استعداداًً للألعاب الاولمبية..."بكين أضحت أشبه بحصن أمني منيع"
٦ أغسطس ٢٠٠٨اعتبرت مصادر صينية مسؤولة الهجوم الذي وقع في منطقة كاشغار بإقليم شينغيانغ في شمال شرق البلاد يوم الاثنين الماضي وأودى بحياة 16 شرطياً، بأنه هجوم مبنيٌ على خلفية إرهابية. وبات السؤال الذي يدور في خلد الكثيرين حالياً هو ما إذا كانت العاصمة الصينية بكين ستتعرض لعمل مشابه أثناء فترة الألعاب الأولمبية.
وفي حديث له لصحيفة "ستريتس تايمز" السنغافورية الناطقة بالإنكليزية، حذر روهان غوناراتنا، أحد أشهر الباحثين في مجال الإرهاب في سنغافورة، من خطر الإرهاب كونه " أكثر التهديدات خطراً على الألعاب الأولمبية"؛ فقد ذكر غوناراتنا أربع جماعات تعتبرها اللجنة الأولمبية الأمنية في بكين بأنها تشكل تهديداً مباشراً للأولمبياد، وهي تنظيم القاعدة، الحركة الإسلامية التركستانية الشرقية، منظمة تحرير التبت وجماعة فالون غونغ. وبالنسبة لغوناراتنا فإن الحركة الإسلامية التركستانية الشرقية هي أخطر تلك الجماعات على الإطلاق. يشار هنا أن صحيفة "شاينا ديلي" الصينية حملت الحركة مسؤولية هجوم الاثنين الماضي.
"بكين أشبه بالحصن المنيع""
ولدى سؤال موقع دويتشه فيله لبعض المراقبين السياسيين، حذر هؤلاء من المغالاة في التخوف من خطر محتمل يحدق بالألعاب الأولمبية في بكين. فحسب رأي شي أو غو، الباحث في قضايا شرق آسيا، فإن "بكين في الوقت الحاضر أشبه ما تكون بالحصن المنيع، ولذلك فإن خطر وقوع هجوم يعتبر ضئيل نسبياً"، فالجريمة المنظمة والهجمات الانتحارية والإرهابية ـ في رأي الخبير الصيني ـ مستبعدة تماماً، وهو ما تؤكده هجمات الجماعات الإرهابية الأخيرة والتي تتخذ من الصين، عدا العاصمة بكين، مسرحاً لعملياتها.
وكما يوضح مارتين فاغينر، المتخصص في دراسة العنف في شرق آسيا في جامعة ترير الألمانية، فإن الصين أنشأت في بكين "دولة أمنية بكل ما تعنيه الكلمة". ويشير فاغينر إلى أن الحكومة الصينية جندت لتأمين الألعاب الأولمبية 34 ألف جندي من جيش التحرير الشعبي وأكثر من 110 آلاف شرطي، مع الأخذ بعين الاعتبار الطائرات الحربية والحوامات والسفن، ويضاف إلى ذلك كله نحو 300 ألف كاميرا مراقبة و 1.4 مليون متطوع لضمان أمن الأولمبياد. وهذا من شأنه ـ حسب فاغينر ـ أن يجعل محاولات تهريب متفجرات إلى مواقع حساسة في بكين من الصعوبة بمكان.
ويرى غو بأن هجوم شينغيانغ الأخير لا يمكن اعتباره خروجاً عن المألوف، خاصةً وأن المنطقة هناك تشهد منذ سنوات هجمات مشابهة على رجال الشرطة والمؤسسات الحكومية، ولكن غالباً لا تجتاز تلك الأخبار الحدود الصينية. وكما يتوقع غو فإن الهجمات ستستمر في تلك المنطقة حتى بعد انتهاء الألعاب الأولمبية، "لأن الألعاب لن تحل سبب تلك المشاكل، بل على العكس تماماً، إذ لن تختفي المشاكل هناك بسبب الغياب المتنامي للعدالة الاجتماعية في الصين".
" بكين بحاجة إلى "شماعة الإرهاب الإسلاموي"
ويعتقد فاغينر أنه من الممكن أن تتخذ السلطات الصينية من عملية كاشغار ذريعة لها لتبرر احترازتها الأمنية الضخمة، التي قد تستخدمها بعد انتهاء الأولمبياد ضد المعارضين كالانفصاليين في شينغيانغ أو في التبت أو في مواجهة المتدينين من جماعة فالون غونغ. ويرى فاغينير أيضاً أن ساسة الصين لا يستطيعون تسويق عنفهم دولياً ضد الانفصاليين أو منظمات حقوق الإنسان، لذلك فهم بحاجة إلى شماعة "الإرهاب الإسلاموي".
وعلى ما يبدو فإن الحكومة الصينية تحاول أن تفرض تعتيما إعلاميا على الرأي العام كما تشير الإجراءات التي فرضتها الحكومة بعد هجوم كاشغار. فحسب ما أفاد صحفي في وكالة الأنباء الفرنسية الإخبارية، فإن الحصول على معلومات حول الحادث من مصدر مستقل كان في غاية الصعوبة. كما أن السلطات المحلية حجبت في اليوم نفسه شبكة الإنترنت، فعلى ما يبدو حاولت الشرطة جاهدة منع أي تسريب للنبأ قد يخالف الروايات الرسمية. كما اقتحمت الشرطة غرفة مصور من وكالة الأنباء الفرنسية في الفندق، وأجبرته على مسح كل الصور التي التقطها من مكان الهجوم.
وفقاً لوكالة الأنباء أسوشيتد بريس، فقد تم اعتقال صحفيين يابانيين كانا يريدان تغطية الهجوم إعلامياً، وقال أحدهما وهو الصحفي شينجي كاتسوتا بأنه تعرض للصفع عدة مرات.