المفوض الخاص لأفغانستان: الرجل المناسب في الظرف غير المناسب
٣١ مارس ٢٠١٢
على عكس سلفه، فإن ميشائيل كوخ (Michael Koch)، البالغ من العمر 56 عاما، معروف بالهدوء وباللباقة الدبلوماسية، التي شب عليها من المهد. انضم كوخ كنجل دبلوماسي ألماني في مدينة "كانساس سيتي" الأمريكية إلى السلك الدبلوماسي في عام 1986. وشغل مؤخراً منصب سفير في باكستان، وتولي قبل ذلك منصب رئيس الملحق السياسي في السفارة الألمانية في الهند. كوخ يتمتع بدارية كاملة بالمنطقة. ويقول يوهانس بفلوج (Johannes Pflug)، خبير الحزب الاشتراكي الديمقراطي (SPD) في شؤون أفغانستان وعضو لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الألماني عن ميشائيل كوخ "أنا متأكد من أن ميشائيل كوخ سيشغل هذا المنصب بشكل جيد". ويضيف " لم يكن فقط سفير في باكستان، ولكنها أدار عملية التخطيط الإستراتيجية لأفغانستان في وزارة الخارجية بين عامي 2004 و2008".
خبير بشعاب المنطقة
أفغانستان وباكستان ليست أولى الدول الآسيوية المعقدة الشعاب، التي يتولي فيها الدبلوماسي الألماني مهمته الدبلوماسية. ففي 1990 تم اعتماده كنائب سفير في واحدة من الدول الأكثر عزلة في القارة الآسيوية، في ميانمار (بورما). ولكن حينما حل ميشائيل كوخ، برزت قدرته الخاصة التي يتمتع بها." إنه قارئ نهم بمعنى الكلمة، إنه لا يقرأ الكتب والمجلات فقط، بل يحتفظ بمعظم ما يقرأ في ذاكرته"، هذا ما يقوله الخبير والسياسي بفلوج عن الدبلوماسي الألماني البارز وعن المفوض الخاص لأفغانستان الجديد. كوخ ذو الذاكرة الحديدية قد يتعين عليه تذكير الآخرين بأن مساعدات المجتمع الدولي ستسمر حتى بعد انسحاب القوات الدولية من الأراضي الأفغانية في عام 2014. فقد ساهم سلفه، ميشائيل شتاينر(Michael Steiner)، في نجاح مؤتمر أفغانستان في مدينة بون الألمانية وذلك عبر إعلان ألمانيا عن التزامها بتقديم المساعدات طويلة المدى لأفغانستان.
ظروف معقدة وتحديات كبيرة
يأتي كوخ ليشغل منصب خلفه في ظل ظروف مرحلية صعبة، فحركة طالبان تشعر الآن بقوة أكبر من أي وقت مضى بسبب التكهنات الجديدة حول انسحاب مبكر لقوات المساعدة الدولية لإرساء الأمن في أفغانستان (ايساف) وهي تدرك أن الوقت في صالحها. وفي الوقت نفسه بدأت في الولايات المتحدة الحملة الانتخابية، والتي سيكون لها تأثير مباشر على المفاوضات الجارية في أفغانستان، حسبما يعتقد العديد من المراقبين. ويقول بفلوج، الخبير في الشؤون الأفغانية "ميشائيل كوخ سيواجه في البداية صعوبة تكمن في انتخابات الرئاسة الأمريكية، التي ستعقد هذا العام. وخصوصاً وأن هناك متشددين داخل تجمع الديمقراطيين، الذين لا يرغبون في الوقت الراهن في إجراء أي مفاوضات مع طالبان". كما أن هناك إجماع داخل دوائر السياسة الخارجية الألمانية على أنه لا يمكن الخروج من المأزق الأفغاني عبر سلك الطرق العسكرية فقط، وأن إجراء المحادثات مع حركة طالبان حل دبلوماسي لا بديل عنه، كما يؤكد بفلوج.
ويوافقه في هذا الرأي أحمد رشيد، الصحافي الباكستاني والخبير بحركة طالبان. ويرى أحمد رشيد أن مهمة المفوض الخاص لأفغانستان يمكن أن تتمثل خلال الأشهر المقبلة في إزالة العقبات، التي تعوق المفاوضات. و يوضح الخبير بحركة طالبان " ستكون هناك الكثير من التحديات في الأشهر المقبلة ومن الوارد جداً أن يلجأ كل من الأمريكان وحركة طالبان إلى المساعدة الألمانية من أجل إحياء المفاوضات المتعثرة".
ألمانيا تمد جسور الحوار
ساهم سلف كوخ، الدبلوماسي ميشائيل شتاينر بشكل كبير في تفعيل المحادثات مع طالبان في دولة قطر العام الماضي. وقد حظيت ألمانيا بثقة كبيرة من جميع المشاركين. ولذا فإن حكومة كرزاي وطالبان وباكستان تثق بالألمان. ويحذر رشيد في ذات الوقت من أن يحاول الأمريكيون تهميش الألمان.
يتمتع ميشائيل كوخ نفسه بعلاقات جيدة مع الولايات المتحدة، فقد ترأس في تسعينات القرن الماضي فريق عمل منسيق العلاقات الألمانية الأمريكية، فيرنر فيدنفلد (Werner Weidenfeld). وقد يستطيع كوخ مواصلة لعب دور الوسيط ولكن على مستوى آخر. معظم الخبراء متفقون على أن إيجاد حل سياسي دائم لأفغانستان غير ممكن بدون مشاركة القوى الإقليمية الكبرى في المنطقة. ومن بين هذه القوى الهند وباكستان وأيضاً إيران. وعلى النقيض من ألمانيا فإن الولايات المتحدة لا تقيم حالياً أي علاقات دبلوماسية مع إيران ". ويرى أحمد رشيد أن " كوخ يمكن أن يربط الخيوط ببعضها". كما أن العلاقات الأمريكية الباكستانية قد شهدت تدهوراً منذ العملية العسكرية الأمريكية التي استهدفت زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن في مايو من العام الماضي. وكسفير سابق لدى باكستان فإن كوخ يستطيع أيضاً هنا بناء جسور بين الطرفين.
معارك دبلوماسية
في ظل هذه الظروف فإن الحاجة إلى مهارات ميشائيل كوخ التفاوضية ستطرأ إن آجلاً أم عاجلاً. ويقول أحمد رشيد " سوف تستمر ألمانيا في لعب دور مهم في عملية السلام. لقد تم تبادل العديد من الرسائل بين طالبان وحكومة الرئيس الأفغاني حامد كرزاي من خلال القنوات الألمانية". مما لا شك فيه بأن المفوض الخاص لأفغانستان سوف يلعب دوراً هاماً في المرحلة القادمة، التي ستشهد معارك دبلوماسية حامية الوطيس. أصبح كوخ بعد توليه منصبه الجديد واحداً من أهم الدبلوماسيين الألمان على الإطلاق، ولكن مهمته تعد أيضاً من أصعب المهام على الإطلاق.
اندرياس نول/ مي المهدي
مراجعة: هبة الله إسماعيل