التوصل الى حل وسط ينهي الجدل حول شروط منح الجنسية الألمانية
٥ مايو ٢٠٠٦توصل وزراء داخلية الولايات الألمانية الستة عشر إلى اتفاق حول الشروط والإجراءات الخاصة بمنح الجنسية للأجانب المتقدمين للحصول عليها. وأعلن وزير داخلية ولاية بافاريا، جونتر بيكشتاين، في ختام مؤتمر ضم كل من وزير الداخلية الاتحادي ووزراء داخلية الولايات واستمر يومين، ان الوزراء اتفقوا على حل وسط لمسألة التجنيس. وأضاف بيكشتاين، الذي يتولى رئاسة مؤتمر وزراء الداخلية، ان الوزراء توصلوا إلى اتفاق على الخطوط العريضة من مسائل الخلاف الرئيسية المتمثلة في موضوع اندماج الأجانب في المجتمع الألماني. ووفقا للوزير البافاري فانه ينبغي على الأجانب الذين يستوفون شروط منح الجنسية ان يخضعوا، في نهاية حضورهم دورات دراسية في اللغة الألمانية والاندماج، للاختبار إنطاقا من مبدأ "التشجيع والاستحقاق"، في إشارة إلى حرص الوزراء على ان ألا يكون مثل هذا الاختبار مجرد شرط يتوجب الوفاء به وإنما ايضا ان يشُجع المتقدم على الوفاء به. وقال الوزير الألماني "سيتم في نهاية المشاركة في الدورات الدراسية فحص مدى النجاح"، بيد ان تحديد طبيعة مثل هذا الاختبار سيترك لتقدير كل ولاية على حدة. ويتوجب ان تتضمن الدورات الدراسية الخاصة بالتجنيس المعارف الاساسية والضرورية حول المانيا وكذا قيم ومبادئ الدستور الألماني. وستتولى السلطة الاتحادية للهجرة واللجوء وضع الخطة العامة لمحتويات تلك الدورات الدراسية، بينما سيتحمل في العادة المتقدم للحصول على الجنسية رسوم الدورات ماعدا الحالات الاستثنائية. وفيما يتعلق بشرط أداء القسم والتوقيع على وثيقة اعتراف بالدستور الألماني، فان ذلك سيبقى شانا خاصا بكل ولاية على حدة. كما يتوجب ان لا يكون المتقدم للحصول على الجنسية الألمانية قد سبق الحكم عليه بعقوبة تتجاوز تسعون يوما. يذكر أن مسألة التجنيس في ألمانيا كانت قد استحوذت على جانب كبير من الجدل، لاسميا حول الإجراءات والشروط الواجب إتباعها عند منح الجنسية الألمانية والتي في مقدتها إختبار اللغة والمعارف.
شروط إجادة اللغة ومعرفة نمط حياة المجتمع الألماني
و كانت إحدى أهم نقاط الخلاف في هذا الصدد هي شرط إجادة المتقدم للحصول على الجنسية للغة الألمانية وتمتعه بمستوى معرفي معين عن تاريخ ألمانيا وطبيعة وأسلوب الحياة فيها. ففي الوقت الذي يكاد يتفق فيه جميع الأطراف في ألمانيا حول أهمية إجادة اللغة الألمانية باعتبارها وسيلة هامة للتكييف والاندماج في المجتمع الجديد، إلا أن الاختلاف يتمثل في طبيعة قياس مستوى درجة إجادة اللغة وهل يكون ذلك من خلال اختبارات يتوقف على النجاح فيها مدى منح الجنسية من عدمه. ويصر المتشددون في الأمر على ان يجتاز المتقدم للجنسية بعض الاختبارات النظرية والتطبيقية في اللغة الألمانية وكذلك الإلمام ببعض المعارف عن تاريخ ألمانيا وأسلوب الحياة فيها، بينما يرى البعض الأخر بان يتم الاكتفاء بزيارة المتقدم لدورات لغة والمشاركة في دورات تأهيلية دون الحاجة للخضوع لامتحانات. في هذا السياق يبرر جونتر بيكشتاين، وزير داخلية ولاية بافاريا المعروف عنها إتباعها لاجراءات متشددة حيال الأجانب لاسيما في فترة تولي بيكشتاين لوزراة الداخلية، يبرر شرط تجاوز اختبار اللغة بالقول بانه يتوجب على الأجانب ان يثبتوا بأنهم قادرين على التفاهم مع الآخرين في الحياة اليومية. وطالب بان يتمتع الأجانب بقدر من المعرفة عن الحياة في ألمانيا وإن كان السياسي الذي ينتمي إلى الحزب المسيحي الاجتماعي قد أشار بانه ليس بالضرورة ان يكون مستوى هذه الدورات صعبا. من جانبه أكد ناب رئيس البرلمان الألماني، فولفجانج تيرزا، على أهمية جعل الأجنبي المتقدم للحصول على الجنسية يشعر بالواجب تجاه وطنه الجديد، بيد انه شدد على أهمية إتاحة الفرصة لهؤلاء للحصول على المعارف المطلوبة منهم، حسب تعبير تيرزا.
