تبعات بركان ايسلندا ـ خسائر عالمية بالمليارات تصيب مختلف القطاعات
٢١ أبريل ٢٠١٠
تتحدث شركات الطيران حاليا عن تعرض قطاع الطيران إلى أكبر حالة فوضى منذ الحرب العالمية الثانية. وتقدر هذه الشركات خسائرها اليومية الناجمة عن إغلاق المطارات الأوروبية بـ 200 مليون دولار أمريكي يوميا. وتجاوزت آثار وقف الرحلات الجوية في أوروبا بسبب بركان أيسلندا شركات الطيران وامتدت إلى شركات الأغذية ومنتجي الزهور والفاكهة والخضروات وبقية قطاعات التصدير والاستيراد.
وترفض حاليا كثير من شركات الطيران استقبال بضائع شحن، فمثلا أرسلت شركة "فيرغين أتلانتيك" البريطانية إلى زبائنها رسائل إلكترونية قالت لهم فيها إن أماكن التخزين في مطار هيثرو في لندن لم تعد تحتمل المزيد، كما أعلنت شركة "بان ألبينا" السويسرية عن زيادة فورية في أسعارها الخاصة بنقل البضائع، أما مخزن لوفتهانزا في مطار فرانكفورت فممتلئ تماما لذلك فقد توقفت شركة الطيران الألمانية عن استقبال بضائع شحن حتى إشعار آخر.
تأثر المواد الغذائية والزهور
في الأيام المقبلة سيشعر رواد محلات المواد الغذائية في أوروبا بأثر توقف رحلات الطيران، فعلى سبيل المثال سيكون هناك نقص في اللحوم القادمة من الأرجنتين أو الأسماك القادمة من بحيرة فيكتوريا بإفريقيا، لأن مثل هذه البضائع لا يمكن جلبها حاليا إلى أوروبا.
من جهة أخرى تخشى مزارع الزهور في كينيا من تعرضها لخسائر بملايين الدولارات، حسب ما ذكرت صحيفة "صنداي نيشن" الكينية. وأفادت الصحيفة أن قطف الزهور توقف منذ يوم الأحد (18 أبريل/نيسان 2010)، بسبب امتلاء صالات التخزين في مطار نيروبي بالزهور والخضروات التي تنتظر نقلها إلى خارج البلاد. ويمثل عائد صادرات الزهور في كينيا 20 في المائة من إجمالي عوائد الصادرات الكينية، وهو ما يفوق دخل البلاد من قطاع السياحة. وتتجه 97 في المائة من رحلات شحنات الزهور الكينية إلى دول الاتحاد الأوروبي.
توقف خطوط الإنتاج وقطاعات التصدير والاستيراد
يقول "نيلس هاوبت" المتحدث باسم قسم الشحن في شركة لوفتهانزا إنه يمكن أن تقع صعوبات للمصانع لو توقف وصول قطع غيار آلات الإنتاج، ففي حالة عدم استطاعة شركة ما الحصول على قطعة غيار ثمنها خمسة آلاف يورو، يمكن أن يتسبب هذا وبسرعة في خسارة للشركة قد تصل إلى مائة ألف يورو. ويتحدث الخبراء في قطاع الآلات والماكينات وقطاع إنتاج السيارات وقطاع النقل البحري عما يسمى "إمداد الطوارئ" بواسطة الطائرات. لأن الحاجة إلى قطع الغيار مستمرة، وفي حالة عدم الحصول على قطعة الغيار المطلوبة، تتوقف خطوط إنتاج كاملة. وقال بعض المحللين إن تعطل حركة الطيران قد يسبب خسائر لشركات الطيران وشركات الشحن تصل إلى ثلاثة مليار دولار.
وفي قارة آسيا تعاني شركات تسليم الشحنات والتصدير من تعطل تسليم السلع التي تنقل جوا عادة بما في ذلك هواتف محمولة وأجهزة الكترونية استهلاكية تعتمد على التكنولوجيا المتقدمة ومكونات الكترونية آسيوية متطورة مهمة لخطوط الإنتاج في أوروبا.
