الكاردينال الألماني جوزف راتسينجر خليفة للبابا يوحنا بولس الثاني
تأكدت تكهنات خبراء الفاتيكان ووسائل الإعلام اليوم عندما ظهر الكاردينال الشيلي خورخي أرتورو ميدينا إستيفيس معلنا عن شرفة كاتيدرائية القديس بطرس عن أن "الخلوة السرية" التي بدأت أمس الإثنين تمخضت عن انتخاب الكاردينال الألماني المحافظ جوزف راتسينجر ليقود الكنيسة الكاثوليكية خلفا للبابا الراحل يوحنا بولس الثاني. وأعلن الفاتيكان عن أن جوزف راتسينجر اختار الإسم البابوي بينيدكت السادس عشر. وكان اسم الألماني الذي شغل منصب كبير علماء الكهنوت في الفاتيكان تردد في الأيام القليلة الماضية كمرشح لخلافة البابا الذي انتقل إلى مثواه الأخير في الثاني من أبريل / نيسان الجاري. ووفقا للخبراء فإن راتسينجر الذي كان أكثر الكرادلة قربا من يوحنا بولس الثاني يحظى بتأييد المحافظين في الأوساط الكاثوليكية.
هتافات في ساحة القديس بطرس
وسبق إعلان الفاتيكان عن اسم البابا الجديد ظهور دخان أبيض من مدخنة كنيسة سيستينا كإشارة إلى اتفاق 115 كاردينالا على الحبر الأعظم الجديد الذي انتظر 1،1 مليار كاثوليكي في جميع أنحاء العالم تنصيبه. واستقبل رنين أجراس الكنائس الذي بشر بالخبر الأكيد آلاف من أبناء الطائفة الكاثوليكية في ساحة القديس بطرس في الفاتيكان.
مهام صعبة بانتظار بينيدكت السادس عشر
بينما ردد آلاف المصلين في ساحة القديس بطرس في الفاتيكان اسم البابا الجديد، يُمعن آخرون في التفكير في المهام الصعبة والملفات الساخنة التي تنتظره. ومن بين أهم هذه المسائل الشائكة هي العلاقة مع العالم العربي والإسلامي. ولا تقتصر حدود هذه العلاقة على التصريحات التي صدرت عن الكاردينال جياكومو بيففي، بل تمتد إلى مسألة اعتذار الفاتيكان والبابا الجديد عن ويلات الحروب الصليبية التي تعرض لها العالم العربي والإسلامي على غرار اعتذار الكنيسة لليهود إزاء سكوتها في عهد البابا بيوس الثاني عشر عن الجرائم التي ارتكبها النظام النازي بحقهم في الحرب العالمية الثانية. أما الملف الساخن الآخر فهو ملف مدينة القدس وما لها من أهمية دينية في العالم الإسلامي. صحيح أن الفاتيكان وقّع في مستهل عام 2000 اتفاقا مع السلطة الوطنية الفلسطينية اعترف من خلاله بحق الفلسطينيين في المدينة ومحافظتهم على تراثهم الروحي فيها وكذلك تصريحات البابا السابق يوحنا بولس الثاني الأخيرة بأن الوضع الحالي يتطلب "بناء الجسور وليس بناء الجدران"، في إشارة منه إلى الجدار الإسرائيلي العازل جاءت لتشير إلى مواقف البابا الشجاعة وتضامنها مع القضايا العربية، ولكن هل سيواصل البابا الجديد هذه السياسة ؟ ومن بين القضايا التي ستشغل البابا الجديد هي قضية دور الدين المسيحي وقيمه في الدستور الأوروبي، الأمر الذي ترفضه معظم الحكومات الأوروبية وخاصة بعد نجاح الفرنسيين في تمرير النهج العلماني في الدستور الأوروبي وإسقاط جميع القوانين التي تشير في الدستور إلى الجذور المسيحية. إذاً، هذه هي أهم الملفات التي سيتعين على الحبر الأعظم الجديد جوزف راتسينجر التعاطي معها، ولكن مهامه لن تقتصر على ذلك، إذ أن الفراغ الذي سيتركه البابا يوحنا بولس الثاني سيكون كبيرا جدا نظرا إلى الكاريزما التي تمتع بها وتأثيره الكبير على الديانة المسيحية على مدى أكثر من ربع قرن.
من هو جوزف راتسينجر؟
ولد الكاردينال رايتسنجر في 16.04.1927 في مدينة ماركتل في ولاية بافاريا في جنوب ألمانيا، ودرس الفلسفة وعلم اللاهوت، ثم تبنى تدريس علم اللاهوت في جامعة فرايزنغ ليحصل في عام 1957 على درجة الأستاذية في سن الثانية والثلاثين. وفيما بعد مارس رايتسنجر تدريس علم اللاهوت في جامعتي بون ومونستر. وأصبح رايسنجر في عام 1951 قسيساً في مدينة ميونيخ. وقد خدم رايتسنجر، الذي يعتبر أول بابا ألماني يرأس الفاتيكان منذ 5 قرون، البابا الراحل منذ عام 1981 حيث شغل في هذا العام منصب رئيس لجنة الفكر المسيحي بناءً على رغبة البابا. وواصل رايتسنجر صعود درجات سلم النفوذ البابوي ليتم تأكيد اختياره في عام 1998 نائباً لرئيس مجمع الكرادلة من قبل البابا يوحنا بولس الثاني. وفي عام 2002 تم اختياره رئيساً لمجمع الكرادلة.
لؤي المدهون/ ناصر جبارة