات في مجالات الاندماج والهجرة ورعاية المتشردين، أشار بمقابلة مع صحيفة "آيرش إندبندنت" إلى أن بلاده التي استقبلت العام الماضي 83814 وافداً جديداً، 70% منهم قدموا من أوكرانيا، لذا من "الحكمة" التخطيط لاستقبال نفس العدد تقريباً بالعام 2023. وقال أوبراين: "لا أعتقد أننا يجب أن نخطط وكأن الحرب ستنتهي هذا العام، بل أعتقد أنه يجب التخطيط ضمن سيناريو استمرار الحرب، فبالنظر للطريقة التي يتصرف بها بوتين، من غير المرجح أن يتراجع عن تهجير الأوكرانيين من بلادهم وقتلهم وتدمير أوكرانيا".
الأمر ليس سهلاً
لكن بالوقت نفسه، أطلقت الحكومة الأيرلندية حملة إعلامية تطلب من المهاجرين، باستثناء الفارين من أوكرانيا، عدم القدوم إلى أيرلندا؛ إذ وفق تقارير في العديد من وسائل الإعلام الأيرلندية، يكافح النظام لاستيعاب الأعداد الوافدة، بينما لا يزال بعض المهاجرين يسكنون في الخيام والفنادق، الأمر الذي يحتج عليه أصحاب الفنادق بإيرلندا، الذين نقلت عنهم صحيفة "آيرش تايمز" أنهم يأملون في إلغاء إسكان المهاجرين وطالبي اللجوء تدريجياً بفنادقهم بحلول آذار/ مارس أو أيار/مايو 2023، عندما تنتهي مدة العقود مع الحكومة، حتى يتمكنوا من إعادة فتح منشآتهم أمام السياح في موسم الصيف.
ففي مطلع كانون الثاني/ يناير 2023 كانت الفنادق والنُزل تأوي نحو 14 ألف لاجئ وطالب لجوء عبر عقود مع الحكومة، لذلك وبحسب الرئيس التنفيذي لشركة ITIC الأيرلندية لصناعة السياحة، إيوغان أومارا والش، فإن "الكثير من الفنادق ستقرر عدم تجديد عقودها مع الحكومة"، مضيفاً أن العديد من العقارات "غير مناسبة لإسكان اللاجئين لفترة طويلة، لذا على الحكومة وضع خطة شاملة للتعامل مع الأمر بسرعة كبيرة".
وأضاف والش لـ"آيرش تايمز" أنه "على الرغم من أن الحكومة قد تغطي الإقامة في الفنادق، إلا أنه كان من الصعب على الفعاليات والأعمال الأخرى التي تعيش على السياحة كالبارات والمطاعم على سبيل المثال البقاء على قيد الحياة، حيث يميل السائحون إلى إنفاق أكثر من طالبي اللجوء".
"إيرلندا ممتلئة"
في أواخر كانون الثاني/ يناير 2023 تظاهر في دبلن ما لا يقل عن 350 شخص ضد المهاجرين، وحملوا لافتات كتب عليها "أيرلندا ممتلئة".
وذكرت صحيفة الغارديان البريطانية أن المتظاهرين رددوا عبارات مثل "أيرلندا للأيرلنديين" و"الأرواح الأيرلندية مهمة"، وعبر متظاهر عن غضبه قائلًا: "هذه ليست عنصرية، لكن لا مكان للمهاجرين هنا.. لماذا للمهاجرين أولوية بقائمة الإسكان عن الشعب الإيرلندي؟ لن أقبل بهذا!".
ولقي المتظاهرون تشجيعاً من السياسي البريطاني اليميني نايجل فاراج الذي غرد: "الإيرلنديون يتحدثون علانية وينزلون إلى الشوارع معترضين على العدد الهائل لطالبي اللجوء الشباب".
وفق ملاشي ستينسون أحد منظمي المظاهرات، يعتقد المتظاهرون أنهم "يحركون الأرضية السياسية في أيرلندا، ويتحدثون علانية عن الهجرة بخلاف ما كان عليه الحال فيما مضى".
رغم ذلك الخطاب الكبير، لم تنجح التظاهرات سوى باستقطاب 350 شخص فقط، بينما نظّم احتجاجٌ مضاد في مكان قريب للترويج لقيم التنوع، شارك فيه نحو 300 شخص أيضاً.
