Tourismus als Friedensindustrie?
٣٠ سبتمبر ٢٠١١منذ نحو مائة وخمسين عاماً، ذكر الكاتب الأيرلندي أوسكار وايلد أن "السفر تهذيب للعقل وأنه يلغي الأفكار المسبقة لدينا". وهذا المفهوم يترجمه اليوم طالب الرفاعي، الأمين العام لمنظمة السياحة العالمية التابعة للأمم المتحدة، بتأكيده أن السفر هو فعل ديمقراطي، وأن التحرك بحرية يعد حقاً من حقوق الإنسان وليس رفاهية. ويضيف في كلمته التي ألقاها بمناسبة اليوم العالمي للسياحة: "نحن نريد أن نشجع الناس على السفر، لكن مع مراعاة أن يتم ذلك بطريقة فيها مسئولية أكبر".
وعلى الرغم من كل الأزمات، سواء كانت اضطرابات سياسية مثلما يحدث في العالم العربي، أو كوارث طبيعية، فالسياحة تنمو بشكل مطرد. وقطاع السياحة يمثل حالياً نحو خمسة في المائة من قيمة الناتج المحلي الإجمالي في العالم، كما أن واحدة من بين اثني عشرة وظيفة في جميع أنحاء العالم تعتمد على السياحة، إضافة إلى أن ستة في المائة من مجمل الصادرات العالمية من السلع والخدمات متوقفة على حركة السفر. ومن المتوقع أن يصل عدد المسافرين من دولة لأخرى في عام 2020 إلى نحو 1.6 مليار شخص، حسب تقديرات منظمة السياحة العالمية. لكن هذا النمو المتوقع في قطاع السياحة يضع العالم أمام تحديات جديدة.
السياحة المستدامة ضرورة
في زمن التغير المناخي، والجدل حول وضع حدود إلزامية لانبعاث ثاني أكسيد الكربون الضارة وزيادة التصحر، تثير بعض المشروعات السياحية تساؤلات حول مدى احترامها للتوازن البيئي للمناطق السياحية. ومن الصعب تخيل أن تتم عملية إقامة المنتجعات السياحية دون الإضرار بالبيئة: فكل فندق يستهلك كميات هائلة من الطاقة، ويتسبب في إهدار كبير لمياه الشرب النقية. وإقامة ملاعب ضخمة للغولف تأتي على حساب الزراعة في كثير من البلدان التي يعاني كثير منها من موارد المياه الشحيحة. والقائمة تطول بكل التحضيرات التي تؤثر سلباً على البيئة. لذلك تطالب منظمة السياحة العالمية باعتماد اتفاقية عالمية لأخلاقيات السياحة، بهدف التأثير الإيجابي اقتصادياً واجتماعيا ًوثقافياً على قطاع السفر، وتقليل الآثار السلبية للسياحة على البيئة والمجتمع ككل.
وفي هذا السياق، يرى الرافعي أن مهمتهم ومهمة شركات السياحة والمسئولين السياسيين تكمن في توعية الناس بأن السياحة لو أسيئت إدارتها، فستؤثر بشكل سلبي على البيئة والمجتمع والثقافة والاقتصاد. مشيراً إلى أن البيئة السليمة والتراث الثقافي هي الرأسمال الأساسي للسياحة، والضمان لاستمراريتها ونموها.
هذا المفهوم للاستدامة في قطاع السياحة قد اعتمده المعهد الدولي للسلام عن طريق السياحة ومقره في الولايات المتحدة الأمريكية، في أول ندوة عالمية للسياحة أقيمت في فانكوفر عام 1998، وتطبيقه ناجح إلى حد كبير، اذ أصبح السياح أكثر وعياً بشئون البيئة والمجتمع كما يؤكد رئيس المعهد لويز دامورا الذي قال : "السياح يبحثون الآن عن تجارب الحياة الحقيقية، ويريدون التعرف على الناس في البلدان التي يسافرون إليها، يريدون التعرف على ثقافتهم وتاريخهم".
وفي تقدير أموريه، فإن قطاع السياحة الثقافية والتعليمية وسياحة العمل التطوعي في بلدان أخرى تنمو بنسبة كبيرة جداً، كما أن واحدا من بين خمسة مسافرين سنه تحت الخمسة وعشرين عاماً حسب تقديره. ويضيف في هذا السياق: "هؤلاء الشباب يريدون الاتصال بشباب مثلهم، وهذا الجيل من الشباب هو أملنا في المستقبل. فنحن نشهد بروز جيل من المواطنين العالميين".
ويعتبر الأمين العام لمنظمة السياحة العالمية هؤلاء المواطنين العالميين سفراء للثقافات بالمعنى الأشمل للكلمة، ويأمل أن يحقق هؤلاء السفراء عالماً أكثر تسامحاً واحتراماً للآخر، ويقول في هذا السياق: "نتمنى أن يساهم هذا التحول في مفهوم السفر في إيجاد عالم أكثر تسامحاً وقدرة على قبول الخصائص والصفات المختلفة للشعوب. ولذلك فنحن نأمل أن يحترم السياح تقاليد البلدان وثقافاتها المختلفة، وليس العكس".
وهذه النظرة للسياحة كمحرك للتنمية وخدمة السلام بين الشعوب هي الرؤية الطموحة لمنظمة السياحة العالمية، والأهمية الاقتصادية لقطاع السفر يجعل منه وسيلة إضافية لتنفيذ الأهداف الإنمائية للألفية في تخفيف وطأة الفقر وزيادة الوعي البيئي وتمكين المرأة، كما يؤكد الرفاعي.
الربيع العربي قد يحسن قطاع السياحة في المنطقة
يظهر نمو قطاع السياحة رغم الكوارث الطبيعية والأزمات السياسية أنه قطاع يتميز بالمرونة، فالسياح قد يغيرون وجهتهم، لكنهم لا يلغون خطط السفر. وفي هذا العام مثلاً، خسر أصحاب الفنادق في مصر وتونس الكثير بسبب الأوضاع السياسية المضطربة في البلدين، حيث اتجه السياح إلى بلدان مثل إسبانيا أو إيطاليا. لكن هذا الأمر لا يعني أن الربيع العربي يضع نهاية للسياحة في تلك البلدان، حسبما يرى الرفاعي. ويوضح الأمين العام قائلاً إن الديمقراطية والشفافية يهيئان المناخ للأعمال التجارية، الأمر الذي سيحفز السياحة في رأيه. ويعطي مثالاً بإسبانيا، التي تعد الآن من أهم الوجهات السياحية في العالم، ويقول: "لقد أقيمت معظم الفنادق وشيدت ألبنا التحتية في ظل ديكتاتورية فرانكو، لكن السياحة تطورت في البلاد فقط بعد أن صارت ديمقراطية". متوقعاً أن يتحسن الأمر في مصر وتونس بنفس الشكل.
ميريام غيركه/ سمر كرم
مراجعة: محمد المزياني