اللاجئون عند الحدود الكينية... صراع على الموارد الشحيحة
١٩ أبريل ٢٠١٧
طوال الليل والخشب يحترق إلى حين تحوله الى فحم خشبي. إنه الحطب الذي جمعته أليسه ماراكا وأفراد أسرتها على مسافات طويلة قطعتها من مكان لآخر في منطقة قاحلة بهدف تفحيمه ومقايضة الخشب المفحم مقابل مواد غذائية. وهي تحصل في مخيم اللاجئين التابع للأمم المتحدة في كاكوما على طبقين من الدخن مقابل تقديم صحن من الفحم.
وتشتكي السيدة ماراكا وتقول: "ليس لنا غير التجارة مع اللاجئين ولكن المنافسة صارت أكبر، حيث إن اللاجئين أنفسهم بدأوا يشتغلون في تفحيم الخشب فنبقى خاوي الوفاض. "
الحلقة المفرغة للفحم
تنتمى ماراكا إلى شعب توركانا الرعاة والذين يسكنون المنطقة الممتدة بحوالي 100 كلم شمالا حتى حدود جنوب السودان. وهناك تدور رحى حرب أهلية تدفع بالاهالي للفرار باتجاه شمال كينيا بشكل مستمر . وهناك يلتقي اللاجئون بسكان منطقة تقليدية وأناسها. ومثل أليسه ماراكا يعيش العديد من أسر شعب توركانا حياة الرُحال المتنقلين هناك بقطيعهم من الدواب والاغنام والبقر والجمال التي تزود الناس باللبن واللحم والدم والجلد. لكن الجفاف يأتي على تلك الحيوانات، فيفقد الناس بذلك سبل عيشهم. وليس في المنطقة ما يمكن اعتباره بديلا لتلك الموارد من أجل توفير فرص العيش للأهالي هناك، ومع القيام بتفحيم خشب الاشجار والنباتات تنقص معها الموارد المائية مما يساهم في استمرار جفاف المنطقة بشكل أكبر.
أسرة أليسه أيضا فقدت في الاسابيع الماضية كل دوابها تقريبا. ولذلك نصبت خيمتها المستديرة بالقرب من المخيم الأممي لللاجئين، بهدف الحصول على ماء ومواد غذائية. " في السابق لم يثر وجود اللاجئين انتباهنا، ولكن حاليا لدينا شعور أنهم يسلبون أراضينا و مياهنا.
موارد قليلة في عوالم منفصلة
حاليا تقوم الامم المتحدة وغيرها من منظمات المساعدات الانسانية برعاية حوالي 180.000 لاجئ في مخيم كاكوما. أما بالنسبة للمواطنين الاصليين فالحكومة الكينية هي المسؤولة عنهم. وهكذا يعيش اللاجئون وشعب توركانا في عوالم منفصلة ولا تجمعهم إلا نقاط توزيع المياه او صور الحياة اليومية في السوق.
"لايمكن أن نطلب من اللاجئين الرجوع الى ديارهم، ولكن هناك مشاكل. ويجب على الحكومة أن تساعدنا. لأننا نتضرر من اللاجئين فهم يسرقون دوابنا عند تنقلنا ويهددوننا إذا طلبنا منهم إرجاعها" كما تقول أليسه.
إشاعات داخل المخيم
الجفاف يزيد من حدة المعركة في طريق البحث عن الموارد القليلية. وفي كاكوما وجب على برنامج التغدية العالمي خفض مساعداته لمخيم الللاجئين هناك بنسة 50 بالمائة، وذلك بسبب تراجع حجم المساعدات ونقصها، في وقت لم يعد المخيم يستطيع فيه استيعاب لاجئين أكثر. من الجانب الآخر يشتكي أيضا اللاجئون من شعب توركانا ويتهمون أفراده بالعنف والسرقة، كما يحكي قادمون جدد من جنوب السودان. وبذلك تكثر مثل هذه الإشاعات وتنتشر داخل المخيم.
من خلال هذا الجفاف يسعى برنامج مساعدة اللاجئين الاممي إلى مد جسور بين عوالم اللاجئين والسكان الاصليين حيث بدأ - بسبب التدفق المستمر لللاجئين - باقامة منطقة سكنية بالقرب من كالوباي يقيم فيها سويا لاجئون ومواطنون أصليون في سبيل إدماجهم وانعاش التجارة بينهم، لكن تحقيق المشروع ليس بالأمر الهين كما تقول مديرة البرنامج في كاكوما: "ما يهمنا هي الاستقلالية والمسؤولية الذاتية. نريد تجنب الاعتماد فقط على المجموعة الدولية، حيث إن المساعدات المالية في تراجع مستمر" . الجفاف يؤثر أيضا على عمل البرنامج " فمواطنون أصليون يسعون إلى إيقاف قافلتنا عندما نريد التنقل من المخيم الى المستوطنة. وعندما نسألهم لمذا؟ يكون جوابهم: لأننا في حاجة الى ماء."
مخيم اللاجئين منذ عام 1992
حتى شهر مايو الماضي تم نقل 30.000 شخص الى المستوطنة التجريبية كولوبايي. أغلبهم لاجئون والعديد منهم يقيمون في مآوي طارئة من الخشب والبلاستيك، حيث يعبر كل شهر 2000 شخص الحدود بين السودان الجنوبية و كينيا. وهناك مساعدات ولكنها غير كافية. وتضيف مديرة المخيم سوميت لانغي "كنا بحاجة الى 226 مليون دورلا في كينيا لتمديد اللاجئين والمواطنين المحليين المحيطين بالمخيم بما يجب، ولكننا لم نحصل إلا عن 20 بالمائة من ذلك المبلغ".
الكاتبة: زاندرا بيترسمان/ع.أ