الشرطة الألمانية والبحث عن حل لمشكلة استخدام العنف
١٠ مارس ٢٠١٣من يشاهد صورة الشابة تيريزا بعد إصابتها بجروح في عينها وفي وجهها وكسر في عظم أنفها فلن ينسى هذه الصورة أبدا. وكانت المرأة الشابة في سن الثالثة والعشرين قد اتصلت قبل إصابتها بالشرطة طلبا للمساعدة، إذ بدا لها أن الجدل مع صديقها سيزداد حدة. ولم يقم صديقها بضربها نهاية الأمر، بل رجل شرطة، الذي قال بأنه قام بذلك للدفاع عن نفسه. ولازالت التحقيقات سارية في هذه القضية.
تسجل في ألمانيا كل سنة 2000 حالة يتم فيها استخدام القوة بشكل غير قانوني من قبل الشرطة. ومن المحتمل أن يكون عدد الحالات غير المسجلة أكبر بكثير. "لن ننجح أبدا في حل هذه المشكلة كليا"، كما يقول مدير الشرطة في مدينة كولونيا أودو بيرينديس في حديث مع مؤسسة دويتسه فيله، مشيرا إلى أن رجال الشرطة يقومون في حالات معينة بأخطاء بسبب مهنتهم. "غير أنه يمكن رفع مستوى الإحترافية"، كما يؤكد بيرينديس الذي تولى عام 2002 منصب مدير أربعة مراكز شرطة في كولونيا، من بينها مركز حي أيغيلشتاين الذي أساء فيه رجال شرطة معاملة أحد المتهمين، حيث توفي إثر جروحه. "لذلك غيرنا في غضون سنة ونصف هيكلة المركز بشكل جدري". ومنذ نهاية عملية الإصلاح هذه يحظى رجال الشرطة هناك بوعى جديد بأنفسهم وبمهنتهم، كما يقول بيرينديس. الإحترافية لا تكمن في أنهم أقوياء أمام آخرين، وإنما في أن يقوموا بدور يساهم في حل النزاعات. وهذا يشمل أيضا ضرورة عدم كتمان الحديث عن الاخطاء التي يرتكبها بعض زملائهم.
إهمال كشف الأخطاء
غير أن ذلك لايمكن ملاحظته في عدد كبير من مراكز الشرطة حتى الآن، كما يقول توماس فيلتيس من جامعة بوخوم. " من أجل كشف الأخطاء يحتاج العمل إلى التحسين"، فالضباط يدافعون في حالات كثيرة عن رجال الشرطة التابعين لهم رغم عدم والقيام بتحقيقات جدية.
السبب في ذلك هو أن ضباط اليوم حصلوا على تدريبات قبل 20 أو30 عاما. والفلسفة السائدة آنذاك هو أن الشرطة لا ترتكب أبدا أخطاء. „نشهد الآن الانتقال من قيادة مسنة وغير مستنيرة إلى قيادة من جيل جديد تقوم بعملها عبر الاعتماد على مبادئ أخرى"،و يقول توماس فيلتيس، مشيرا إلى أن الحقوق الأساسية وحقوق الإنسان تشكل اليوم جزءا ثابتا في تدريب رجال الشرطة. "إنه أمر ممتاز"، كما يؤكد أيضا أليكسندر بوش من منظمة العفو الدولية. إلا أن هناك فرقا كبيرا بين التدريب والحياة المهنية اليومية. "فرجال الشرطة الجدد يبدأون عملهم بعد إكمال تدريب جيد. وإذا بدؤوا به عن طريق الصدفة في مركز يتسم بضعف الإنسجام، فإنهم يتكيفون مع ذلك الوضع كثيرا ما".
تحقيقات غير نزيهة
ينتقد بوش أنه حالات كثيرة يتم إيقاف أحكام التحقيقات السريعة. "لا يُحكم على نسبة 90 بالمائة من رجال الشرطة المتهمين"، كما يقول. وتوضح تقارير منظمة العفو الدولية بهذا الشأن أن تحقيقات موظفي الشرطة ضد زملائهم في الشرطة ليست نزيهة بالكامل، مقارنة مع التحقيقات ضد المواطنين الآخرين.
لهذا السبب يؤيد أليكسندر بوش تشكيل لجان تحقيق مستقلة كما هو الآمر منذ فترة طويلة في دول أخرى مثل بريطانيا. غير أن السياسيين الألمان يتجاهلون اقتراحه حتى الآن، رغم أن الاتحاد الأوربي والأمم المتحدة طالبت باتخاذ مثل هذه الخطوات.
الوقاية من العنف بدلا من الرد عليه
ولا يعني ذلك صعوبة تحسين هذا الوضع في ألمانيا، كما يقول أودو بيرينديس. "أدركنا أنه لا يكفي اتخاذ إجراء ما فقط لحل المشكلة، وإنما يجب اتخاذ العديد من الإجراءات البسيطة"، بينها الحديث بشكل شامل مع رجال الشرطة عن منظورهم من تلك المواقف وتنظيم دورات تأهيلية. وتعرف رجال الشرطة الذين يعملون بقيادة بيرينديس على المجموعات المتسببة في عدد من المشاكل مثل المدمنين على المخدرات والمومسات، وذلك بهدف فهم خلفية ما يحدث من مشاكل ومواجهتها مبكرا.
بعد مرور عشرة أعوام على قيام أودو بيرينديس بمواجهة أعمال العنف من قبل الشرطة فإنه يؤكد الآن: "لدي الانطباع أننا أصبحنا نتحكم بصورة أفضل في العنف الموجه ضدنا مثلما نتحكم في أنفسنا بصورة أفضل". وهذا يعود بالفائدة على كلا الجانبين.