تقرير أممي يحمل القوات الدولية مسؤولية مقتل المئات من المدنيين الأفغان
١٨ فبراير ٢٠٠٩ارتفعت حصيلة الضحايا المدنيين في أفغانستان جرّاء الأعمال العسكرية بنسبة 40 بالمائة خلال العام الماضي، لتصل إلى 2118 قتيلا وهو ما يعد أعلى رقم منذ سقوط نظام طالبان في أواخر عام 2001، وذلك بحسب تقديرات الأمم المتحدة التي نشرت في كابول أمس الثلاثاء (17 فبراير/شباط). وتقول الأمم المتحدة إن القوات الدولية المتواجدة في أفغانستان بهدف إقرار الأمن والسلام في البلاد قد تسببت في مقتل 39 بالمائة من العدد الإجمالي للضحايا المدنيين الأفغان. وتلقي الأمم المتحدة باللوم في نصف أعداد القتلى أو أكثر قليلا على جماعات المتمردين. وجاء في التقرير السنوي للأمم المتحدة إن مقاتلي طالبان يتحملون مسئولية 55 في المائة أو 1160 شخصا من إجمالي عدد القتلى، في حين تسببت القوات الأفغانية والدولية في مقتل 828 مدنيا؛ أي 39 في المائة .
حلف الناتو يحمل طالبان المسؤولية
في حين يقدّر حلف شمال الأطلسي (ناتو) عدد الضحايا، الذين قتلوا على أيدي جنود القوات الدولية إيساف بـ97 شخصا فقط، بالإضافة إلى سقوط ما يقرب من 150 و 130 قتيلا تصادف وجودهم في مواقع عمليات "الحرية الدائمة " بقيادة الولايات المتحدة، فضلا عن 987 آخرين قتلوا على يد المسلحين. واتهم الحلف مقاتلي طالبان باستعمال المدنيين الأفغان كدروع بشرية وبالتالي التسبب في مقتل المئات منهم. وقال جيمس أباثوري، المتحدث باسم ناتو للصحفيين في بروكسل أمس الثلاثاء، إن طالبان ومعاونوها يتحملون مسئولية 80 في المائة من الخسائر في صفوف المدنيين. وأضاف "أنهم لم يقوموا بأي جهد على الإطلاق لتقليل هذا العدد، فهم (طالبان) يقاتلون ثم يتراجعون إلى المناطق المدنية، ويستخدم مقاتلوها دروعا بشرية، لذا، حتى إذا تسببت (ايساف) عن غير قصد في هذه الخسائر، فهناك سبب لذلك، وغالبا ما يكون السبب أن (طالبان) تعرض حياة المدنيين للخطر ". وقال أباتوراي "إن العمل على خفض حجم الخسائر في الأرواح بين صفوف المدنيين يمثل أولوية واضحة بالنسبة للناتو".
تنامي قلق الناتو من تفاقم الأوضاع في أفغانستان وباكستان
على الرغم من ذلك فإن ارتفاع عدد الضحايا المدنيين من شأنه أن يشكّل عقبة كبيرة أمام نجاح الناتو في كسب تأييد كبير من قبل غالبيّة الأفغان. من جهته، دقّ مركز قيادة حلف الناتو في بروكسيل أجراس الخطر إبّان إبرام السلطات الباكستانية في المنطقة القبليّة المتاخمة للحدود الأفغانية اتفاقا مع الجماعات الإسلامية المتشدّدة هناك بهدف السّماح بإنشاء محكمة تعتمد على الشريعة الإسلامية. في هذا الإطار أعرب المتحدّث باسم حلف الناتو جيمس أباتوراي عن قلقه تجاه هذا الاتفاق الذي يعكس في نظره تطوّرا خطيرا وكسب الإسلاميين المتشدّدين نفوذا في المنطقة المحاذية للحدود الأفغانية.
وعلى خلفية القلق المتنامي من الوضع في كلّ من أفغانستان وباكستان يعقد وزراء دفاع حلف الناتو اجتماعا في مدينة كراكوف البولندية خلال اليومين المقبلين (19 و20 فبراير/شباط). وستسبق هذه المحادثات غير الرسمية قمة حلف الناتو المزمع عقدها في مطلع نيسان /أبريل القادم بمناسبة الاحتفال بالذكرى الستين لتأسيس الحلف.
اجتماع الناتو لمراجعة مهامه العسكرية الدولية
هذا، ولا يتوقّع مراقبون تمخّض اجتماع كراكوف عن أي قرارات هامّة، ذلك أن الاجتماع سيتركّز على مراجعة مهام حلف الناتو في أفغانستان وكوسوفو. كما سيتباحث وزراء الدول الأعضاء احتمال تمديد عمليات مكافحة القرصنة قبالة السواحل الصومالية وتوثيق العلاقات مع جورجيا وأوكرانيا وكذلك العلاقات، التي يكتنفها الفتور، مع روسيا.
ويحضر الاجتماع مسئولون من 41 دولة تشترك في قوة إيساف وكذلك وزير الدفاع الأفغاني عبد الرحيم وارداك ومبعوث الأمم المتحدة الخاص بأفغانستان النرويجي كاي إيدي. وسيحاول الأمين العام لحلف الناتو ياب دي هوب شيفر تقديم إيضاحات حول ارتفاع عدد الضحايا المدنيين في أفغانستان. ومن المنتظر أن يطالب وزير الدفاع الأمريكي روبيرت غيتس أعضاء حلف الناتو بزيادة حجم قواتهم في أفغانستان بهدف إقرار الأمن في البلاد.
هذا، وكان الرئيس الأمريكي باراك أوباما، قد أعرب من قبل عن نيّته إرسال نحو 30 ألف جندي إضافي إلى أفغانستان. كما كانت الحكومة الألمانية قد أعلنت نيّتها إرسال كتيبة إضافية، تضم 600 جندي، بشكل مؤقّت وذلك بهدف المساعدة على إقرار الأمن أثناء الانتخابات الرئاسية الأفغانية المُقرر إجراؤها في 20 آب /أغسطس المقبل. يشار في هذا السياق إلى أن ألمانيا تعدّ ثالث أكبر المساهمين في قوة إيساف، بحيث يبلغ حجم قوتها نحو 3 آلاف جندي.