الدول الأوروبية تعكف على تشديد إجراءات اللجوء إلى أراضيها
٤ يونيو ٢٠٠٦اجرى وزراء العدل والداخلية في الدول الأوروبية الخمس والعشرين المنضوية داخل الاتحاد الأوروبي مناقشات مكثفة في مدينة لوكسمبورج ترمي إلى صياغة سياسة أوروبية موحدة بشأن مسألتي الهجرة اللجوء إلى بلادهم. ووضع الوزراء نصب أعينهم صياغة قائمة بأسماء ما يعرف "بالدول الآمنة" التي لا يشكل اتخاذ قرار بإعادتهم مواطنيها إليها خطرا على حياتهم وكذاك تعريف ووضع قائمة بأسماء "الدول الآمنة الثالثة" التي يمر عبرها اللاجئون. وتتفاوت وجهات نظر الوزراء الأوروبيين حول الدول التي يجب أن تتضمنها القائمتان. هذا ومن الملفت للنظر أن معظم الدول التي تعتبر من "الدول الآمنة" هي دول إفريقية تسود فيها الحروب والمجاعات والكوارث كما أنها تشكل حاليا مصدرا للهجرات بأعداد كبيرة نحو القارة الأوروبية هروبا من الفقر والجوع والحروب.
سياسة منح اللجوء في الميزان
وتلاقي الضوابط المقترحة الجديدة انتقادات من قبل منظمات حقوق الإنسان التي تعتبر هذه الإجراءات غير عملية وغير قابلة للتطبيق في ظل الواقع العملي. وتعتقد يوليا دوشروف، مقررة شئون اللاجئين لدى منظمة العفو الدولية أن الملاحقات قد تحدث في أي بلد، لذلك يجب فحص كل طلب لجوء على حدة. أما من هي الدول التي ستصنف بأنها "آمنة" فإن ذلك يظل في المقامين الأول والأخير قرارا سياسيا، كما تقول آنيا كلوج من منظمة مساعدة اللاجئين التابعة للأمم المتحدة. والسبب في ذلك هو أنه لا يوجد آلية تضمن التأكد مما إذا كان بلدا ما آمنا أو من أنه سيبقى كذلك. إن النقاش الدائر في مجلس وزراء دول الاتحاد الأوروبي حول الدول المرشحة للدخول في القائمة كدول آمنة لن يلعب أي دور "لان الغالبية من طالبي اللجوء ستأتي على كل حال من دول أخرى تماما"، حسب تعبير المسئولة الدولية.
هذه المحاولات الأوروبية للتوصل الى اتفاق على تعريف "الدول الآمنة" تأتي كجزء من سياسة أوروبية مشتركة حول حق اللجوء وتبنتها الدول الأعضاء العام المنصرم. وتعطي هذه السياسة لكل دولة من الدول الأعضاء الحق في تحديد من هي "الدول الآمنة" وكذلك من هي "الدولة الثالثة الآمنة" التي يمكن إعادة طالبي اللجوء إليها. فمثلا من حق ألمانيا في هذه الحالة إعادة طالبي اللجوء الذين وصلوا الى أراضيها عبر دولة مجاورة مثل بولندا وهو ما قد يضاعف الضغوط على هذه الدول الحدودية" التي قد تلجأ من جانبها إلى وضع قائمة "بالدول الآمنة" أكثر تشددا لمنع وصول المهاجرين واللاجئين إليها.
القضية أمام المحكمة الأوروبية
ومن الجديد بالذكر أن الأرقام الرسمية تشير إلى انخفاض عدد طالبي اللجوء إلى دول الاتحاد الأوروبي في العام الماضي بشكل كبير مقارنة بالسنوات الماضية. هذا الأمر أثار نقدا حادا للسياسة الأوروبية الخاصة باللجوء كون هذا الانخفاض، كما يقول منتقدي هذه السياسة، لا يعكس في الحقيقة تراجع أسباب اللجوء، وإنما جاء بالدرجة الأولى بسبب تشديد الإجراءات القانونية. ويشير مقرر القسم الأوروبي في منظمة الدفاع عن اللاجئين، كارل كوب، إلى أن وزراء العدل والداخلية في دول الإتحاد الأوروبي تجاهلوا، عند صياغتهم مسودة السياسة الأوروبية المشتركة للهجرة للجوء 200 تعديل اقترحها البرلمان الأوروبي. وهو ما حدا بالبرلمان الأوروبي إلى التقدم بشكوى في هذا الصدد إلى المحكمة الأوروبية التي تنظر حاليا في هذه الشكوى. وطالب البرلمان بإلغاء السياسة الأوروبية الخاصة باللجوء وهو ما قد يعني إعادة خلط الأوراق من جديد، حسب تعبير كوب.
استمرار تدفق المهاجرين نحو "الفردوس الأوروبي"
هذا وما زالت أفواج المهاجرين تتدفق من القارة الأفريقية بالذات نحو أوروبا وبأعداد كبيرة. وذكرت المصادر الاسبانية الرسمية أن عدد الذين وصلوا إلى جزر الكناري وإلى الأندلس وصل خلال الأشهر التسعة المنصرمة من هذا العام إلى ما يربو على العشرة آلاف. وبينما يدق عدد أخر من المهاجرين على أسوار القارة الأوروبية ويتحينون الفرصة للعبور إليها، ما زال هناك الآلاف الذين يزحفون نحو الجزء الشمالي من القارة السوداء وسيصلون إلى الحدود الأوروبية عاجلا أم أجلا.