إلى أين تتجه ليبيا بعد إقرار قانون الأحزاب الجديد؟
٢٦ أبريل ٢٠١٢أقر المجلس الوطني الانتقالي الليبي مساء الثلاثاء الماضي (24 نيسان/ أبريل 2012)، قانون الأحزاب، ليكون القانون الأول من نوعه في ليبيا منذ عام 1964. ويأتي إصدار هذا القانون في وقت تشهد فيه ليبيا تطورات سياسية جديدة، مع تبادل للاتهامات بين أعضاء بارزين في المجلس الوطني الانتقالي ورئيس الوزراء عبد الرحيم الكيب. فقد اتهم الكيب، الأربعاء، المجلس الوطني الانتقالي بـ"عرقلة" عمل حكومته، معتبراً أن هذا الأمر قد يؤدي إلى عدم إجراء الانتخابات في موعدها.
وقال الكيب وهو يتلو بياناً "نجد أنفسنا مكبلين من أعضاء المجلس المستمرين في شن هجومهم على الحكومة والتهديد المستمر بسحب الثقة منها، وهذا يعرقل جهودنا في قيامنا بواجباتنا في خدمة الثورة وعلى رأسها تأمين إجراء الانتخابات في موعدها". وأبرز ما تضمنه قانون الأحزاب الجديد حظر تشكيل الأحزاب السياسية على أساس "جهوي أو قبلي أو ديني".
من المقصود بهذا القانون؟
وأثارت هذه العبارة الأخيرة "على أساس ديني" حفيظة البعض في ليبيا، وخاصة جماعة الإخوان المسلمين، حيث صرح محمد صوان، رئيس حزب الحرية والبناء المنبثق عن الإخوان المسلمين، أن على المجلس الوطني الانتقالي توضيح ما يعنيه بحظر الأحزاب الدينية. وقال إن هذا قد يثير جدلاً في ليبيا التي يشكل المسلمون السنة كل سكانها البالغ عددهم ستة ملايين نسمة تقريباً. وقال صوان إن هذا النوع من المواد القانونية يجدي فقط في الدول التي بها ديانات متعددة وليس في ليبيا، حيث معظم السكان يدينون بالإسلام. وأضاف أن "هذا القانون يحتاج إلى مراجعة من المجلس الوطني الانتقالي وإذا لم يتغير سنضطر للاعتراض عليه".
إلا أن المحامي والسياسي الليبي عبد الحفيظ غوقة يرى أن هذا القانون هو بالأساس تنظيمي، ولا يستهدف أي حزب أو جماعة أو جهة محددة بعينها. ويرى بأنه لا ضير في أن يتضمن القانون مجموعة من الاشتراطات، بأن لا يكون الحزب مؤسساً على أساس ديني أو جهوي أو قبلي. وفي رد على تصريح رئيس حزب الحرية والبناء قال غوقة في حديث مع DW: "لا أعتقد بأن هذا القانون سيؤثر على حزب الحرية والبناء، لأن حزب الحرية والبناء هو حزب مدني يمكن أن ينضم إليه أعضاء من خارج الإخوان المسلمين".
ويتفق هذا الرأي مع ما صرح به فتحي الباجة، عضو المجلس الوطني الانتقالي، حيث قال إن القانون لا يستهدف الإسلاميين المعتدلين، لكنه موجه إلى الإسلاميين المتشددين الذين يعتمدون سياسة "إقصاء الآخر".
"القانون مؤقت وقابل للتغيير"
ويبدو أن القانون جاء ليحظر على السلفيين المشاركة في الحياة السياسية، فقد نقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن نزار كوان، المتحدث باسم حزب الحرية والبناء، قوله إنه يأسف لكون القانون يحظر على الإسلاميين المتطرفين، وبينهم السلفيون، المشاركة في الحياة السياسية. وأضاف "نفضل إعطاء فرصة للسلفيين وللمجموعات المتطرفة الأخرى لممارسة الديمقراطية والحوار، ما سيتيح لها التخلي عن العنف". كما ورأى كوان في هذا القانون "تناقضاً مع الإعلان الدستوري (للمجلس الوطني الانتقالي)، الذي أكد حرية تأسيس الأحزاب".
إلا أن المحامي غوقة لا يرى في هذا القانون أي تناقض، وأن الأمر برمته لا يعدو أن يكون مسألة تنظيمية للعمل السياسي، ومن حق الجماعات الدينية أن تمارس العمل السياسي المدني من خلال الأحزاب السياسية المدنية. ويؤكد غوقة بأن الخطأ هو التأخر في إصدار قانون الأحزاب السياسية، و"كان يجب أن يصار إلى إصدار قانون الأحزاب السياسية، قبل إصدار قانون الانتخاب". لكن هذه ضرورة اقتضتها المرحلة، كما أن هذا القانون أعد على عجل، وهو قانون مؤقت، يمكن فيما بعد للمؤتمر الوطني المنتخب (البرلمان) إلغاؤه أو تعديله.
شكل نظام الحكم مستقبلاً
وعرفت ليبيا خلال الفترة الماضية جدلاً حول مسألة الفيدرالية، فقد عقد أكد سياسيون ووجهاء من شرق ليبيا "تمسكهم" بإعلان منطقة برقة "إقليماً فدرالياً، من الحدود الليبية المصرية شرقاً وحتى مدينة سرت غرباً". وطالبوا بـ"كتابة الدستور وقانون الانتخابات من هيئة منتخبة بالتساوي بين أقاليم ليبيا الثلاثة، وبأن يكون النظام السياسي وفق ما يقرره الدستور بالإضافة إلى تدوير الرئاسات الثلاث (رئاسة البرلمان ورئاسة الحكومة ورئاسة الدولة) بين الأقاليم الثلاثة برعاية البرلمان المنتخب ديمقراطياً، مراعاة للعدالة بين الأقاليم".
لكن عبد الحفيظ غوقة يرفض تلك المطالب، معتبراً بأن أي دعوة للفيدرالية في هذا الوقت تحديداً تعتبر "دعوة للتقسيم". وبحب رأيه فإن دعوة ألف شخص أو حتى عشرة آلاف للفيدرالية هي دكتاتورية وضرب لآراء بقية الليبيين بعرض الحائط. وأنه إذا طالب الليبيون بالفيدرالية مستقبلاً فليكن ذلك، لكن غوقة يرى بأن الليبيين يحتاجون لبعض الوقت من العمل السياسي لكي يصبح بإمكانهم الدعوة للفيدرالية، أو اختيار شكل ونظام الحكم الذي يريدونه.
فلاح آل ياس
مراجعة: عماد غانم