الألمان غير راضين عن نظامهم الديمقراطي الحالي
٣ نوفمبر ٢٠٠٦أعلنت القناة الأولى للتلفزيون الألماني - آه.ار.دي ARD الإعلامية مساء أمس الخميس (2 نوفمبر/تشرين الثاني) عن نتائج مفاجئة للدراسة التي أجراها معهد استطلاع الرأي العام "انفراتست ديماب" بتكليف منها، فقد أظهرت الدراسة للمرة الأولى في تاريخ جمهورية ألمانيا الاتحادية إن أغلبية الألمان غير راضين عن النظام الديمقراطي الحالي في بلادهم. وعلى الرغم من تحسن الأوضاع الاقتصادية في البلاد، إلا أن المزاج العام في المجتمع يعتبر في أسوأ حالاته.
ووفقا للدراسة لم يعبر سوى 49 بالمئة ممن شاركوا في استطلاع الرأي عن رضاهم بالنظام السياسي الحالي وسير العملية الديمقراطية فيه. وهو ما يقل بـ11 بالمئة عن نتائج الدراسة المشابهة التي أجريت في شهر سبتمبر/أيلول 2005. مقابل ذلك عبر 51 بالمئة من المشاركين في استطلاع الرأي عن عدم رضاهم عن الحكومة بشكلها الحالي. ومن بين هؤلاء 13 بالمئة غير راضيين إطلاقاً عن أدائها، بينما عبر الآخرون عن استياء أقل. وتعد نتيجة هذه الدراسة ناقوس خطر يدل على اهتزاز ثقة الشعب الألماني بعدالة أساليب الحكم والإدارة المتبعة.
وعلى المستوى الأوروبي، وحسب استطلاعات الرأي التي أجريت في أبريل/نيسان 2006، كان الشعب الدانماركي هو أكثر الشعوب سعادة بنظامه الديمقراطي بنسبة 93 بالمئة، تبعته شعوب لوكسمبورج وفنلندا وأيرلندا، بينما جاءت ألمانيا في مركز متوسط بنسبة 55 بالمئة، وإن كانت تقل عن المتوسط الأوروبي وهو 56 بالمئة. أما أقل الشعوب رضا عن أنظمتها على المستوى الأوروبي فكان الشعبين البلغاري والكرواتي.
الإحساس بالظلم في مقدمة الأسباب
يعد الشعور بأن الأوضاع داخل المجتمع غير عادلة في مقدمة الأسباب الكامنة وراء عدم الرضا لدى الشعب الألماني في الوقت الحالي، فقد عبر ثلثا المشاركين في استطلاع الرأي أن الأوضاع في بلادهم ظالمة. ومنذ الصيف الماضي يقل عدد من يشعرون بالعدالة داخل البلاد، حتى وصلت نسبة هؤلاءإلى 27 بالمئة فقط. أما في مايو/ أيار الماضي فكانت نسبة من يتحدثون عن عدم العدالة 57 بالمئة. ويرجع أوسكار لافونتين، رئيس حزب اليسار الجديد، هذا الأمر إلى الائتلاف الحاكم وإلى الإصلاحات الاقتصادية في أنظمة الضمان الاجتماعي والصحي وغيرها. وقد أدت هذه الإصلاحات في رأيه إلى مزيد من المكاسب للشركات الكبرى، بينما أثرت سلبياً على الموظفين وعلى العاطلين عن العمل وأصحاب المعاشات المتواضعة.
وبينما عبر 57 بالمئة من الألمان عن موافقتهم على مشاركة القوات الألمانية في مهام حفظ السلام الخارجية، أكدت الأغلبية بنسبة 69 بالمئة على ضرورة التقليل من عدد الجنود المشاركين بمهام خارجية. هذا وقد علت الأصوات المشككة في دور القوات الألمانية في الخارج بعد فضيحة الجنديين الذين التقطا صوراً تذكارية مع جماجم بشرية في أفغانستان، وبعد حالات الاحتكاك التي وقعت مؤخراً بين سلاح الجو الإسرائيلي وقوات البحرية الألمانية على الشواطئ اللبنانية.
"تفاقم التفاوت الاجتماعي يهدد الديمقراطية"
نتائج الدراسة التي صدمت الكثيرين، ليست الأولى من نوعها، ففي صيف هذا العام أظهرت دراسة نشرتها جامعة لايبزغ مؤشرات مشابهة. وبموجب الأخيرة عبر 27 بالمئة فقط من سكان شرق ألمانيا عن سعادتهم بالنظام الديمقراطي الحالي. بينما كان نصف الشعب سعداء بهذا النظام في غرب البلاد. وقد علق عالم النفس الألماني المار بريلر على هذه النتائج بالقول أن الثقة في الأحزاب السياسية والحكومة الاتحادية ومجلس النواب الألماني قد تراجعت إلى أقل مستوياتها. كما حذر العالم السياسي كلاوز ليجيفي منذ نحو عام في حديث لمجلة در شبيجل من هذا الأمر قائلاً: "لدينا مشكلة حقيقية في العدالة. وتفاقم التفاوت الاجتماعي يهدد الديمقراطية". وتوقع أوسكار جابريل، الأستاذ بجامعة شتوتجارت، هذا التراجع الخفي في الإيمان بالديمقراطية وبعدالة النظام الحكومي منذ نحو 15 عاماً، فبالرغم من القبول النسبي للنظام الحكومي آنذاك، إلا أن هذا القبول كان يقل تدريجياً منذ عام 1990 في الولايات الجديدة في شرق ألمانيا وبدأ في التراجع منذ ذلك الحين حتى طال الولايات الغربية أيضاً.
ميركل أفضل من شرودر لكن حكومتة كانت أفضل من الحالية
ولم يتحسن وضع الأحزاب الكبرى في استطلاع الرأي الأخير، حيث حصل كل من الحزب المسيحي الديمقراطي والحزب الاشتراكي الديمقراطي على 31 بالمئة، مما يعني ارتفاع شعبية الحزب المسيحي وانحسار شعبية الحزب الاشتراكي بنسبة 2 بالمئة. كما بقيت شعبية كل من الحزب الليبرالي الديمقراطي وحزب اليسار الجديد على مستواها. أما حزب الخضر فوصل إلى أعلى مستوياته منذ يناير/كانون الثاني عام 2005، حيث حصل على 12 بالمئة.
من ناحية أخرى تراجعت شعبية كبار السياسيين ايضا في استطلاع الرأي الحالي عن الاستطلاع الذي أجري في الشهر الماضي، فشعبية ميركل وصلت إلى أدنى مستوياتها منذ شهر أغسطس/آب 2005، حيث حصلت على 47 بالمئة فقط من الأصوات. إلا أنها مازالت في رأي نحو 39 بالمئة من المشاركين في استطلاع الرأي تؤدي عملها أفضل من المستشار السابق جرهارد شرودر، والذي حصل على 32 بالمئة من الأصوات فقط. أما بالنسبة للحكومة فالوضع عكسي تماما، إذ ترى الأغلبية أن الحكومة السابقة كانت الأفضل، بينما يجد 27 بالمئة فقط أن الائتلاف الحاكم الحالي هو الأفضل. على مستوى كبار السياسيين جاءت ميركل في المرتبة الثالثة، بعد أن احتل وزير الخارجية فرانك فالتر شتاينماير المركز الأول يليه وزير الداخلية فولفجانج شويبله.
دويتشه فيله (س.ك)