مؤتمر ميونيخ يؤكد على ضرورة اتباع استراتيجية أطلسية جديدة في أفغانستان
٨ فبراير ٢٠٠٩عرض الرئيس الأفغاني حميد كرزاي عقد مصالحة مع العناصر المعتدلة في حركة طالبان، مشيراً إلى أنه لابد من أن تشارك هذه العناصر في عملية المصالحة الوطنية. ووجه كرزاي، في كلمته أمام المشاركين في مؤتمر ميونيخ الدولي للأمن الذي ينهي أعماله اليوم، هذه الدعوة إلى "جميع عناصر طالبان غير المنتمين للقاعدة وغير المنتمين لشبكات إرهابية والذين يرغبون في العيش طبقا للدستور وفي ظل السلام في البلاد والتمتع بحياة طبيعية".
وقال كرزاي إن دعوته من أجل المصالحة جزء من دعوة أكبر لتحقيق السلام في أفغانستان، التي مازالت غارقة في المشكلات بعد أكثر من سبعة أعوام من الغزو الأمريكي الذي أطاح بنظام طالبان من السلطة. وأضاف بأن الانتخابات الرئاسية التي ستجري في الصيف القادم تشكل فرصة مناسبة لإطلاق علمية مصالحة هادفة إلى إعادة البناء على مختلف الصعد. واعتبر الرئيس الأفغاني بأن إعادة البناء هذه مرتبطة بشكل ما من أشكال المصالحة في بلاده. كما ذكر بأنه سيطلب من المجتمع الدولي دعمه في هذا المجال.
"الحرب على الإرهاب لم تنته بعد"
وأشاد الرئيس كرزاي في كلمته بالنجاحات التي حققتها بلاده منذ بدء العمليات العسكرية للقوات الدولية العاملة في بلاده. ومن بين هذه النجاحات عودة ستة ملايين طالب إلى المدارس والجامعات، وانتشار وسائل الإعلام من صحافة وتلفزيون في إطار قدر كبير من الحرية. وقال كرزاي بأن بلاده على تسير على الطريق الصحيح، لكنه اعترف بعدم اكتمال النجاح في إعادة الأوضاع الأمنية إلى طبيعتها. واعتبر بأن الحرب على الإرهاب لم تنته بعد، غير أن هذه الحرب لا يمكن أن تكون أبدية، حسب تعبيره. وعليه فإن "علينا التوصل إلى نتائج فيما يتعلق بالملف الأمني". وفي هذا السياق طالب المجتمع الدولي بمزيد من التنسيق معتبرا بأن الكثير من الأموال تُنفق دون معرفة كيفية إنفاقها. وانتقد كرزاي الاهتمام غير الكافي بتدريب قوات الشرطة والسلطات القضائية ومكافحة زراعة المخدرات بشكل فعّال.
واشنطن تعترف بأخطاء في أفغانستان
في هذا السياق اعترف مستشار الأمن القومي الأمريكي الجديد، جيمس جونس، ولأول مرة، بارتكاب أخطاء في السياسة المتبعة حيال أفغانستان. وقال جونس خلال مؤتمر ميونيخ: "إن حلف شمال الأطلسي/ ناتو والمجتمع الدولي تأخرا كثيرا في إدراك أن المشكلة ليس مشكلة بلد بعينه، بل منطقة بأكملها". وأضاف جونس: "لقد ركزنا بشكل كبير على البناء العسكري"، شاكيا في الوقت نفسه من عدم كفاية الجهود المبذولة في مكافحة زراعة المخدرات في وغياب التنسيق الدولي. كما أكد جونس على ضرورة وضع استراتيجية جديدة طويلة الأمد لأفغانستان، وقال إن "أفغانستان ليست مشكلة أمريكية فحسب، بل مشكلة دولية أيضا". وذكر جونس أن الأمر في أفغانستان يتعلق بـ "درء المخاطر الحالية وخلق هياكل دائمة وقدرات تحمي شعوبنا ومصالحنا في المستقبل". وشدد جونس على مطلب الرئيس الأمريكي باراك أوباما بضرورة طرح أفكار لوضع استراتيجية جديدة لأفغانستان.
ألمانيا تطالب باستراتيجية تقوم على تكثيف جهود الإعمار المدني
وبدوره طالب وزير الدفاع الألماني فرانس جوزيف يونج اليوم الأحد حلف شمال الناتو بالإسراع في وضع استراتيجية جديدة بشأن مستقبل المهمة الدولية في أفغانستان، مشيرا إلى أن الاستراتيجية المتبعة حاليا تعود إلى عام 1999. وطالب يونج، خلال مؤتمر ميونيخ للأمن، بضرورة تكثيف جهود عملية إعادة الإعمار المدني، لأن المجتمع الدولي ـ في رأيه ـ لن يستطيع النجاح بالطرق العسكرية وحدها. ومن المنتظر أن يتم طرح استراتيجية جديدة لحلف الأطلسي بشأن أفغانستان خلال مؤتمر الحلف المقرر عقده مطلع نيسان/أبريل المقبل في مدينتي ستراسبورج الفرنسية وكيل الألمانية.
ويجري قادة دول حلف الأطلسي وأفغانستان اليوم مناقشات حول مستقبل المهمة الدولية في أفغانستان، وسط التوترات القائمة بين واشنطن وكابول والعواصم الأوروبية بسبب اختلاف وجهات النظر حول كيفية مواجهة الإرهاب وزراعة المخدرات. ومن المقرر أن يلتقي الرئيس الأفغاني حامد كرازاي اليوم جيمس جونز مستشار الأمن القومي الأمريكي لإجراء مباحثات في ظل التخوفات الأمريكية من عدم قدرة الحكومة الأفغانية السيطرة على الوضع. ومن المنتظر أن يشارك في المباحثات حول أفغانستان وزير الدفاع الألماني يونج وأمين عام حلف الأطلسي ياب هوب دي شيفر والمبعوث الأمريكي الخاص لأفغانستان وباكستان ريتشارد هولبروك.
يذكر أن حلف شمال الأطلسي ينشر نحو 55 ألف جندي في أفغانستان ضمن ما يسمى بقوة المساعدة الأمنية الدولية (إيساف) المفوضة من قبل الأمم المتحدة، نصفهم تقريبا من الولايات المتحدة.