بولندا تعتزم إصلاح علاقاتها مع الاتحاد الأوروبي وروسيا
٢٥ نوفمبر ٢٠٠٧أعلن رئيس الوزراء البولندي الجديد دونالد تاسك في أول خطاب له أمام البرلمان البولندي الجديد عن رغبة بلاده في إعادة بناء علاقتها مع الاتحاد الأوروبي وروسيا، وعن نيتها بالرغم من ذلك في سحب كافة قواتها البالغ قوامها 900 جندي من العراق بحلول نهاية عام 2008. وقال تاسك: "سوف نقوم بهذه العملية واضعين في الاعتبار أن التزامنا تجاه حليفتنا الولايات المتحدة قد تم الوفاء به وأكثر". كما أضاف أن الإجراءات اللوجستية والموعد سوف يتحددان بعد المشاورات مع الحلفاء وبينهم الولايات المتحدة الأمريكية، إلا أنه أكد أن عام 2008 سيكون العام الأخير للبعثة العسكرية البولندية في العراق.
وكشف تاسك خلال الحديث، الذي استمر لثلاث ساعات، عن برنامج طموح لخفض الضرائب وزيادة أجور المدرسين والعاملين بالرعاية الطبية وتعزيز الابتكار والعودة إلى المصالحة بعد عامين من النزاع السياسي. وأضاف في هذا الإطار: "الشعب البولندي يرغب في حكومة طبيعية في دولة طبيعية حيث يمكن للناس أن يعيشوا حياة طبيعية".
تاسك يريد تجديد علاقات الصداقة مع الاتحاد الأوروبي
كان حزب يمين الوسط المنبر المدني قد فاز بزعامة تاسك على حكومة المحافظين القوميين بقيادة حزب القانون والعدالة في الانتخابات المبكرة التي أجريت في 21 تشرين أول/أكتوبر الماضي. واتسم حكم الحكومة المحافظة السابقة بزيادة التوترات بين الجماعات السياسية واتهامات بالفساد واستغلال صلاحيات الحكومة والأزمات الملتهبة مع ألمانيا وروسيا ومؤسسات الاتحاد الأوروبي.
ولذلك يرى تاسك في فوزه تفويضاً بتجديد علاقات الصداقة مع الاتحاد الأوروبي حيث قال إنه يريد "إصلاح العلاقات" مع باقي أعضاء الاتحاد الأوروبي وبناء "علاقة استراتيجية" مع ألمانيا. وأضاف: "إننا جميعا نعرف أن العلاقات البولندية الألمانية حاسمة للطرفين.. أريد أن أكثف تعاوننا مع ألمانيا وفرنسا، فعندما تكون وارسو وباريس وبرلين على علاقة طيبة، فإنهم سيحققون مصالحهم بشكل جيد". مؤكداً على أن الاتحاد الأوروبي ينبغي أن يكون قوة عظمى، وأن بولندا لديها الحق والواجب في المساعدة في تشكيل سياسة الاتحاد الأوروبي وطموحاته.
وكدليل على استعداده للتعاون ، قال تاسك إن حكومته ستسعى لتفادي أي فرصة لقيام رئيس البلاد باستخدام حق النقض لعرقلة تمرير اتفاقية إصلاح الاتحاد. وكانت الحكومة البولندية السابقة تخشى أن يؤدي ميثاق الحقوق الأساسية، الذي تشمله الاتفاقية، إلى توسيع حقوق الشواذ والإجهاض وزيادة في مزاعم مطالبات الألمان الذين طردوا من بولندا بعد الحرب العالمية الثانية للحصول على تعويض. وكان الرئيس البولندي ليخ كاتشينسكي، الأخ التوأم لرئيس الوزراء المنتهية ولايته ياروسلاف ، قد هدد بمعارضة التصديق على المعاهدة إذا ما أضيف الميثاق إليها.
"تعاون بولندا مع الولايات المتحدة في إطار الاتحاد الأوروبي"
وفي الوقت الذي أصر فيه على الانسحاب من العراق ، شدد تاسك على أن بولندا ستبقى على قواتها العاملة ضمن بعثة حلف شمال الأطلنطي (ناتو) في أفغانستان والبالغ قوامها 1300 جندي. وقال إنها انعكاس للأهمية التي توليها بولندا لعملية ضمان الأمن الذي يوفره الناتو، مؤكداً أنه لا يجب النظر إلى الانسحاب من العراق على أنه علامة على تراجع التعاون مع الولايات المتحدة في الأمور الأخرى، وعلي الأخص الخطة الأمريكية المثيرة للجدل بشأن نشر جزء من الدرع الصاروخية الأمريكية في بولندا. وقال تاسك في هذا الإطار: "نحن ندرك الأهمية السياسية والعسكرية للدرع الصاروخي".
وكرر تاسك نداءات سابقة طالبت الولايات المتحدة بالمساهمة في تعزيز القدرات العسكرية البولندية في مقابل استضافة الدرع الصاروخية. وقال تاسك " في إطار الإتحاد الأوروبي، ستعمل بولندا على تعزيز العلاقات والتعاون مع الولايات المتحدة ، ولكن في نفس الوقت سنحاول وسنقنع الولايات المتحدة بضرورة تدعيم قدرات بولندا الدفاعية". وقد واجهت خطة الدرع الصاروخية انتقادات حادة من روسيا، التي جمدت مشاركتها في اتفاقية رئيسية للحد من التسلح احتجاجا على هذا الأمر.
وأصبحت العلاقة بين وارسو وموسكو سيئة أثناء تولي الإدارة البولندية السابقة، ولكن تاسك يبدو متفائلا بأن يتحسن الوضع. وقال تاسك "نحن نريد أن يظل الحوار مع روسيا على نفس المستوى ونحن سعداء لأن جارتنا الشرقية ترسل إشارات إيجابية، مؤكدة أنهم أيضا يتبنون نفس الرؤية". ولكن في الوقت الذي ألمح فيه أن حكومته قد تكون أكثر مرونة حيال مسألة خط أنبوب الغاز الألماني الروسي الذي كانت الحكومة السابقة تنظر إليه على أنه تهديد استراتيجى مباشر، دعا أيضا للمزيد من التعاون من شركاء الاتحاد الأوروبي حول قضية أمن الطاقة.