ايرباص مشاكل لامتناهية
١١ أكتوبر ٢٠٠٦ما زالت تداعيات الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها الشركة الأوروبية لصناعة الطائرات إيرباص تتفاعل على الساحة الاقتصادية الألمانية بشكل خاص وعلى الساحة الاقتصادية الأوروبية بشكل عام. ويعزو المراقبون هذه الأزمة إلى تبني شركة الدفاع الجوي والفضاء الأوروبية "إي أيه دي إس"(EADS)، الشركة الأم لإيرباص خطة تقشف كبيرة تهدف إلى خفض تكاليف التصنيع وتعويض تبعات تأخير تسليم النسخ الأولى من الطائرة العملاقة 380A. فقد أعلن مجلس إدارة الشركة الأوروبية للدفاع الجوي والفضاء EADS أنه سيترتب على الخطة المشار إليها تسريح عدد كبير من الموظفين. ففي اجتماع لمدراء الشركة نظم الأسبوع الماضي، تم الإعلان عن برنامج تقشف يرمي إلى خفض تكاليف التصنيع إلى حوالي 2 مليار يورو سنويا.
وانطلاقا من هذه الإجراءات وحسب تقرير لصحيفة "بيلد" الألمانية الواسعة الانتشار، فإن إيرباص ستغلق خمسة مواقع إنتاجية ألمانية وأن هذه الإجراءات ستؤدي إلى تسريح حوالي 6600 موظف. ويدور الحديث عن منشآت ومصانع تقع في كل من نوردنهام وستاده وفارله وبوكستهودة ولاوبهايم. وتقول التقارير الصحفية إنه سيتم بيع هذه المنشآت لمستثمرين سيواصلون تزويد إيرباص بالخدمات ذاتها ولكن مقابل أسعار أقل من الأسعار الحالية. وحسب هذه الخطة، فإن العاملين سيحتفظون بأماكن عملهم، ولكنهم سيتقاضون أجورا أقل، كما نقلت الصحيفة عن مصادر قالت إنها مطلعة.
إيرباص تنفي
من جانبها، نفت شركة إيرباص هذه الأنباء بشدة. وقالت متحدثة رسمية متحدثة باسم الشركة إن كل ما قيل "غير صحيح وإن هذا لا يخرج عن دائرة التوقعات." وأضافت المتحدثة أنها لا تعرف من أين جاء هذا التقرير، مؤكدة أنه لا يوجد أساس لمثل هذه الأخبار." وتأتي هذه الأنباء في الوقت الذي تسربت فيه أخبار عن نقل كل مواقع إنتاج طائرة 380A إلى مدينة تولوز الفرنسية. أما رئيس مجلس العاملين في الشركة، فقد طالب بأن يكون الإغلاق "موزعا بالتساوي بين البلدان المختلفة المشاركة في عملية الإنتاج."
برنامج Power8 التقشفي
تجدر الإشارة إلى أن إعلان شركة إيرباص عن تأخير جديد لمدة سنة في تسليم النسخ الأولى من طائرات ايرباص "380A" تسبب في إحداث أزمة غير مسبوقة للشركة الأوروبية. وستعمل خطة التقشف الجديدة المعروفة بـ" Power8" والتي ستستمر لمدة أربع سنوات على توفير 30% من التكاليف. ونسبت صحيفة "بيلد" الألمانية إلى مصادر مقربة من شركة إيرباص قولها إنه سيتم تسريع العمل بالبرنامج التقشفي بوتيرة كبيرة خلافا لما كان متوقعا. وأضافت أنه سيتم النظر في مسألة مصنع هامبورغ هذا الأسبوع.
وحسب معلومات تسربت إلى الصحيفة من مصادر مطلعة، فإن خطة التقشف ستطال ألف عامل في شمال ألمانيا وأن هذه الخطة لن تؤدي إلى تسريح العاملين الدائمين قبل عام 2012. وتابعت الصحيفة أن هذه الخطة قد تطال الموظفين غير الدائمين في محطة إنتاج الطائرة العملاقة "380A". وفي سياق متصل، دعا وزير المالية الفرنسي، رئيس مجلس إدارة إيرباص الجديد لوي غالوا إلى تطبيق خطة النهوض بالشركة دون تأخير."
نقاش سياسي ألماني
وفي ألمانيا، إحدى أكبر الدول المستثمرة في إيرباص، أدى الإعلان عن خطة التقشف إلى إحداث نقاش سياسي بين الأحزاب الألمانية. فقد ظهرت على السطح خلافات حول إمكانية مساهمة الحكومة الألمانية في ضخ أموال إلى الشركة الأم EADS. وأوضح لاورنتس ماير من الحزب المسيحي الديمقراطي أن الحكومة الألمانية لن تتدخل فيما يحدث، عازيا ذلك لأسباب سياسية. أما لودفيج ستيجلر من الحزب الاشتراكي الديموقراطي، فقد أيد تدخل الحكومة الألمانية، الأمر الذي يفتح المجال أمام ألمانيا للعب دور حاسم في توجهات الشركة، على حد تعبيره.
وفي الوقت نفسه، حذر ستيجلر إدارة شركة إيرباص من تقديم المصالح الفرنسية على حساب مصالح الشركاء، قائلا إنه لابد من مراعاة "التوازن والعدل" ما بين المواقع الفرنسية والألمانية في تطبيق برنامج التقشف هذا. إلى ذلك، حذر ماير من مغبة أن يكون إلغاء الوظائف على حساب ألمانيا وحدها. ودعا ماير الإدارة الجديدة إلى ضرورة أن تعي أن هذه المجموعة الأوروبية هي شركة مشتركة. كما طالب بضرورة أن تبقى ألمانيا جزءا مهما في صناعة القرارات المتغلقة بمستقبل الشركة. ومن جهة أخرى، يحاول المسؤولون في إيرباص وفي EADS التخفيف من حدة المنافسة الفرنسية الألمانية وتقديم تطمينات حول نتائج إعادة تنظيم فرعي الشركة الكبيرين في تولوز وهامبورغ.