العالم في سباق مع الزمن للحد من تفشي مرض انفلونزا الطيور
١٨ يناير ٢٠٠٦بينما تتواصل الجهود الدولية لمحاصرة مرض انفلونزا الطيور، يواصل الوباء اقتحامه للحدود مهددا العالم بكارثة محققة. ففي الوقت الذي تعقد فيه الدول المانحة والمنظمات الدولية وموفدون من مختلف دول العالم مؤتمرا دوليا في العاصمة الصينية، يواصل المرض انتشاره في تلك المنطقة كما في تركيا، حيث يدق على أبواب القارة الأوروبية ويحدق بالمنطقة العربية، مهددا بالانتشار في كل الاتجاهات سواء بواسطة الطيور المهاجرة التي لا تعترف بالحدود السياسية والجغرافيا أو من خلال طير مخفي في حقيبة احد المسافرين أو ما شابه ذلك. المرض تسبب حتى الآن في مقتل عدد من البشر في جنوب شرق أسيا وتركيا، وما زال يحصد يوميا مزيدا من الأرواح وذلك من خلال انتقال العدوى من الطيور الى البشر. لكن الخطورة تكمن، حسب رأي الخبراء، في تطور الفيروس المعروف بـ "اتش 5 إن1" الى مرحلة يستطيع من خلالها الانتقال بين البشر أنفسهم، وهو ما سيشكل كارثة محققة حسب تقديرات الخبراء الذين يعتقدون ان ذلك مسألة وقت ليس الا. ويجمع الخبراء على ان المخرج الفعلي هو احتواء المرض ومحاصرته في مهده الأول في جنوب شرق آسيا للحيلولة دون انتقاله الى أماكن أخرى.
مؤتمر بكين للدول المانحة
هناك في جنوب شرق أسيا، حيث مهد المرض الأول، ينعقد حاليا مؤتمر دولي في بكين برعاية منظمة الصحة العالمية ومشاركة كل من منظمة الزراعة والأغذية وكذلك البنك الدولي وذلك بغرض مكافحة خطر أنفلونزا الطيور ووقف انتشاره. ويأمل المؤتمرون، الذي يمثلون 87 بلدا، بتوفير الدعم المادي للدول الفقيرة لمساعدتها على مكافحة الخطر الذي إذا ما انتشر فانه لن يفرق حينها بين الدول الفقيرة والغنية وسيهدد البشرية بكاملها. وفي هذا السياق حذر مسؤول من منظمة الصحة العالمية من خطورة انتشار الوباء على المستوى العالمي. من جانبه قال يوسف ديمنيش، المسؤل في منظمة الزراعة والأغذية (الفاو) بان "الوضع جد خطير ويبعث على القلق"، مشيرا بصفة أساسية الى اقتراب المرض من الجزء الغربي من العالم أكثر فأكثر، ومحذرا من انه إذا لم تحشد الجهود بسرعة فان التكاليف ستتضاعف في الأشهر القليلة القادمة. الجدير بالذكر ان مؤتمر بكين هو ثاني اجتماع دولي من نوعه بهذا الحجم يخصص للتهديد الذي يمثله مرض انفلونزا الطيور على العالم حيث كان قد عقد مؤتمر دولي مشابه في نوفمبر/تشرين الثاني من العام الماضي في جنيف أقرت بموجبه خطة دولية لتنسيق الجهود الدولية ضد المرض.
ضرورة الدعم المالي والتعاون الفني
كان البنك الدولي قد طلب من الأسرة الدولية توفير مبلغ 1.5 مليار دولار لتكون في متناول الدول الفقيرة لمساعدتها على "تخطي مشكلة ذات بعد عالمي"، حسب تعبير احد الخبراء الامريكيين. ويقدر البنك الدولي ان تفشي المرض بصورة وبائية لمدة عام قد يكلف الاقتصاد العالمي ما يصل الى 800 مليار دولار. ممثلو المنظمات الدولية أعربوا عن قلقهم من عدم كفاية الأموال والدعم الفني وبالذات للدول الفقيرة. وهو ما وصفه ممثل منظمة الصحة العالمية بـ "عنق الزجاجة" مشيرا الى الحاجة الى الموارد لإنجاز المهام و خاصة في الدول النامية. وأضاف المسؤول "لا يكفي تقديم النصيحة الفنية بل تحتاج الدول المهددة بالمرض أيضا الى الحصول على إمكانيات لتنفيذها"، مؤكدا ان الأموال وحدها لن تكون كافية بطبيعة الحال لكن المؤكد إنها ضرورية. في هذا الصدد أعلن ان الاتحاد الأوروبي قرر رفع مساهمته التي وعد بها الى 1.2 مليار دولار لمساعدة الدول الفقيرة لمواجهة المرض.
ومن المتوقع أن يستخدم ما مقداره نصف المبلغ المقترح من قبل البنك الدولي في مشاريع في الدول الأكثر تضررا من الوباء مثل فيتنام وكمبوديا واندونيسيا وتايلاند ولاوس. ويتمثل احد أهم جوانب الاستراتيجية الدولية لمواجهة تهديد مرض انفلونزا الطيور في تكثيف التعاون والتنسيق بين الدول وبالذات الدول المتضررة والدول المانحة وبناء شبكة تبادل معلومات دولية تسمح بتنسيق الجهود. وسيخصص القسم الأكبر من الأموال التي ستجمع لهذا الغرض لبناء شبكة رصد وإنذار مبكر جيدة بما في ذلك في المناطق التي لم يصلها المرض بعد. وسيخصص القسم الأكبر من الأموال لبرامج التوعية والإرشاد ووقف انتشار العدوى وتعويض المزارعين المتضررين، وإقامة مخزونان من اللقاحات المضادة للفيروس بالإضافة الى تأهيل الكوادر البشرية والطبية العاملة في مجال مكافحة المرض.
دويتشه فيلله