الحزب المسيحي الديمقراطي: الأولوية لإصلاح سوق العمل وإحياء العلاقة مع واشنطن
أعلن الحزب المسيحي الديمقراطي عن برنامجه الانتخابي الذي ينوي تطبيقه في حال فوزه بالانتخابات البرلمانية المبكرة في النصف الثاني من سبتمبر/ أيلول القادم. وبذلك تنتهي موجة التكهنات التي أثيرت حول البرنامج في الأسابيع الأخيرة. وقد شدد الحزب من خلاله على ضرورة صياغة سياسة متكاملة من أجل تحقيق "نقطة تحول تجاه مستقبل أفضل". كما يهدف إلى كسب ثقة الناخب الألماني بقدرة الحزب على تشكيل حكومة قادمة قادرة على مواجهة تحديات الإصلاح والعولمة التي تواجه ألمانيا.
الأولوية لإيجاد فرص العمل
ومما جاء في البرنامج الذي قدمته انجيلا ميركل رئيسة الحزب والمرشحة لمنصب المستشار وادموند شتويبر رئيس الحزب المسيحي الاجتماعي البافاري الشقيق التأكيد على ضرورة "تغيير الذهنية الألمانية" وتجاوز مفهوم الدولة الاجتماعية التي تضمن للمواطنين حياة مادية آمنة. وقد أكد كذلك على أهمية تغيير بنية سوق العمل الألمانية ورفع نسبة الضريبة المضافة لتمويل برامج إنعاش الاقتصاد الألماني. كما أكد على دعم أرباب العمل في إيجاد فرص عمل جديدة عن طريق خفض تكاليف العمل وضريبة الدخل.
إحياء العلاقة الخاصة مع الولايات المتحدة
وفيما يتعلق بالسياسة الخارجية لم يخف الحزب المحافظ نيته في التركيز على العلاقة الخاصة مع الولايات المتحدة وتنشيط آليات التعاون مع الحليف الأطلسي الأهم، بالإضافة إلى تحديد هوية وماهية الإتحاد الأوروبي التي تقوم على " الجذور والإرث المسيحي" لأوروبا وفقاً لتصوراته. ومن المعروف عن الحزب المسيحي المحافظ رفضه القاطع لانضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي وتقديمه عرضاً بديلاً للحكومة التركية أطلق عليه "الشراكة المميزة". كما أن رئيسته انجيلا ميركل اتخذت موقفاً مؤيداً للحرب الأمريكيةـ البريطانية على عراق صدام عام 2003. وهذا ما أوقعها في مرمى سهام النقاد الذين حذروا من عواقب "عسكرة" السياسة الأمريكية وتهميش دور القانون الدولي والأمم المتحدة.
الديانة المسيحية كورقة استقطاب للناخبين
يُعرّف الحزب الديمقراطي المسيحي نفسه بأنه حزب "يملك مفهوماً سياسياً قائماً على القيم والإرث المسيحي وعلى مسؤولية الفرد أمام الله". ويشدد في مقدمة قانونه الأساسي على أنه حزب ديمقراطي ليبرالي ومحافظ يلتزم بقيم عصر التنوير الأوروبي. ولكن هذا التعريف الذاتي لا يمنعه من تبني سياسات تتناقض كلياً مع "هويته المسيحية" والاتجاهات السائدة لدى الكنائس الألمانية. فهو يؤيد على سبيل المثال استخدام تقنية استنساخ الأجنة التي ترفضها الكنائس. ولا يراعي برنامجه الاقتصادي واجب مد يد العون إلى الفقراء والعاطلين عن العمل وفقاً للتصورات الكاثوليكية والمسيحية الأخرى. كما أنه أيد موقف الولايات المتحدة الأمريكية في حربها على العراق قبل أكثر من عامين. هذا التعامل الانتقائي مع "القيم المسيحية" دفع الكثير من المتدينين المسيحيين إلى مطالبته بالتخلي عن صفة "المسيحية" في اسمه، مشيرين إلى أنه يستخدمها كواجهة لاستقطاب للناخبين المحافظين فقط.
تشجيع الاندماج و تشديد قوانين الهجرة
وفيما يخص السياسة الداخلية فإن الحزب المسيحي الديمقراطي عاقد العزم على "تشجيع سيرورة اندماج الأجانب في ألمانيا وتحديد نسبة المهاجرين إليها عن طريق تشديد قوانين الهجرة". ولم يشر برنامج الحزب المعلن عنه اليوم إلى اقتراح جونتر بكشتاين الذي طالب فيه بترحيل الأجانب الذين ترى السلطات في وجودهم خطراً إرهابياً على البلاد. يُذكر أن بكشتاين الذي يشغل حالياً منصب وزير الداخلية في ولاية بافاريا مرشح لشغل منصب وزير الداخلية في حكومة محافظة جديدة. كم يُذكر أن ألمانيا أقرت خلال العام الماضي قانون هجرة جديد يسهل ترحيل الأجانب المشتبه في قيامهم بأنشطة إرهابية. وقد طبق بكشتاين هذه القانون على عشرات الأجانب الذين طردهم بتهمة دعم الأنشطة الإرهابية وما يزال هناك نحو أربعين حالة قيد البحث. وفي هذا السياق يحظر القانون الألماني ترحيل المشتبه بهم لدول ربما يتعرضون فيها للتعذيب.
لؤي المدهون