المواقع الاجتماعية وصناعة الرأي العام على الطريقة الإيرانية
١٨ مايو ٢٠١٧
تُسجل قبل الانتخابات الرئاسية في إيران أجواء مفعمة في المواقع الاجتماعية. ففي الـ 19 من مايو ينتخب الإيرانيون رئيسا جديدا لهم. وكما هو الحال في الغالب عشية الانتخابات تعيش البلاد ربيعا قصيرا في حرية التعبير عن الرأي، وخاصة في المواقع الاجتماعية، حيث يعبر القراء عن مواقفهم الانتقادية فيوجهون أسئلة ونداءات لمرشحي الرئاسة.
على الجانب الآخر يستخدم السياسيون أيضا المواقع الاجتماعية لتعبئة الناخبين والأنصار. ففي مطلع مايو حث الزعيم الروحي آية الله خامنئي مرة أخرى جميع الإيرانيين على الإدلاء بأصواتهم. واعتبر خامنئي أن المشاركة القوية في انتخابات الـ 19 من مايو ستشكل تأكيدا للنظام السياسي في إيران.
رغبة في صناعة الموقف السياسي
بالنسبة لناشطي الشبكة فإن الفترة ما قبل الانتخابات تشكل فرصة جيدة للكشف عن الأوضاع السيئة في البلاد والإعلان عن أهداف بعيدة المدى. "نشهد رغبة عامة في صناعة الموقف سياسي. وهذا تطور قوي يظهر في المواقع الاجتماعية"، كما يقول أحد الصحفيين الإيرانيين المتابع لأنشطة مستخدمي الانترنيت الإيرانيين. وتفيد إحصائيات رسمية أن أكثر من نصف عدد سكان إيران البالغ عددهم 80 مليون يتوفرون على الإنترنيت. "جزء كبير منهم لا يرغب إلا في التسلية. وهم غير مهتمين بنقاشات جدية في موضوعات سياسية. لكن الشيء الذي يدعو للأمل هو الاهتمام المتزايد لجزء من المستخدمين، الذين يريدون الوصول إلى شيء ما عبر المشاركة في الحملات الشبكية. ويتعلق الأمر هنا غالبا بموضوعات اجتماعية مثل مواضيع العنف ضد المرأة والأطفال".
فجأة هناك من يدافع عن حقوق المرأة
لا تحصل مثل هذه الحملات في المواقع الاجتماعية على دعم كبير فقط ، بل إنها تتحول إلى موضوعات في الحملة الانتخابية لمرشحي الرئاسة. وتلاحظ الخبيرة فيكتوريا تهماسبي بيرغاني: "نحن نشهد فجأة مرشحي الرئاسة كملمين بحقوق المرأة والمواطنين. ويتحدثون بشكل انتقادي وكأنهم ينتمون للمعارضة". وتضيف الباحثة في جامعة تورنتو أن جميع مرشحي الرئاسة ينتمون للنظام السياسي القائم الذي يقمع الناشطين في مجال حقوق المرأة.
في الحقيقة يبقى ولوج المواقع الإجتماعية مثل فيسبوك أو تويتر مغلقا في إيران. إلا أن الإيرانيين يتفادون هذه الرقابة من خلال استخدام تطبيقات أخرى. وتُعتبر إيران بلدا فتيا حيث إن متوسط العمر بمستوى 30 سنة. 80 في المائة من مجموع السكان يعرفون القراءة والكتابة، حيث يتم التركيزعلى التعليم، إلا أنه لا يوجد هناك تعليم سياسي في المدارس وفي الجامعات. كما إن وسائل الإعلام حكومية وتخضع لرقابة صارمة.
"تقع التلفزة والإذاعة الحكومية في يد الدوائر المحافظة في إيران، وبالتالي فان التغطية الإعلامية تكون منحازة ولصالح التوجه السياسي للمحافظين"، كما يلاحظ صادق زباكلام. ويضيف خبير الشؤون السياسية من جامعة طهران:"وبذلك فإن التلفزة والإذاعة الحكومية غير محبوبتين لدى الشباب الإيرانيين. ومن يريد الوصول إلى هؤلاء الشباب يجب عليه أن يتكلم لغتهم. فهم فضوليون وشغوفون بالمواقع الاجتماعية وبتبادل المعارف مع العالم الخارجي".
يعتبر النشاط في الشبكة جريمة
تحت قيادة حكومة روحاني ـ لاسيما بعد الاتفاقية حول البرنامج النووي الإيراني ـ بدأت البلاد تنفتح باستمرار. وتعمل هذا الانفتاح والتبادل المتزايد مع العالم الخارجي على تقوية المجتمع المدني والوعي بأهمية الشبكة. "الجهة المستفيدة هي بعض المجالات القليلة التي لا تصطدم بقيم الجمهورية الإسلامية"، كما يقول أحد الصحفيين، ولكن "عندما يتعلق الأمر مثلا بالمساواة أو بالحقوق ـ مثل رفض عقوبة الإعدام - يتم تصنيف تلكالأنشطة في المواقع الاجتماعية سريعا كجرائم".
"مركز مراقبة ومكافحة جريمة الإنترنيت المنظمة" هي الجهة التي تحدد جرائم الإنترنيت. ويخضع هذا المركز لحرس الثورة المحافظ وهو مخول بمراقبة شبكة الإنترنيت. وقد وقف هذا المركز مثلا في الـ9 من مارس الماضي خلف اعتقال الصحفية حنغامي شهيدي التي كانت قد نشرت من قبل رسالة مفتوحة عبر المواقع الاجتماعية حذرت فيها من قمع ممنهج لأصحاب الرأي ونشطاء الشبكة عشية الانتخابات الرئاسية. ومنذ نهاية مارس تخوض شهيدي إضرابا عن الطعام. ويقول صحفي إيراني:"الدولة تعرف قوة المواقع الاجتماعية ابتداءا من القائد الروحي حتى مرشحي الرئاسة، كلهم ينشطون في الشبكة، إنهم يستخدمون هذه الوسائل لمآربهم السياسية ويرفضون أن يحصل جميع المواطنين على الإنترنيت، ولكنهم خسروا معركة احتكار المعلومات".
شبنام فون هاين/ م.أ.م