الوجود العسكري الأمريكي في ألمانيا.. معلومات وحقائق
١٧ يونيو ٢٠٢٠لم يشكل الإعلان عن سحب جزء من القوات الأمريكية من ألمانيا مفاجأة لأحد. فمنذ سنة يهدد السفير الأمريكي السابق في ألمانيا، ريتشارد غرينيل، والرئيس الأمريكي دونالد ترامب في كل مرة "بمعاقبة" ألمانيا "التي تناست واجبها" والتي تصرف حسب وجهة نظر البيت الأبيض نفقات دفاعية قليلة. والحكومة الألمانية علمت رسميا بخبر الانسحاب في يوم نزول القرار، إذن يوم الاثنين (15 يونيو/ حزيران).
والحلفاء في حلف الناتو لم يتم إبلاغهم، كما يفيد على كل حال جواب من الأمين العام لحلف الناتو، ينس ستولتنبيرغ على سؤال من دويتشه فيله (DW) خلال مؤتمر صحفي الثلاثاء. "الأسبوع الماضي كان هذا عبارة عن تقرير غير مؤكد في الإعلام. والآن لدينا تأكيد"، قال ستولتنبيرغ.
لكن "كيف ومتى سيتم تنفيذ الكل، هذا مايزال غير واضح. وبالتالي من المهم أن نجري الآن في حلف الناتو حوارا حول ذلك"، كما اعتبر الأمين العام للحلف في بروكسل. علما بأن تكييف قوام القوات العسكرية ليس شيئا جديدا، بل هو أمر عادي. وإثارة ترامب للقرار طوال ثلاث دقائق يطرح عدة أسئلة نجيب فيما يلي على بعضها:
ما عدد الجنود الذين سيتم سحبهم من ألمانيا؟
الرئيس الأمريكي ترامب يتحدث عن 52.000 جندي أمريكي مرابطين حاليا في ألمانيا وهو يريد تخفيض هذا العدد إلى النصف، أي إلى 25.000 جندي. وفعلا يتمركز في ألمانيا حاليا حسب معطيات وزارة الدفاع الأمريكية 34.500 جندي وحوالي 17.000 موظف مدني للقوات الأمريكية. وبتقليص عدد الجنود إلى 25.000، سيتم سحب 9450.
ما هي وحدات الجيش الأمريكي المرابطة في ألمانيا؟
تدير الولايات المتحدة الأمريكية في رامشتاين قاعدة جوية كبيرة تُعتبر الباب الدوار للتدخلات في الشرق الأوسط وأفغانستان والعراق وأفريقيا. وفي لاندشتول تدير القوات الأمريكية مستشفى عسكريا كبيرا. وفي فيسبادن وشتوتغارت توجد مراكز قيادة للتدخلات في أفريقيا وأوروبا. وفي غرافينفور يوجد أكبر موقع تدريبات لحلف الناتو. وفي راينداليم يتمركز سرب طائرات F16. وهذه الوحدات هي جزء من البنية الدفاعية لحلف الناتو في أوروبا. ونقل هذه المؤسسات أو سحبها هو حسب وجهة نظر خبراء عسكريين ممكن، لكنه مكلف جدا.
لماذا تسحب الولايات المتحدة الأمريكية جزءا من قواتها؟
دونالد ترامب يتهم ألمانيا باستغلال بلاده ويصفها بأنها "أسوأ مستغل"، وهو لا يُخفي بأن الأمر يتعلق بعملية عقابية سياسية. "نقلص (عدد الجنود) إلى 25.000 ولننظر ماذا سيحصل"، يقول ترامب. ويوضح الرئيس الأمريكي بأن ألمانيا تحايلت طوال عقود على الولايات المتحدة في ملف التجارة وفائض صادراتها وشراء الغاز الطبيعي من روسيا. ويبدو أن هدف ترامب من خلال تقليص الوجود العسكري لبلاده في ألمانيا هو إرغام برلين على تغيير سياستها التجارية.
من يتحمل التبعات المالية لوجود القوات الأمريكية؟
داخل حلف الناتو ينطبق مبدأ أن تكاليف التمركز والتدخلات يدفعها البلد المرسل للقوات. فتكاليف الموظفين للقوات الأمريكية في جميع أنحاء أوروبا تأتي إذن من الميزانية العسكرية للولايات المتحدة الأمريكية. وفي 2019 صرفت الولايات المتحدة على ذلك نحو 30 مليار يورو. وهذا يطابق نحو 5 في المائة من الميزانية العامة لوزارة الدفاع. فادعاء ترامب بأن ألمانيا تدين للولايات المتحدة بمليارات الدولار على نشر الجنود هو خاطئ. فكل دولة عضو تدفع لوحداتها. فالجنود الألمان في أفغانستان مثلا يتم دفع أموالهم من الصندوق الألماني وليس من صندوق حلف الناتو.
هل يتم الالتزام بهدف اثنين في المائة للنفقات العسكرية؟
في 2014، أي قبل تولي الرئيس ترامب الرئاسة، التزمت دول حلف الناتو برفع نفقاتها الدفاعية إلى اثنين في المائة من ناتجها القومي في 2024. وألمانيا لن تصل إلى هذا الهدف في هذا التاريخ، بل ربما في 2031 لصرف اثنين في المائة لشؤون الدفاع. وحاليا تفي ثماني دول عضو في الناتوفقط بهدف اثنين في المائة. وغالبية الدول الأخرى هي في طريق جيد لتحقيق هذا الهدف، كما أعلن الأمين العام ستولتنبيرغ. فانتقاد الرئيس ترامب بأن ألمانيا ترفع ميزانيتها ببطء صحيح. لكن ألمانيا تصرف اليوم بعد الولايات المتحدة ثاني أعلى مبلغ في الحلف لميزانية دفاعها.
ومن الصعب إثارة مقارنات في النفقات الدفاعية داخل حلف الناتو، لأن كل دولة لها مهام أخرى ضمن ميزانيتها الدفاعية. وهذه المهام لا يجب أن تكون في علاقة مع حلف الناتو أو القوة القتالية العسكرية. فاليونان وتركيا لهما مثلا نسبيا نفقات عالية، لأنهما في مواجهة مستمرة بسبب نزاعات حدودية لا تنتهي.
وتباهى الرئيس ترامب بأنه عمل على أن تخصص دول أعضاء في حلف الناتو منذ 2016 نحو 140 مليار يورو أكثر في ميزانياتها. لكن الأمين العام للحلف شرح ذلك بشكل مختلف أثناء قمة الحلف الأخيرة في ديسمبر في لندن حين قال بأن الميزانيات ارتفعت فعلا بـ 140 مليار، لكن هذا الالتزام يعود لسنة 2014، أي قبل أن يصبح ترامب رئيسا. وسلفه باراك أوباما لم يشتك من الحلفاء الأوروبيين الذين يستفيدون من القوة العسكرية الأمريكية.
بيرند ريغرت/ م.أ.م