الاعتراف بقيم الدستور الألماني
النقطة الخلافية الأخرى تتمثل فيما إذا كان يتحتم على المتقدم للحصول على الجنسية التوقيع على وثيقة يقر فيها بالإعتراف بالدستور الألماني وأداء القسم الدستوري، كما يطالب البعض. ومع تأكيد مختلف الأطراف على أهمية أن يتعرف المواطنون الجدد على طبيعة الحياة في وطنهم الجديد ويعترفون بقيمه، إلا ان شرط أداء القسم الذي تشترطه بعض الولايات لا يبدو انه سيجد أي نوع من الإجماع. ويبقى الشيء الذي يكاد يتفق عليه الجميع والمتمثل في التشدد حيال الاشخاص الذين لديهم سوابق جنائية، إذ سيكون من الصعوبة بمكان حصول هؤلاء على الجنسية الألمانية.
تباين في الإجراءات من ولاية إلى أخرى
وتتمسك بعض الولايات الألمانية وبالذات تلك التي يحكمها الحزبان المسيحي الديمقراطي والمسيحي الاجتماعي بضرورة تجاوز المتقدم للحصول على الجنسية لإختبار اللغة الألمانية واختبارات معرفية أخرى كشرط لمنحه الجنسية. بينما تتساهل الولايات الأخرى في هذا الأمر وبالذات تلك التي يحكمها الحزب الديمقراطي. ووفقا لذلك تتباين الصعوبات التي تعترض الأجنبي في الحصول على الجنسية الألمانية من ولاية إلى أخرى، حيث ان هذا الأمر متروك أصلا لتقدير كل ولاية على حدة. يذكر ان بعض الولايات مثل هيسن وبادن فورتمبرغ بدأت فعلا بتطبيق معايير وإجراءات مشددة خاصة بها منذ بداية هذا العام مثل تصميم إستمارت تحتوي على أسئلة تتعلق برأي المتقدم للحصول على الجنسية حول بعض العادات والتقاليد والقيم في المجتمع الألماني كالمثلية الجنسية مثلا والصداقة بين الجنسين.
مجلس مسلمي ألمانيا يأمل بالتخلي عن اختبار التجنيس
من جانبه كان مجلس مسلمي ألمانيا قد استبق مؤتمر وزراء الداخلية ليعرب عن أمله بإلغاء شرط إختبار التجنيس معتبرا ان ذلك سيمثل خطوة إيجابية نحو سياسة الاندماج المستقبلية المنشودة، حسب تعبير المجلس على كيتزيلكايا، الذي طالب كل من ولايتي هيسن وبادن فورتمبرغ إعادة التفكير في ذلك الاختبار المثير للجدل. وفي الوقت الذي أكد فيه كيتزيلكايا على أهمية الدورات التأهيلية الخاصة بالتجنيس قائلا " في الأول والأخير يتوجب على المرء ان يتعرف على المجتمع الذي يرغب ان يصبح جزءا منه"، بيد أن الإختبار الذي تشترطه ولايتي هيسن وبادن فورتمبرغ لا تشجع، في رأيه، على الإندماج. وحذر رئيس المجلس الإسلامي من استقبال المواطنين الجدد بالشك لان ذلك سوف يمثل "بداية غير جيدة"، وبدلا من ذلك يتوجب ان يحس هؤلاء بأنهم على الرحب والسعة هنا في ألمانيا.