ألمانيا- مفاوضات تمهيدية لمؤتمر المناخ العالمي في الإمارات
٥ يونيو ٢٠٢٣تنطلق اليوم الإثنين (الخامس من حزيران/يونيو 2023) مفاوضات بشأن المناخ برعاية الأمم المتحدة تستمر لعشرة أيام في مدينة بون الألمانية، وذلك للتمهيد لمؤتمر المناخ العالمي المقبل "كوب-28" المقرر عقده في دبي بحلول نهاية هذا العام.
ويتوقع مراقبون أن تكون المفاوضات صعبة بشكل خاص، لأنه ليس من المتوقع أن تتخذ دولة الإمارات - بصفتها مضيفة لمؤتمر المناخ العالمي المقبل - أي خطوات لإنهاء إنتاج الطاقة من النفط والغاز. وتتجّه الأنظار إلى رئيس الدورة الثامنة والعشرين لمؤتمر "كوب" في دبي، الإماراتي سلطان الجابر إذ تنتظر منظمات غير حكومية مع خبراء وسياسيين أن يعبّر عن توجه للتخلي عن الوقود الأحفوري.
وسيشكل مؤتمر بون في ألمانيا حول تغيّر المناخ -الذي يُنظم كل عام تحضيرًا لمؤتمر الأطراف المقبل - فرصة لرئيس الدورة الثامنة والعشرين لمخاطبة المشكّكين به. ويتوقع أن يتيح المؤتمر إحراز تقدّم تقني في قضايا مثل التمويل الملموس "للخسائر والأضرار" أو التعهد بصرف مبلغ 100 مليار دولار سنويًا للبلدان الفقيرة للتكيّف مع تغير المناخ وتنفيذ الانتقال في مجال الطاقة.
كما يأمل مراقبون في الحصول على معلومات بشأن "التقييم العالمي" المتوقع في أيلول/سبتمبر، والذي سيُحدّد جهود الدول المختلفة في أعقاب اتفاق باريس.
وينعقد مؤتمر المناخ العالمي - المعروف باسم (كوب-28) - خلال الفترة من 30 تشرين الثاني/نوفمبر حتى 12 كانون الأول /ديسمبر المقبل. ومن المنتظر أن يقوم المجتمع العالمي خلال المؤتمر بتقييم جهود مكافحة تغير المناخ حتى الآن وقياسها وفقًا للأهداف المتفق عليها في مؤتمر باريس للمناخ في عام 2015.
وقال الأمين التنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، سيمون ستيل، في بون إنه بالنسبة للعديد من الناس حول العالم يعتبر الحد من ارتفاع درجة حرارة كوكبنا عند 1.5 درجة مئوية مسألة تمس الوجود، مضيفًا أن عملية تقييم الجهود في دبي ستتيح الفرصة للتعامل مع التغييرات الضرورية بحيوية متجددة ومنظور واضح.
انتقادات بشأن اختيار رئيس المؤتمر
وأثار اختيار دولة الإمارات العربية المتحدة لرئيس شركة النفط الإماراتية العملاقة "أدنوك" سلطان الجابر لرئاسة قمة مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ "كوب-28"، انتقادات شديدة من نشطاء في مجال البيئة وبعض المسؤولين السياسيين.
ودعا مئة عضو في الكونغرس الأمريكي والبرلمان الأوروبي إلى العودة عن اختياره لرئاسة المؤتمر بسبب منصبه على رأس الشركة النفطية الحكومية. وردًا على سؤال لوكالة فرانس برس في نيسان/أبريل، دافع الجابر عن نفسه من خلال التذكير بأنه مؤسس شركة "مصدر" أيضًا، وهي شركة إماراتية وطنية متخصصة في الطاقات المتجددة.
كذلك دافع مفاوضا الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في مجال المناخ جون كيري، وفرانس تيمرمانز عن تسميته. والتقى كيري في نهاية الأسبوع الفائت مسؤولين إماراتيين بينهم الجابر في أبو ظبي. وفي حين أن القرارات المتخذة خلال مؤتمرات الأطراف من مسؤولية الدول، إلا أنّ لرئاسة المؤتمر دورًا في تنسيق وإدارة المفاوضات.
وشدّد رئيس "أدنوك" مؤخرًا على أهمية الوقود الأحفوري للاقتصاد العالمي. وبدلًا من الدعوة إلى التخلي عن النفط والغاز، وهذا ما يرغب فيه العديد من المفاوضين، فضّل التحدث عن القضاء على "انبعاثات" الوقود الأحفوري ما يمهد الطريق لاستمرار استخدامه، في حين أن التقنيات العديدة لالتقاط الإطلاقات ما زالت في بداية تطويرها.
واعتبرت لورانس توبيانا إحدى مهندسات اتفاق باريس للمناخ في 2015 ورئيسة مؤسسة المناخ الأوروبية أن "هذه الرئاسة يجب أن تكشف بسرعة عن طموحها: السرعة في التوجه إلى مصادر الطاقة المتجدّدة جزء منه، لكن ذلك لن يكون كافيًا لمؤتمر الأطراف هذا"، وأضافت: "الوضع حرج حاليًا أكثر من أي وقت مضى لندرك أن عصر الوقود الأحفوري ينتهي".
دعوات لمعاهدة "عدم انتشار" الوقود الأحفوري
وقال مبعوث أرخبيل توفالو سامويلو لالونيو لوكالة فرانس برس إن "الوقود الأحفوري هو بالتأكيد المذنب الرئيسي"، مهاجمًا النفط والغاز والفحم إذ ان بلاده مهددة بأن تغمرها المياه على غرار دول جزرية صغيرة أخرى. وتطالب توفالو وفانواتو باعتماد "معاهدة لعدم انتشار" الوقود الأحفوري.
من جانبها التزمت دول مجموعة السبع الصناعية مؤخرًا بـ "تسريع تخلّيها" عن الوقود الأحفوري، ولكن من دون تحديد مهلة نهائية جديدة، وفقط في المجالات غير المزودة بأجهزة لالتقاط ثاني أكسيد الكربون وتخزينه، وهي تقنيات ما زالت في بدايتها إلا أن الدول المنتجة للنفط والغاز تشيد بها. من ناحية أخرى، لقيت دعوات وكالة الطاقة الدولية الى تسريع الاستثمار في مصادر الطاقة المتجدّدة ترحيب حكومات عديدة. ودعا سلطان الجابر بنفسه إلى زيادة الاعتماد على الطاقة المتجدّدة بنسبة ثلاث مرات بحلول العام 2030، في خطاب ألقاه في مطلع أيار/مايو في ألمانيا.
وجراء أزمات الطاقة والمناخ كان يجب أن يبلغ الاستثمار في التكنولوجيا التي لا تُصدر انبعاثات الكربون (المتجددة والنووية والبطاريات...) 1700 مليار دولار في 2023 وفق وكالة الطاقة الدولية، لكن ما زال نحو ألف مليار يذهب إلى النفط والغاز والفحم.
وتشيد الإمارات وهي إحدى الدول الرئيسية المنتجة للنفط، باستثماراتها في مصادر الطاقة المتجددة. لكن في حال توقفت الدولة في النهاية عن استخدام نفطها داخليا فهذا لا يعني أنها ستتخلى عن الإنتاج لتصديره، بحسب ما قال الخبير في مركز تشاتام هاوس للأبحاث كريم الجندي. ورأى أن الإمارات قد "تميل لأن تكرر القول، مثلًا، إن العالم سيحتاج إلى النفط لمجرد أنها بحاجة إلى الحفاظ على زبائن".
م.ع.ح/ح.ز (د ب أ ، أ ف ب)