إتفاق وقف إطلاق النار بين صنعاء والحوثيين – رغبة حقيقية في السلام أم تكتيك مرحلي؟
١٢ فبراير ٢٠١٠بعد دخول وقف إطلاق النار بين الحكومة اليمنية والحوثيين اعتبارا من الساعات الأولى ليوم الجمعة حيز التنفيذ، أعلنت مصادر عسكرية أن الحوثيين أطلقوا النار على مسؤول بوزارة الداخلية اليمنية وقتلوا جنديا وأصابوا سبعة آخرين في انتهاك للهدنة. وقال محمد عبدالله القوسي وكيل وزارة الداخلية لقطاع الأمن، والذي أطلق متمردون النار على سيارته، لوكالة رويترز، إن بعض الخروقات قد وقعت حيث لم يعرف كل المتمردين بوقف إطلاق النار "لكن الهدنة مازالت قائمة".
ولم يصدر بعد أي تعليق من جانب الحوثيين على الاتهامات الحكومية لهم بخرق أتفاق وقف إطلاق النار. والسؤال الذي يتبادر إلى الذهن هو هل سيصمد وقف إطلاق النار وهل ستكون "الحرب السادسة" بين الحكومة اليمنية والحوثيين هي الحرب الأخيرة أم أن الأمر لا يعدو أن يكون مجرد استراحة تكتيكية؟
"صنعاء تسعى لكسب مزيد من الوقت"
في هذا السياق يشكك الصحفي والمحلل السياسي ألألماني، ألبريشت ميتسغر في حوار خاص مع دويتشه فيله، في فرص صمود اتفاق وقف إطلاق النار لوقت طويل. ولفت إلى أن عدد من الاتفاقات المشابهة التي وقعت بين الطرفين منذ عام 2004، وهو تاريخ اندلاع النزاع لأول مرة في محافظة صعدة، بشمال اليمن.
ويرى ميتسغر أن الحكومة المركزية استغلت حاليا ضعف حركة التمرد، التي وجدت نفسها محاصرة مابين الجيش اليمني من جهة والقوات السعودية من جهة أخرى. ويعتقد الصحفي الألماني أن صنعاء، التي تواجه أيضا في الجنوب مساعي انفصالية بالإضافة إلى تنظيم القاعدة، الذي زرع خلايا في البلاد، تسعى لتهدئة جبهة النزاع في شمال البلاد؛ وهي الجبهة التي "تستنزف قوى وإمكانيات الجيش اليمني".
ويتوقع المحلل السياسي الألماني أن يكون وراء اتفاق وقف إطلاق النار مع حركة التمرد الحوثي "حسابات سياسية وأمنية"، واصفا إياه بأنه "مجرد تكتيك سياسي"، ترمي من ورائه الحكومة كسب مزيد من الوقت وتنسيق جهودها في فرض سيطرة تامة على البلاد. ولا يستبعد ميتسغير خرق اتفاق وقف إطلاق النار مجددا، متوقعا أن تبادر صنعاء إلى خرق الهدنة، لأنها ـ أي الحكومة اليمنية "تسعى إلى إتباع سياسة المراحل لحل المشاكل"، لافتا إلى أنها قد تعود مجددا "لتصفية حساباتها مع المتمردين الحوثيين".
ضغوط أمريكية متزايدة لمكافحة الإرهاب
ويرى ميتسغر أن الحكومة اليمنية تواجه "ضغوط أمريكية متزايدة لتكثيف الجهود بهدف مكافحة الإرهاب"، مؤكدا أن المتمردين الحوثيين لا يشكلون ـ في نظر واشنطن ـ نفس الخطر الذي يشكله تنظيم القاعدة في اليمن، على العكس منذ ذلك تعتبر الحكومة اليمنية التمرد الحوثي "خطرا أكبر"، كما يقول ميتسغر.
على صعيد آخر، يرى بعض المراقبين أن الحكومة اليمنية قد فشلت في حشد الدعم الدولي ضد الحوثيين، من خلال الربط بينهم وبين "تنظيم القاعدة وحزب الله اللبناني وإيران". ويبدو أن المحاولة الفاشلة لتنفيذ عملية إرهابية داخل أراضي الولايات المتحدة من قبل الشاب النيجيري عمر عبد المطلب، والذي أفاد خلال التحقيق أنه قد تلقى تدريبات في اليمن، قد غيرت من أولويات واشنطن وبالتالي أيضا أولويات صنعاء.
(أ.ف.ب / رويترز / شمس العياري)
مراجعة: عبده المخلافي