سوريا غائبة حاضرة وقمة بغداد تتجه لرفض "الحل العسكري"
٢٩ مارس ٢٠١٢حذر رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي أمام الزعماء العرب المشاركين في القمة العربية في بغداد الخميس (29 آذار/ مارس 2012) من أن تسليح طرفي الأزمة السورية سيؤدي إلى "حروب إقليمية ودولية بالإنابة في سوريا". وقال إن "هذا الخيار سيجهز الأرضية المناسبة للتدخل العسكري الأجنبي في سوري، ما يؤدي إلى انتهاك سيادة دولة عربية شقيقة".
وأضاف أن "المسؤولية التاريخية والأخلاقية تحتم علينا جميعا العمل على تطويق أعمال العنف ومحاصرة النار المشتعلة في سوريا والضغط على طرفي الصراع وصولا إلى الحوار الوطني الذي نعتقد انه الخيار الأسلم لحل الأزمة". ودعا إلى "مفاوضات برعاية الجامعة العربية والأمم المتحدة لتشكيل حكومة وحدة وطنية تهيئ لانتخابات حرة ونزيهة" في سوريا التي تشهد منذ أكثر من عام احتجاجات يواجهها النظام بالقمع وقتل فيها الآلاف.
وفي موازاة ذلك، حذر المالكي من إمكانية أن يحصل تنظيم القاعدة على "أوكار جديدة" في دول عربية تشهد تغييرات. وقال "أكثر ما نخشاه أن تحصل القاعدة على أوكار جديدة بعد هزيمتها في العراق، في الدول العربية التي تشهد تحولات مهمة لكنها لا زالت في طور بناء مؤسساتها" الأمنية والسياسية. وحذر أيضا من إمكانية "أن تركب القاعدة موجة الانتفاضات العربية".
ليبيا حاضرة والقذافي غائب
وفي كلمته في افتتاح الدورة الثالثة والعشرين للقمة أكد مصطفى عبد الجليل رئيس المجلس الوطني الانتقالي الليبي الذي تولى السلطة في ليبيا بعد تدخل حلف شمال الأطلسي والإطاحة بالزعيم الراحل معمر القذافي العام الماضي على "عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول". لكن عبد الجليل الذي رأست بلاده الدورة السابقة للقمة أعرب عن القلق حيال "مشاهد الإبادة والتعذيب التي يرتكبها النظام السوري" وهو ما يلزم اتخاذ خطوات سريعة لمتابعة الجهود المبذولة لحل الأزمة. وسلم عبد الجليل الذي أعلن رسميا استعادة علاقات بلاده مع العراق بعد انقطاع تجاوز ثماني سنوات الرئاسة الدورية للقمة إلى الرئيس العراقي جلال الطالباني ليصبح أول كردي يتولى رئاسة القمة العربية.
ومن جانبه قال الطالباني في الجلسة الافتتاحية التي نقلت تلفزيونيا على الهواء مباشرة إن "غياب سوريا لا يقلل من أهمية هذا البلد الشقيق." وأعرب بدوره عن القلق حيال "أعمال العنف وسفك الدماء". وأكد الرئيس العراقي على السعي "لإيجاد حل سلمي لهذه الأزمة من خلال الجامعة العربية مع الاستعانة بجهود الوسطاء الدوليين من خلال المبعوث المشترك كوفي عنان".
تكثيف الضغط على النظام
ودعا الرئيس التونسي المنصف المرزوقي إلى حل يعتمد على رفض التدخل العسكري ورفض تسليح المعارضة وتكثيف الضغط على النظام السوري لإقناعه بنقل السلطة وإرسال قوة سلام عربية تحت راية الأمم المتحدة والجامعة العربية.
أما الرئيس اللبناني ميشال سليمان، فقد قال إن بلاده المجاورة لسوريا نأت بنفسها "عن التداعيات السلبية لهذه الأحداث حرصا منها على المحافظة على استقرار لبنان ووحدته الوطنية". ودعا سليمان إلى "حل سياسي ومتوافق عليه للأزمة السورية انطلاقا من جوهر المبادرة العربية بما يسمح بوقف كل أشكال العنف وتحقيق الإصلاح والعبور إلى ما يريده السوريون من ديمقراطية."
ومع بدء أعمال القمة انفجر صاروخ قرب السفارة الإيرانية في بغداد على أطراف المنطقة الخضراء المحصنة حيث اجتمع الزعماء في ظل إجراءات أمنية مشددة. وبعد سنوات الحرب تأمل حكومة العراق أن تسلط القمة الضوء على استقراره واستعادته دوره في المنطقة العربية، حيث تنظر بلدان الخليج العربية السنية بقلق إلى علاقات بغداد الوثيقة مع إيران. واجتمع المالكي اليوم مع تسعة زعماء عرب بينهم أمير الكويت أكبر مسؤول بدولة خليجية يشارك بالقمة وأول زعيم لبلاده يزور العراق منذ غزو العراق للكويت في 1990.
(ع.خ/ د.ب.ا، ا.ف.ب، رويترز)
مراجعة: منصف السليمي