جرائم بحق الأطفال تعكر صفو احتفالات أعياد الميلاد في ألمانيا
٢٧ ديسمبر ٢٠٠٧هناك أسماء لن ينساها الرأي العام في ألمانيا بسهولة منها الطفل كيفين الذي مات قبل عام في بريمن شمال ألمانيا. وكذلك الطفلة ليا صوفي التي قضت جوعا في مدينة شفيرين شمال شرق ألمانيا والطفلة جاكلين التي ماتت عطشا في مدينة برومسكيرشين بولاية هسن وسط ألمانيا. ثم قتل ثلاثة أطفال في مدينة بيراتسرهاوزن ومدينة ميونيخ جنوب ألمانيا خلال احتفالات عيد الميلاد.
لقد أثار تراكم مثل هذه الحالات المتشابهة الهلع في الشارع السياسي بألمانيا رغم أن علماء الجريمة يعتبرون تزامن وقوعها محض صدفة. ومع ذلك فإن تأثير تتابع هذه الجرائم في مثل هذا الحيز الزمني الضيق ينذر بوجود مؤشرات مفزعة، إذ لقي أكثر من 150 طفلا مصرعهم في عام 2006 وحده بسبب جرائم العنف. وتقدر منظمات الإغاثة عدد الأطفال الذين يتعرضون للمعاملة السيئة سنويا بمائة ألف طفل.
ميركل تدعو لنظام للإنذار المبكر
وبحثت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل قضية حماية الأطفال وسبل مواجهة إهمالهم من قبل والديهم في ألمانيا في لقائها رؤساء وزراء الولايات الألمانية قبيل عطلة أعياد الميلاد. وتمخض لقاء ميركل مع رؤساء حكومات الولايات الألمانية عن الاتفاق على إلزام الطرف الذي آل إليه حق حضانة الأطفال من الأبوين بالكشف الطبي الوقائي والدوري بالإضافة إلى تحسين تبادل المعلومات بين الهيئات الألمانية المختصة بالطفل وذلك بهدف المسارعة في تقديم المساعدة للأسرة التي تعاني من أعباء كبيرة بسبب أطفالها.
غير أن مطالبة الحزب الديمقراطي الحر بالنص على حماية الطفل في الدستور الألماني لم تحظ بموافقة المشاركين في الاجتماع مع المستشارة. ويخشى عدد غير قليل من السياسيين المحافظين في ألمانيا من استغلال تراكم جرائم قتل الأسر البسيطة غالبا لأطفالها في الأيام الأخيرة كمبرر لتقليص حقوق الوالدين في تربية أبنائهم، تلك الحقوق التي دأبت الدولة على اختصارها تدريجيا مقابل توسيع نفوذ الدولة في تربية هؤلاء الأطفال.
إجراءات قضائية جديدة
وهناك اتفاق بين حكومات الولايات الألمانية والحكومة الاتحادية على مسودة القانون التي تقدمت به وزيرة العدل الألمانية، بيرجيته تسيبريس، بشأن تعجيل البت في قضايا الأسرة وخاصة حضانة الأطفال وسرعة تطبيق وسائل هذا التعجيل في ساحات القضاء الألماني.
ويسمح مشروع القانون المقترح للمحاكم الألمانية بالتدخل بشكل مبكر عما هو الحال عليه الآن إذا تبين وجود إهمال أو سوء معاملة في حق الأطفال. كما يسمح المشروع لكل مواطن أن يتصل بالمحاكم المعنية بشئون الأسرة وإبلاغهم بما يراه من تقصير في حق أطفال. كما يسمح هذا القانون في حالة إقراره للقضاة بإلزام أحد الأبوين أو كلاهما باللجوء لخبراء التربية لاستشارتهم أو حضور دورات تعليمية خاصة برعاية الأطفال وذلك بعد أن كان لا يسمح لهم كحل نهائي إلا بحرمان أحد الأبوين أو كلاهما من حق حضانة أطفالهم ونقل هذا الحق لمؤسسات رعاية الأطفال التابعة للدولة.
المسؤولية الذاتية
ولكن ورغم كل هذه الاقتراحات والإجراءات فإن زيادة القوانين التي تهدف لحماية الطفل ستجعل الحماية المطلقة لهم أمرا مستحيلا حتى وإن ساور المنظمات المعنية بالطفل أمل في تحسين حماية الطفل من وراء زيادة هذه القوانين. وتبقى المسؤولية الذاتية والوعي الاجتماعي الجمعي من الأمور الحاسمة في هذا الموضوع، إذ دعت ميركل في هذا السياق الجيران لتحمل المسئولية المنوطة بهم كجيران للحيلولة دون وقوع مثل هذه الجرائم من خلال متابعة أحوال بعضهم بعضا. ومع ذلك فإن الكثير من الممارسات الأسرية السلبية ستظل بعيدة عن أعين الناظرين.
يذكر أن المحامين والقضاة المعنيين بالنزاعات الأسرية هم أكثر من يعرف كيف أن الأبوين يخوضان قضايا حضانة الطفل ورعايته بضراوة بالغة حتى آخر جهة قضائية ممكنة وذلك على مدى سنوات يقدمون خلالها تقارير وتقارير مضادة من قبل خبراء معنيين بالأسرة والأطفال.