خبير ألماني: تطرف المسلمين يغذي العداء للإسلام
٢٣ أغسطس ٢٠١٠انتقل الجدل حول بناء المساجد من أوروبا إلى الولايات المتحدة، حيث هناك من يعترض على بناء مسجد ومركز ثقافي إسلامي في نيوريورك بالقرب من موقع مركز التجارة العالمي الذي كان هدفاً لهجمات الحادي عشر من أيلول/ سبتمبر 2001. ويترافق هذا الجدل بشأن المساجد، مع جدل آخر حول الإسلام وصورته في الغرب، وازدياد العداء له أو ما يعرف بـ "الاسلاموفوبيا" لدى بعض الأوساط السياسية والاجتماعية في الدول الغربية. ولمعرفة خلفيات ذلك ودوافعه وأسباب انتشار صورة سلبية عن الإسلام في الغرب، حاورت دويتشه فيله الباحث الألماني اللبناني الأصل الدكتور رالف غضبان المختص في الدراسات الإسلامية والمدرس في المعهد العالي البروتستانتي في العاصمة الألمانية برلين.
دويتشه فيله: من أين يأتي هذا الخوف من الإسلام والاعتراض على بناء المساجد في أوروبا والولايات المتحدة؟
رالف غضبان: من الضروري الفصل بين الوضع في الولايات المتحدة والوضع في أوروبا. في الولايات المتحدة ليس هناك اعتراض كبير على بناء المساجد، أما الاعتراض الحالي فهو على الموقع الذي سيتم فيه بناء المسجد. وهذا شأن يختلف عما هو عليه الأمر في أوروبا، حيث الاعتراض على بناء المساجد بحد ذاتها، كما حصل مؤخراً في مدينة كولونيا وبرلين. وهذه الظاهرة تراجعت إلى حد كبيرة مقارنة مع ما كان عليه الحال قبل 20 سنة.
في السابق كان من المستحيل أن يبني المسلمون مسجداً في ألمانيا مثلاً. أما الآن فالوضع تغير وأصبح للمسلمين أكثر من ثلاثة آلاف مسجد، أي لدى المسلمين من المساجد أكثر مما لدى المسيحيين من كنائس بالنسبة إلى عدد السكان ونسبة المسلمين في المجتمع. أما ما يحصل الآن فهو تطور ما يسمى بـ "الاسلاموفوبيا" أي الموقف العدائي تجاه المسلمين وخاصة تجاه الدين الاسلامي؛ وهذه الظاهرة نشأت بعد هجمات 11 أيلول/ سبيتمبر في نيويورك، وتزداد مع الزمن.
ومن يتحمل مسؤولية نقل هذه الصورة السلبية عن الاسلام إلى المجتمع الغربي؟
بالدرجة الأولى، المسلمون أنفسهم مسؤولون عن ذلك. لأن الجاليات المسلمة في الغرب، وخاصة في أوروبا ومع بدء تطوير هوية إسلامية تزامناً مع ما يسمى بالصحوة الاسلامية في البلدان الإسلامية، فسحت المجال للمنظمات المتطرفة الإسلامية للسيطرة عليها. فنلاحظ أنه في جميع الدول الأوروبية أن الجمعيات الإسلامية التي تدير شؤون المسلمين الدينية هي جماعات تميل بشكل عام إلى الاخوان المسلمين أو التيارات الوهابية.
إذن برأيك المسلمون هم المسؤولون عن إعطاء هذه الصورة الراديكالية السلبية عن الإسلام للأوروبيين؟
برأيي، هناك عداء تجاه الإسلام لدى قسم من المجتمعات الأوروبية. أما تغذية هذا العداء وجعله ينمو مؤخراً فيرجع إلى تطرف المسلمين. ومن الضروري القول، أننا عندما نتكلم عن المسلمين نقصد مسلمي الجيل الثالث الذين ولدوا هنا هم وآباؤهم، أي أنهم مواطنون غربيون. وبالتالي عليهم معرفة العلاقات في هذا البلد وإعطاء صورة أفضل عن جاليتهم يقبلها المجتمع بشكل عام. أما الذي يحصل مع سيطرة الجمعيات الاسلامية، فإنهم يعطون صورة عكسية سلبية.
ألا يمكن القول أن لدى الاوروبييين فهم خاطئ للاسلام أو أنهم لا يحاولون فهم الاسلام والتقرب منه لمعرفة حقيقته، وبالتالي يحدث هذا العداء وينمو؟
هذه المقولة أن الأوروبيين لا يفهمون الإسلام، يتم ترديدها دائماً. ليس المطلوب من الأوروبيين أن يفهموا الإسلام أو المسيحية أو أي دين آخر. نحن نعيش في مجتمعات علمانية، وبالتالي يحاسب المرء على تصرفاته. فالصورة التي يعطيها المسلمون هي صورة الإسلام. وليس على الأوروبي أن يبحث في القرآن والسنة ليجد صورة أخرى.
ولكن عليه أن ينفتح على المسلم كي يفهمه بشكل جيد وصحيح؟
الانفتاح حصل منذ أكثر من 20 سنة. بمعنى آخر، الأنظمة والقوانين التي كانت تمنع اندماج الأجانب بشكل عام والمسلمين بشكل خاص في المجتمع، قد تغيرت وتم تعديلها وأصبحت لدينا قوانين تفسح المجال للجميع كي يعاملوا كبقية الناس وتضمن المساواة في المجتمع؛ وبالتالي الانفتاح موجود. ولكن هل يقصد بالانفتاح أن يتعلموا الدين الاسلامي؟! أغلبية السكان في البلاد لا يعلمون شيئا عن الدين المسيحي وهو دين آبائهم وأجداهم، لماذا عليهم الآن أن يتعرفوا على الدين الاسلامي؟!.
نعم، ولكن لا أن يتم سد الأبواب والسبل أمامهم أي أمام أبناء الجالية المسلمة ولا يتم الاختلاط معهم، وبالتالي استبعادهم وعزلهم؟
لا، غير صحيح. المسلمون يبعدون أنفسهم عن بقية الناس. فالإسلاميون يحظرون على مؤيديهم الاختلاط بالمجتمع الغربي لتجنب الزنى والانحطاط والانحلال. ولدى مراجعة أدبياتهم ستجد الصورة التي يعرضونها عن المجتمعات الغربية صورة بشعة مخيفة. بينما لا تجد هذا من الطرف الآخر، بل العكس، فمن يتعرض للمسلمين أوالإسلام تجد ردة فعل كبيرة ضد موقفه، والرأي العام والمجتمع الغربي بشكل عام ضد المواقف المتطرفة تجاه الاسلام.
أجرى الحوار: عارف جابو
مراجعة: طارق أنكاي