ميركل: مظلة الوقاية المالية ستؤمن مستقبل اليورو
١٠ مايو ٢٠١٠رحَّب كبار المسؤولين السياسيين وخبراء المال والاقتصاد في أوروبا والعالم بـ "مظلة الوقاية المالية"، التي أقرَّها وزراء مال الاتحاد الأوروبي ليل الأحد (9 أيار/ مايو 2010) في بروكسيل بعد محادثات استمرت 11 ساعة. وتخللت المداولات اتصالات حثيثة من جانب البنك المركزي الأوروبي مع صندوق النقد الدولي، وبنك الاحتياط الفيدرالي الأميركي ، ومصارف مركزية عدة في بريطانيا وكندا وسويسرا. واتفق الجميع على خطة إنقاذ طارئة قيمتها 750 مليار يورو، أي تريليون دولار تقريبا، بينها 250 مليار يورو من صندوق النقد الدولي. والهدف الرئيس من المظلة إشاعة الاستقرار في أسواق المال العالمية، وتسوية أزمة ديون اليونان التي هددت بانهيار اليورو، وتأزيم الوضع المالي الحرج لدول أوروبية أخرى كإسبانيا.
وتعد خطة الإنقاذ أعلاه الأكبر مقارنة بالخطة التي وضعها زعماء "مجموعة العشرين" قبل أكثر من عامين لضخ أموال في مؤسسات الاقتصاد العالمي في أعقاب انهيار بنك "ليمان براذرز" الأمريكي. وأدهش حجم الحزمة المحللين وانعكس سريعا على اليورو الذي ارتفع نحو اثنين في المائة وعلى "مؤشر داكس" الألماني للأسهم الذي زاد بنسبة 4 في المائة فيما استقرت الأسهم في بورصات آسيا.
ميركل تدافع عن مظلة الوقاية
ودافعت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل عن قرار "مظلة الوقاية المالية" للدول الأعضاء في منطقة اليورو بهدف حمايتها من أية أزمات مالية في المستقبل. وصرَّحت في برلين بأن هذا الإجراء "يهدف إلى حماية أموال المواطنين في ألمانيا وتأمين مستقبل العملة الأوروبية". وأعربت ميركل عن استعداد بلادها لتقديم ضمانات بنكية لدول منطقة اليورو المتعثرة تصل قيمتها إلى 123 مليار يورو من إجمالي المبلغ الذي وافق عليها وزراء مال منطقة اليورو.
ودعت المستشارة مسؤولي الكتل البرلمانية للأحزاب الخمسة الممثلة في البرلمان الألماني لعقد جلسة خاصة لاطلاعهم على تفاصيل القرار المتخذ والشروط القاسية التي ستفرض على الدول المتعثرة التي ستستفيد منه في مقدمها إصلاح موازناتها. وأشارت ميركل إلى أن مجلس الوزراء سيجتمع الثلاثاء في جلسة استثنائية لإقرار خطة الإنقاذ تمهيدا لطرحها على البرلمان لمناقشتها والتصويت عليها.
ومن جانبه وجه نائب المستشارة، وزير الخارجية غيدو فيسترفيلله، انتقادات حادة إلى المضاربين على اليورو قائلا :"يجب على كل من يهاجم العملة الأوروبية أن يعلم أن لدى الاتحاد الأوروبي الرغبة والاستعداد والقدرة على صد هذه الهجمات".
إلى ذلك رفضت ميركل التعليق على مصير وزير المالية الألماني فولفغانغ شويبله بعد نقله إلى إحدى المستشفيات في بروكسيل لشعوره بآلام قبل بدء اجتماع وزراء مال دول منطقة اليورو. وقالت إن حالة الوزير الصحية "تحسنت بشكل كبير وأن مزيدا من التفاصيل في هذا الصدد ستصدر للرأي العام في وقت لاحق". وأدخل شويبله في الفترة الأخيرة عدة مرات إلى المستشفى نتيجة آلام مزمنة، وارتفعت خلال ذلك أصوات تطالب المستشارة بتعيين وزير جديد مكانه لأن الوضع المالي العصيب الذي تمرّ به البلاد وأوروبا يحتاج إلى شخص يكرس كل وقته للمهام المطلوبة منه.
المؤسسات المالية تشيد بالخطوة الجديدة
وجاءت ردود فعل المصارف والمؤسسات المالية على مظلة الوقاية المالية إيجابية في الإجمال. فقد أكّد الخبير المالي، في مؤسسة "ها إس بي سي ترينكهاوس"، برنهارد إيسّر على ضرورتها قائلا إنها تُعتبر في نظره ونظر زملائه "عملا إنقاذيا على المدى القصير على الأقل". أما كبير خبراء شركة "أليانس" الضخمة للخدمات، ميشائيل هايزه، فرحّب بالحزم الذي أظهره المسؤولون الأوروبيون لإقامة مظلة وقاية في وجه المضاربين الماليين بعد أن هددت أزمة ديون اليونان بالتحوّل إلى أزمة لعملة اليورو ولتطور أوروبا. وأضاف أنه إذا كانت الإرادة واضحة أكثر من السابق للتقيّد بالالتزامات المالية داخل الاتحاد الأوروبي فمن المنتظر أن تستعيد الأسواق المالية الثقة في اليورو بصورة مستدامة.
وقال يورغ كريمر كبير خبراء مصرف "كوميرتس بنك" إنه يتوقع رد فعل إيجابي من الأسواق المالية "حتى ولو أن منطقة اليورو تحولت، على عكس ما تنص عليه معاهدة ماستريخت، من اتحاد نقدي إلى اتحاد لتحويل النقد". وهو بذلك عكس رأي الخبراء المعارضين لتقديم المساعدة إلى الدول العاجزة عن دفع ديونها الذين يقولون إن معاهدة ماستريخت تمنع ذلك بوضوح. ويرى المنتقدون أن الطريق فتحت الآن أمام تحول الاتحاد الأوروبي إلى اتحاد لتحويل الأموال من الدول القوية ماليا إلى الدول الضعيفة والمتعثرة وعلى حساب مواطني الدول السليمة.
موراتينوس: الاتفاق يشكل نهاية المعركة
ورحب ميغيل انخيل موراتينوس، وزير الخارجية الاسباني الذي تتولى بلاده الرئاسة الدورية للاتحاد الاوروبي، بـ"الاتفاق الايجابي جدا" الذي تم التوصل إليه، معربا عن الأمل في أن يشكل "نهاية المعركة" ضد المضاربين. وقال إن "الأسواق بدأت تستجيب بصورة ايجابية، وبالتالي آمل أن نواصل تعزيز اليورو". وأشاد مدير عام صندوق النقد الدولي دومينيك ستروس- كان بـ "الإجراءات الواسعة النطاق" التي أعلنها الاتحاد الأوروبي والبنك المركزي الأوروبي لإعادة الاستقرار إلى منطقة اليورو.
وأضاف ستروس- كان بأنها إجراءات قوية "ستساعد على إرساء الاستقرار المالي والاقتصادي وعلى الحفاظ على الانتعاش الاقتصادي العالمي". وأكّد مدير صندوق النقد الدولي استعداد مؤسسته "لدعم برامج الإنعاش وإصلاح الميزانيات لدى الدول الأوروبية الأعضاء في الصندوق عبر وضع ومتابعة إجراءات اقتصادية وأيضا عبر المساعدة المالية إذا ما طلبت منا".
الكاتب: اسكندر الديك
مراجعة: أحمد حسو