وقالت شركة نيسان، ثالث أكبر شركة السيارات اليابانية، إنها ستوقف الإنتاج لمدة يوم في ثلاث خطوط إنتاج بمصنعين يابانيين نتيجة نقص في المكونات. وذكرت شركة هون هاي برسيشين اندستري، اكبر شركة منتجة لمكونات الالكترونيات في تايوان، أن تأجيل وصول المكونات أدى لتأخر الإنتاج بما يصل إلى ثلاثة أيام.
تأخر وتوقف البريد
ذكر متحدث باسم اتحاد البريد العالمي في برن بسويسرا والذي يضم في عضويته 191 شرطة بريد، أن شركات البريد في أنحاء أوروبا تحاول الآن مواجهة المشاكل الناجمة عن توقف الطائرات اللازمة لنقل الرسائل والطرود عن التحليق. وتابع "البريد الدولي هو الذي يحتاج بشكل مطلق إلى رحلات جوية". ومع تنامي عدد الطرود والرسائل والفواتير وغيرها من الوثائق التي تنتظر الشحن بشكل عاجل؛ تسعى الآن بعض الشركات الأوروبية بالفعل في البحث عن بدائل أخرى مثل النقل البري. أما بالنسبة للبريد المرسل إلى خارج القارة فإن شركات البريد تحاول نقل الرسائل والطرود إلى جنوب أوروبا، حيث لا تزال بعض الرحلات تقلع إلى آسيا ومناطق أخرى.
العالم العربي ليس في منأى عن الأضرار
وبصرف النظر عن مدى التأثير فإن العالم العربي ليس بعيدا عن تداعيات توقف حركة النقل الجوي، فشركات الطيران العربية توقفت عن تسيير رحلات إلى عدة دول أوروبية مما كلفها خسائر كبيرة. فمثلا شركة طيران الإمارات قالت إن خسائرها بلغت 65 مليون دولار تقريبا، فيما قدرت شركة دلتا كلفة إلغاء الرحلات بعشرين مليون دولار حتى مساء الاثنين.
وقدر رئيس الشركة القابضة للمطارات المصرية إبراهيم مناع خسائر المطارات المصرية منذ بداية الأزمة بما يتراوح بين مليون و1.5 مليون دولار. وقد علق آلاف الركاب في كل من مطار دبي والقاهرة وغيره من المطارات كما شهدت السياحة تراجعا ملحوظا.
وبالنسبة للتجارة العربية مع ألمانيا قال عبد العزيز المخلافي، أمين عام غرفة التجارة والصناعة العربية الألمانية، في برلين إنه من الصعب الآن تحديد مدى تأثر التجارة بين ألمانيا والعالم العربي نتيجة توقف الرحلات الجوية وأضاف: في حديث مع دويتشه فيله، "بدون شك توقف الرحلات كان له تأثير على تحركات رجال الأعمال، وتأثرت أيضا عملية نقل الزهور والمواد الغذائية سريعة التلف التي تحتاج إلى نقل بشكل سريع، لكن النقل الجوي للمواد الغذائية لا يشكل إلا نسبة ضئيلة من مجمل النقل".
ويتوقع المخلافي ألا يكون هناك أي تأثيرات رئيسية مباشرة على التبادل التجاري بين ألمانيا والعالم العربي بسبب أزمة الطيران. ويرى أمين عام غرفة التجارة والصناعة العربية الألمانية أنه لا يمكن عمل شيء لمواجهة مثل هذا الموقف في المستقبل "فبركان أيسلندا كارثة طبيعية يمكن أن يقع مثلها في أي وقت وأي مكان ومن الصعب التنبؤ بها."
الكاتب: صلاح شرارة/ إينا روتشايد (رويترز/ د ب أ)
مراجعة: عبده جميل المخلافي