"تعرية بن لادن" ـ الفكاهة سلاح جديد لمحاربة الفكر القاعدي!
٧ أغسطس ٢٠١٠خوفا من الإرهاب الإسلاموي فرّ الصحفي الجزائري محمد سيفاوي من الجزائر عام 1999 إلى فرنسا. ومنذ ذلك الحين يحارب كإعلاميّ كل أنواع التطرف الإسلامي بطريقة موضوعية في أغلب الأحيان، وأحيانا بطريقة جدلية استفزازية.
هذه الطريقة الاستفزازية ظهرت في سلسلة الرسوم الهزلية الكرتونية التي نشرها مع الرسام فيليب بيروكوفيتش تحت عنوان "بن لادن عاريا"، والذي يوحي عنوانه الفرعي بـ"اغتيال القاعدة بالرسوم الهزلية الكرتونية".
وباستخدام سلاح الفكاهة والهزل يريد سيفاوي المسلم الديانة محاربة الإرهاب الذي ينشره الإسلاميون المتشددون وأن يُضحِك القرّاء بما يرهبهم عند الإسلامويين، مثل الكراهية والغباء والتطرف. ومن بين هذه الصفات لم يظهر ما يُسمى بالهاجس الجنسي على الرغم من أن هذه الخاصية تُعد من صفات بن لادن الرئيسية إلا أنه ليس الوحيد الذي يتصف بهذه الصفة.
بن لادن المهووس بممارسة الجنس
في الحبكة الروائية يتم القبض على مؤسس القاعدة - بعد أن ظهر عليه الشيب - على الحدود الباكستانية الأفغانية عام 2016 على يد أمريكان رسمهم الفنان رسوما كاريكاتورية غبية، وكان في السجن لا يفكر إلا في ممارسة الجنس. كما أن الجاسوس والجاسوسة التابعين لوكالة المخابرات المركزية "سي آي آيه" اللذين حققا مع الزعيم الإرهابي انتهي بهم المطاف إلى ممارسة الجنس. وفي أثناء جلسات التحقيق الطويلة تم تمثيل حياة مشاهير المسجونين، حيث قام الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون بتمثيل أحد الأدوار، ولكن الرسوم اقتصرت إلى حد كبير على خيانته الزوجية المشهورة.
هذه الاستفزازات الجنسية الوقحة تشكل النقيض الهزلي لطموحات سيفاوي، وتكشف عن صورة واقعية لحقبة هامة من حياة أمير القاعدة. لكن سيفاوي عجز عن تحقيق التوازن بين التوثيق والخيال الهزلي، وكان عجزه أكثر في صياغة النكتة.
أنماط ليست مضحكة
هذه النكتة تضاءلت في الربع الأول من الكتاب، حيث ظهر بن لادن كأبله مدلل (وهو في الواقع ليس كذلك) ومعه مال كثير (وهذه حقيقية، وكُتبت عنه في الغالب نكات قذرة لكنها قلّت أثناء السرد. هذا الشيء جعل الكتاب ممتعا إلى حد كبير على الرغم من أن مُراجع الكتاب لم يستطع أن يضحك من قلبه إلا مرة واحدة، وهذا لم يحقق الفكاهة التي أعلنها الكاتب في المقدمة. وهنا يلعن أحد خطباء الجهاد المسننين في هدوء من يريد التعامل مع أسامة ويصفه بالغباء ويتمنى له الموت.
وعندما تبرز الحقائق أثناء الرواية يصطدم القارئ في كل مكان بالأنماط المعادية للإسلام التي تبدو مضحكة. وقد يكون الوضع كذلك عند القرّاء الذين يرون في هذا برهانا لأحكامهم الغربية المُسبقة، مع العلم أن ورود هذه الأنماط جاء على سبيل القصد.
شخصيات لصوص من "ألف ليلة وليلة"
ويقوم الكاتب بالدعاية إلى المشاركة في الجهاد المعروف بتبشير من يلقى الشهادة بالثواب والجزاء في الآخرة. هذا الجزاء ليس حيلة مفتعلة وليس هو الدافع الأساسي للإرهابيين الذين لا يحركهم فقط التبشير بالحور العين في الآخرة. وهنا يتحدى سيفاوي، الاستفزازي، الـ"سيفاوي" الآخر، الذي يحارب الإرهاب بطريقة تنويرية ويقوم بالدعاية إلى الواقع عن طريق الرسوم الهزلية.
لكن الشخصيات المرسومة ظلت مستمرة رغم أنها مُستقاة من نبع الاستشراق الغربي الذي لا ينضب. وبالوجوه العابسة والأنوف الطويلة المقوسة والشفاه الغليظة واللحى الشعثة يذكرنا الإرهابيون المسلمون بشخصيات اللصوص في قصة "ألف ليلة وليلة". كما أن الشخصيات الأمريكية المرسومة برؤوس من الخرسانة قد تكون مسلية لمثل هذا الرسام الفرنسي الناقد للأمريكان. وربما يرجع السر في الإيرادات العالية التي حققتها مبيعات الكتاب في فرنسا إلى استخدام الرسوم لهذه الصور الأصلية. وقد تكون التلميحات التي اقتبسها من داخل فرنسا ساهمت أيضا في ذلك على الرغم من أنها لن تكون دائما مفهومة لدى القارئ الألماني.
يوسف كريترو/ عبد اللطيف شعيب
مراجعة: هشام العدم
حقوق النشر: قنطرة 2010
محمد سيفاوي: "تعرية ابن لادن"، اغتيال القاعدة بالرسوم الهزلية الكرتونية، بريشة الرسام فيليب بيروكوفيتش، دار النشر أيشهورن 2010