Exportschlager Recht
١٥ أبريل ٢٠١١الدقة الألمانية المعهودة لا تنفع بعض الأحيان. وعندما تحتاج التشريعات الألمانية إلى 19 فقرة مثلا لتنظيم شأن ما والتشريعات الفرنسية إلى فقرتين فقط فعندها ينقل الصينيون بالطبع التشريع الفرنسي.
هذا الأمر راقبه كنوت بيسلر الباحث في معهد ماكس ـ بلانك للقانون الخاص الدولي والأجنبي في هامبورغ، وهو باحث متخصص في القانون الصيني. صحيح إن التشريع الألماني يلعب في الصين دورا كبيرا كما يقول، لكنه لا يصل إلى حد نقل أقسام كاملة منها. ويفتش المشرّع الصيني في مختلف القوانين والتشريعات المتوافرة ويأخذ منها قاعدة معينة ويعمل على مقارنتها و تكييفها مع الخصائص الصينية.
وتمارس روسيا الأسلوب ذاته أيضا حسب الباحثة أوغينيا كورجينسكي ـ زينغر العاملة في المعهد ذاته، التي تضيف أن المشرّع الروسي يقتبس بعض الأفكار من التشريع الألماني ويحاول تطبيقها، مع الأخذ بعين الاعتبار التقاليد الخاصة بالبلد. وفي روسيا يعتبر هذا الأمر حسب الباحثة أمرا طبيعيا وانعكاسا للثقة في النفس.
لكن الأمر مختلف في جيورجيا، حيث نقل المرء أجزاء من القوانين بصورة حرفية. كما تبنت دول أخرى في الماضي أجزاء كاملة من التشريع الألماني. وعلى سبيل المثال فان قانون العقوبات التركي وقانون المحاكمات قريبان جدا من التشريعات الألمانية، وينطبق هذا الأمر أيضا على أقسام من القوانين المدنية التي اعتمدتها اليونان والبرتغال.
التشريع الألماني عنصر ثقة
تسود في العديد من الدول الإفريقية قوانين الدول الاستعمارية السابقة. ويسعى مشروع ترعاه جامعة فورتسبورغ إلى تغيير شيء ما في هذا الصدد، إذ أن كارين لينهارت تدرِّس في إطار المشروع القانون الألماني والأوروبي في جامعة كينشاسا، بهدف طموح، يتمثّل في نقل المعرفة من ألمانيا إلى الكونغو ودعم البحاثة الشباب فيها.
وليس هذا فقط، فألمانيا أيضا تهتم بنشر التشريع الألماني في العالم. والتنظيمات التي يتوجب احترامها في هذه الدول تتسم بأهمية حاسمة للجميع، بما في ذلك للشركات الألمانية، بسبب قربها من التشريع الألماني، وهكذا يرسي المرء أجواء من الثقة في التعامل الاقتصادي ومع المستثمرين الألمان.
هل القانون الأوروبي أكثر جاذبية من الألماني؟
ويبدو أن الصين والعالم العربي أيضا مهتمان بمشاريع تشريعية كبيرة كما هو موجود في الاتحاد الأوروبي الذي كيّف أنظمة قانونية مختلفة مع بعضها البعض. من هنا تريد الصين الاستفادة من قانون الشراء المعتمد في الأمم المتحدة أو من القانون المدني الأوروبي الذي لا يزال قيد الوضع على حد تعبير الباحث كنوت بيسلر من معهد هامبورغ.
وأصبح قانون الاتحاد الأوروبي في أعين الدول العربية أكثر أهمية في العديد من المسائل الاقتصادية كما ذكرت نجيمة ياساري من معهد هامبورغ أيضا. وسبق للمسؤولين العراقيين أن اهتموا بالنظام الفيدرالي الألماني وتطبيقاته عندما دار الحديث عن إقامة نظام فيدرالي في العراق.
وتوجد دول آسيوية عديدة، وكذلك دول في جنوب أوروبا مثل إسبانيا والبرتغال والمجر، اهتمت بالدستور الألماني ولا تزال تبدي اهتمامها به. وتجهد المحكمة الدستورية العليا في كارلسروه في نقل معارفها وخبرتها إلى دول أخرى في هذا الحقل.
ومن الواضح أن الشرط لذلك هو تقديم الدولة المعنية طلبا بذلك. ولفت بيسلر إلى أن الصين تقبل بمناقشة قضايا حقوق الإنسان في إطار الحوار الألماني ـ الصيني القائم منذ سنوات، إنما ضمن شروط محددة. وفقط عندما تتماشى فكرة التشريع مع الوضع في البلاد يمكن عندها البحث فيها.
دافنه غراتفول/اسكندر الديك
مراجعة: منى صالح