بعد مقتل قياداته، تنظيم القاعدة في العراق إلى أين؟
٢٦ أبريل ٢٠١٠أصيب تنظيم القاعدة الإرهابي في العراق بضربة قاصمة عام 2006 حين نجحت القوات الأمريكية في العراق بقتل زعيم التنظيم الأردني الأصل أبو مصعب الزرقاوي. إلا أن هذا التنظيم استعاد أنفاسه وتمكن من تنصيب قيادات جديدة، خلفا للزرقاوي، بايعها تنظيم القاعدة الأم وبشخص زعيمه أسامة بن لادن؛ وذلك على مواقع الانترنيت التي تنقل أخبار التنظيمات الإرهابية والمتشددة إلى كل أنحاء العالم.
" عدم الرضا عن الوضع السياسي يوفر مناخا ملائما للقاعدة"
ويذهب بعض الخبراء إلى أن القاعدة اعتادت أن تقوم برد فعل انتقامي سريع تجاه كل عمل يستهدفها. من هنا يمكن، برأي هؤلاء، تفسير التفجيرات التي ضربت بغداد يوم الجمعة الماضية. إلا أن يوست هيلترمان المتخصص بالشأن العراقي في مجموعة الأزمات الدولية ذهب، في لقاء مع دويتنشه فيله، إلى "أن من الصعب معرفة إن كانت الضربة الأخيرة قد أضعفت التنظيم أم لا؟". ويضيف هيلترمان بأن من المؤكد أن التنظيم "قد ضعف مرحليا بعد مقتل قياداته في عملية مشتركة نفذتها القوات العراقية والأمريكية".
ويتساءل الباحث المتخصص في الشأن العراقي فيما إذا كان بمقدور تنظيم القاعدة أن "يعيد ترتيب أوضاعه؟". هذا يعتمد إلى حد بعيد على "الأجواء التي يعمل فيها. فإذا كان هناك نوع من عدم الرضا عن العملية السياسية فإن ذلك "سيهيئ للقاعدة مناخا ملائما كي تعيد نشاطها، أما إذا التزمت أغلب الأحزاب بالعملية السياسية، ولم يستثن أي منها من هذه العملية فستكون البيئة معادية للقاعدة الأمر الذي سيزيد من ضعفها".
عمليات عسكرية لكن الشارع ما زال بعيدا عن الأمان
من جانب آخر، أعلنت الحكومة العراقية أن أكثر من 26 ألف عنصر من قوات الجيش والشرطة العراقية قد شرعوا في عملية عسكرية لتعقب العناصر المرتبطة بتنظيم القاعدة والجماعات المسلحة في مناطق غرب العراق. وتشمل العملية مناطق الرمادي وهيت وحديثة والقائم والفلوجة. كما تم الإعلان عن إطلاق عملية كبيرة أخرى في منطقة ديالى التي تشهد نشاطا ملحوظا للقاعدة.
وحسب وكالة الأنباء الألمانية (د ب أ) فقد سلم خمسة من عناصر تنظيم القاعدة أنفسهم للقوات العراقية اليوم الاثنين (26 نيسان/ أبريل 2010) في مدينة بعقوبة مركز محافظة ديالى. والمشار إليهم من المطلوبين للسلطات القضائية بسبب تورطهم في عمليات القتل والتهجير القسري.
وفي حديث مع دويتشه فيله شدد الباحث في شؤون مكافحة الإرهاب جاسم محمد على أن العمليات الانتقامية السريعة التي ينفذها تنظيم القاعدة في العراق" تفتقر إلى الدقة والتنظيم". من هنا فان طبيعة الأهداف التي تضربها هي "أهداف رخوة وسهلة ، لم تتجاوز الأسواق والتجمعات السكانية الكثيفة على خلفيات طائفية في الغالب". وحسب الباحث العراقي فإن هذه الأهداف "لا تعتبر مهمة من الناحية الإستراتيجية رغم أنها تسفر عن خسائر جسيمة بالأرواح".
ويرى المحلل السياسي واثق الهاشمي بأن الشارع العراقي فقد ثقته على ما يبدو بقدرات أجهزة الأمن. ويضيف الهاشمي في حديث مع دويتشه فيله بأن الوضع "قد يدعو إلى التشاؤم، إلا أن على العراقيين أن يتحلوا بروح التفاؤل لتخطي مشكلة تنظيم القاعدة الذي يهدد النسيج الاجتماعي وينذر بنشر المزيد من الخراب والدمار والقتل".
" لا مستقبل للقاعدة في العراق"
وأكد جاسم محمد، الباحث في شؤون مكافحة الإرهاب، على أن "لا مستقبل للقاعدة في العراق"؛ لكن هناك مجموعات مسلحة تعمل بوحيها وتستلهم أساليبها دون أن ترتبط بها مركزيا. وحسب رأيه فإن هذه المجموعات "هي التي تقف وراء التفجيرات والهجمات مشيرا إلى وجود علاقة وثيقة بين ضبابية المشهد السياسي وبين تدهور الوضع الأمني". إلا انه يستدرك قائلا بأن هذا الأمر "لا يعني أن العنف لن يتراجع في العراق مستقبلا".
وقارن الخبير العراقي في الختام بين نوع العمليات التي تشنها القاعدة في اليمن وأفغانستان وبين تلك التي تقوم بها في العراق، مشيرا إلى أن عملياتها في بلاد الرافدين تتسم، في كثير من الأحيان، بالعشوائية وتستهدف المدنيين العزل؛ وهذا بحد ذاته يعزلها عن حاضنتها الشعبية المحتملة ويفقدها حضورها.
الكاتب: ملهم الملائكة
مراجعة: أحمد حسو