بيرليناله 2008: اهتمام بالموسيقى ومكان خاص للسياسة
٧ فبراير ٢٠٠٨في دورته الثامنة والخمسين التي أنطلقت ليلة أمس الخميس (7 فبراير/شباط) يقدم مهرجان برلين السينمائي الدولي "برليناله" لمشاهديه باقة كبيرة من الأفلام، تصل إلى أكثر من 400 فيلم. وكما جرت العادة، فقد حرصت اللجنة المشرفة على المهرجان على إرضاء شغف مشاهديه بالأفلام الوثائقية العالية الجودة والأفلام الجادة التي تطرح قضايا هامة. الأفلام السياسية احتلت هي الأخرى كما هو الحال في السنوات السابقة مكانا مميزا في المهرجان، إذ وصل أحدها إلى المسابقة الرسمية للمرة الأولى.
ويلقي المهرجان هذا العام نظرة خاصة على الأفلام المتعلقة بالموسيقى، كما يهتم سوق الفيلم الذي ينظمه المهرجان كل عام بقضية تحويل الأفلام إلى نسخ رقمية. ويحضر افتتاح المهرجان باقة من ألمع النجوم مثل فريق الرولنج ستونز وملكة البوب العالمية مادونا والنجمة الأمريكية الحائزة على الأوسكار جوليا روبرتس، والأسبانية بينولوبي كروز، بالإضافة إلى إيريك بانا وبن كينجزلي ودانيال داي لويس، والهندي شاه روخ خان.
اهتمام خاص بالموسيقى
ويولي مهرجان برلين هذا العام الموسيقى اهتماما خاصا، فقد اختار منظمو المهرجان أن يكون فيلم الافتتاح هو فيلم "أضئ نورا Shine a Light" للمخرج الكبير مارتن سكورسيزي، الذي يتناول فيه مشاهد من وراء الكواليس لفريق الروك اند رول الأسطوري رولنج ستونز. ومن بين الأفلام المعروضة في دورة هذا العام من المهرجان فيلم "هيفي ميتل في بغداد Heavy Metal in Baghdad ". ويتتبع الفيلم فرقة موسيقية عراقية تسمى أكراكيساودا في الفترة ما بين 2003 إلى 2006، أي بعد سقوط نظام صدام حسين. الفرقة هي الوحيدة في العراق التي تعزف موسيقى الهيفي ميتل، وهو نوع من الموسيقى الصاخبة التي تُعزف بالجيتارات الكهربائية، وتكافح الفرقة من أجل البقاء في ظل ظروف الحرب.
يعرض المهرجان أيضا فيلم "الحب والسلام وصندوق الإيقاعات Love, Peace and Beatbox "، وهو فيلم ألماني يتعرض لأحد مغنيي الهيب هوب الصاعدين في برلين، والصعوبات التي تعترض طريقه. ومن بين الأفلام المميزة في هذا المجال فيلم "الطفل المحارب War Child" الذي يعرض قصة مغني الراب السوداني امانويل جاي، والذي قضى طفولته كجندي في الحرب الأهلية السودانية والآن يهتم بكتابة أغاني الراب المحملة برسائل السلام.
ويقدم المهرجان فيلما تسجيليا عن حياة المغنية الشهيرة بيتي سميث، الفيلم الذي يدعى "حلم الحياة Patti Smith: Dream of Life" هو حصيلة ما صوره المخرج ستيفن سيبرنج مع المغنية خلال 11 عاما. كذلك يعرض المهرجان الفيلم الكوميدي "القذارة والحكمة Felth and Wisdom" وهو أول فيلم تخرجه مغنية البوب الشهيرة مادونا. وتدور أحداث الفيلم حول أحلام الأشخاص العاديين الذين يسعون للخلاص من حقارة الحياة اليومية.
سوق كبيرة للفيلم
ومن المتوقع أن يشهد سوق الفيلم، الذي يقام على هامش المهرجان إقبالا منقطع النظير هذا العام. مدير المهرجان ديتر كوسلك يرجع ذلك إلى اختلاف توقيت إقامة أسواق الفيلم الكبرى، إذ أصبح مهرجان برلين يقع بين أكبر سوقين للأفلام، وهما سوق مهرجان لوس أنجلس في الخريف وسوق مهرجان كان في الصيف. أما القضية الرئيسية التي تشغل المنتجين هذا العام فهي تزايد تحويل الأفلام إلى نسخة رقمية.
يُذكر أن قطاع السينما يعاني منذ فترة من ظاهرة تبادل الأفلام عن طريقة شبكة الانترنت، فوفقا لدراسة حديثة يخسر قطاع الفيلم الألماني 200 مليون يورو سنويا لهذا السبب، أي أكثر من ربع الربح السنوي الكلي.
مهرجان سينمائي سياسي
عُرف عن مهرجان برليناله اهتمامه الكبير بالأفلام ذات المضامين السياسية، حتى أصبح يطلق عليه أنه مهرجان سينمائي سياسي. ولعل عرض فيلم وثائقي أمريكي يدور حول فضيحة سجن أبو غريب في المسابقة الرسمية هو دليل على ذلك، إذ لم يسبق عرض فيلم وثائقي في المسابقة الرسمية من قبل.
المخرج الكبير كوستا جافراس المولود في اليونان والذي يترأس لجنة التحكيم لهذا العام يرى أن وظيفة المهرجان السينمائي بشكل عام هي تقديم أفلام اجتماعية سياسية وعدم الاكتفاء بأفلام الترفيه فقط. ويلاحظ كوستا جافراس في حوار له مع دويتشه فيله أن أكثر من فيلم سياسي تم إنتاجه في استوديوهات هوليوود مؤخرا، ويرجع ذلك إلى اهتمام كبار النجوم بالقضايا العالمية مثل العراق أو الإرهاب، مما دفع بشركات الإنتاج الكبرى إلى الاستجابة لرغبة النجوم وإنتاج أفلام سياسية حتى تضمن الشركات استمرار التعامل مع النجوم في أفلام أخرى.
ويتابع كوستا جافراس أن هذا وضع جديد، فقد كان المخرجين سابقا هم من باستطاعتهم الضغط على شركات الإنتاج لتقديم أفلام ذات محتوى سياسي. وفي النهاية يرى رئيس لجنة التحكيم لهذا العام أن وظيفة السينما هي الطرح الصحيح للقضايا الاجتماعية دون أن تجبر المشاهد على أن يتخذ موقفا بعينه، وإنما تترك له حرية التفكير والاختيار.