وغرد رئيس المفوضية الأممية لحقوق الإنسان، بأيرلندا إندا أونيل، قائلاً إن النظام يبدو أنه "يتفكك بسرعة" وأن طالبي اللجوء قد ينتهي بهم الأمر "بلا مأوى ومعوزين" ما لم يتم فعل شيء ما، داعياً إلى "تدخل عاجل على أعلى المستويات الحكومية، إذا أردنا تغيير هذا الوضع".
ما دوافع احتجاج الإيرلنديين؟
لطالما قدمت أيرلندا نفسها كبلدٍ مرحّب ومفتوح للمهاجرين، ويرجع ذلك بشكلٍ كبير إلى تاريخ الهجرة الخاص بها. فعلى مر القرون، هاجر مئات الآلاف من الأيرلنديين إلى جميع أنحاء العالم، في الغالب إلى الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وأستراليا ونيوزيلندا، وغالباً كان ذلك هرباً من الظروف الاقتصادية الصعبة، وبحثاً عن فرص العمل.
لكن في الآونة الأخيرة، ومثل العديد من البلدان الأخرى، تواجه أيرلندا تراجعاً اقتصادياً وارتفاعاً في تكلفة المعيشة، لذا وبحسب الغارديان: "سلطت أزمة السكن والتشرد الحادتين وسعي الحكومة لاستيعاب الأوكرانيين وطالبي اللجوء الضوء على المشكلة، ما أدى لبروز اتهامات بأن الأجانب يتلقون معاملة تفضيلية".
وتأوي أيرلندا في الوقت الحالي نحو 73 ألف مهاجر، 54 ألف منهم من أوكرانيا، و19 ألف من دولٍ أخرى، لكن هذا الرقم تضاعف 10 مرات تقريباً منذ العام 2021، ما جعل الحكومة تكافح لإيجاد سكن مناسب مع العديد من مراكز طالبي اللجوء وملاجئ الطوارئ الممتلئة.
كما زعم بعض المتظاهرين أن وجود اللاجئين يجعلهم يشعرون "بعدم الأمان"، إذ قال أحد المتظاهرين إن بناته الخمس "أصبحن يخشين الخروج ليلاً"، بسبب أعداد الشبان الكبيرة الذين يتجولون بالشوارع، وهذا خطير برأيه.
"المطلوب: تدخل من أعلى مستوى"
من جهته اعترف وزير المساواة والاحتياجات الخاصة والاندماج والشباب الايرلندي، رودريك أوكورمان، بأن مراكز الإيواء تمتلئ في غضون أيام، وقال أوكورمان لموقع "Extra.ie" إن أحدث مركز في دبلن، اسمه "سيتي ويست"، سيتم "ملؤه في غضون أيام" ومن المحتمل أن يتم إغلاقه أمام الوافدين الجدد لأسابيع بعد ذلك، وأضاف أوكورمان أنه سيتعين على الحكومة إعطاء الأولوية للعائلات التي لديها أطفال والأشخاص ذوي الإعاقة عندما يتعلق الأمر بالعثور على سكن مناسب، بينما أعلنت الحكومة أنها ستقدم "قسائم طعام لطالبي اللجوء الآخرين، وسيتم الاتصال بهم عندما تصبح الإقامة متاحة".
وقال الوزير إنه يأمل في توفير أماكن إقامة جديدة في منتصف شباط/ فبراير، لكن قد تحدث مشكلة جديدة بحال رفضت بعض الفنادق تجديد عقودها مع الحكومة، التي ستنتهي بالربيع، معلناً عن بناء الدولة لنحو 200 بناء من المساكن جديدة بمثابة "وحدات نموذجية" ستوفر أسرة لنحو 800 شخص بدءً من عيد الفصح الذي يحل بالربيع.
وعلق رئيس المفوضية الأممية لحقوق الإنسان بأيرلندا إندا أونيل: "في الوقت الحالي، يبدو أن التدخل العاجل فقط من أعلى مستوى عبر الحكومة الوطنية والمحلية سيمنع أعداد كبيرة من الناس من أن يصبحوا بلا مأوى".
إيما واليس/ر.ج