تزايد الدعوات لحظر الحزب القومي الألماني المتطرف
٢٧ أغسطس ٢٠٠٧في ظل تزايد الأحداث العنصرية التي استهدفت في الآونة الاخيرة أجانب من جنسيات هندية وعراقية وافريقية، تصاعد النقاش في الساحة الألمانية حول سبل مكافحة التيار اليميني المتطرف. ويرى عدد من الساسة الألمان أنه بات من الضروري اللجوء إلى المحكمة الدستورية الألمانية العليا للمطالبة بحظر الحزب القومي الألماني اليميني(إن بي دي) القريب من النازيين الجدد والمعروف بتوجهاته العنصرية وعدائه للأجانب.
ويدور النقاش على مستويين احدهما يتبنى وجهة النظر الداعية إلى رفع دعوى أمام المحكمة العليا لحظر الحزب القومي، بينما يشكك الأخر في جدوى هذه الدعوى، معربا عن مخاوفه من أن يقود رفض مثل هذه الدعوى إلى المحكمة إلى إعطاء دفعة لليمين المتطرف في البلاد لمواصلة نشاطه. وفيما تتفق وجهتا النظر حول خطورة هذا الحزب فإن الاختلاف يكمن في طريقة التعامل معه في ظل تعقيدات دستورية، لاسيما بعد أن كانت المحكمة الدستورية العليا في ألمانيا قد رأت عام 2003 عدم وجود مبرر لحظر هذا الحزب في ظل وجود عناصر مخابراتية من وكالة حماية الدستور مزروعة في المواقع القيادية في الحزب بغية مراقبة نشاطاته عن كثب.
اللجوء إلى القضاء محل تنازع
ويتزعم الحزب الاشتراكي الديمقراطي، الشريك في الائتلاف الحاكم، الدعوة إلى ضرورة اللجوء إلى المحكمة الدستورية العليا لحظر نشاط الحزب القومي. فبعد أن أعرب رئيس الحزب الاشتراكي الديمقراطي كورت بيك عن تأييده لرفع مثل هذه الدعوى، توالت الأصوات المؤيدة من داخل قيادات الحزب الاشتراكي لهذا الحظر والمطالبة بسرعة اتخاذ الإجراءات القانونية في هذا الاتجاه. في هذا السياق يعتقد ارهارت كونيك، وزير داخلية برلين بأن الدعوى أمام المحكمة الدستورية العليا من شأنها أن تكلل بالنجاح هذه المرة، مشيرا في مقابلة مع موقع "تاجيس شبيغل" الألماني إلى أن "الحزب القومي مخالف للدستور من دون شك". ويرى كونيك، الذي يتولى في الوقت نفسه رئاسة مؤتمر وزراء داخلية الولايات، أن زرع عناصر وكالة حماية الدستور في قيادة الحزب القومي يمكن التخلي عنها لأنها لم تحقق النتائج المرجوة من وجودها في هذا الموقع.
أما السكرتير العام للحزب الاشتراكي الديمقراطي هوبيرتوس هايل فيرى من جانبه أن على دولة النظام والقانون أن تكون على يقظة تامة إزاء أولئك الذين يسعون إلى القضاء عليها، بحسب تعبيره. ويعتقد ماتياس بلاتسيك رئيس وزراء ولاية براندينبورغ أنه من خلال الحظر فقط سوف يكون ممكنا الحيلولة دون أن يتمكن الحزب القومي من مواصلة بناء هيكلته. ومن جانبها أشارت المتحدثة باسم الحزب في مناطق شرق ألمانيا، ايريس غلايكا، في مقابلة مع صحيفة "تورينغر الغماينه" أن الحزب القومي قام مؤخرا بتوسيع قواعده في الجزء الشرقي من البلاد، ويتوجب، بحسب البرلمانية الألمانية، الآن استغلال هذه الفرصة لتدمير هذه القواعد باللجوء إلى القضاء.
مخاوف من فشل الإجراءات القضائية
من ناحية أخرى يتخوف البعض من القادة السياسيين والآمنين من فشل أي إجراءات قضائية جديدة ضد الحزب، كما حصل عام 2003. في هذا السياق أوضح رئيس وزراء ولاية سكسونيا السفلى كريستيان فولف، من الحزب المسيحي الديمقراطي، بالقول: "صحيح أن الحزب القومي معاد للدستور بلا شك، لكن هناك تعقيدات كبيرة أمام الحظر". وحذر فولف من عواقب اللجوء إلى المحكمة الدستورية العليا مرة أخرى من دون استعداد جيد لكسب القضية.
وكان رئيس الحزب الاجتماعي المسيحي ادموند شتويبر ورئيس وزراء ولاية بافاريا، أكثر وضوحا في موقفه الرافض للجوء إلى القضاء، حين قال إنه في حالة التقدم بدعوى جديدة فإنه سيتوجب على الدولة أن تسحب جميع عناصر مخابرات حماية الدستور التي تراقب نشاط هذا الحزب، مما سيعني ـ وفقا لشتويبر ـ فقدان هذه المصادر المعلوماتية عن نشاط اليمين الألماني، وهذا سيكون في نظره "عملاً بعيداً عن المسؤولية".