شرودر يدافع عن سياسته في آخر جلسة برلمانية
"..... كأسد يزأر في حلبة أمام منافسة تموء كقطة." ربما كان وصف إحدى الصحف الألمانية هذا صباح اليوم لآخر مناظرة بين المستشار الألماني غيرهارد شرودر (الحزب الاشتراكي الديمقراطي) ومنافسته أنغيلا ميركل (الاتحاد المسيحي الديمقراطي) قبيل إجراء الانتخابات الألمانية المبكرة في الثامن عشر من أيلول / سبتمبر الجاري، ربما كان مبالغ فيه أو حتى إجحاف بحق منافسة شرودر التي ظهرت في الأيام القليلة الماضية في أفضل حللها وأثبتت من خلال مناظرة تلفزيونية مؤخرا أنها لا تهاب وقادرة كإمرأة على إثبات جدارتها في حزب محافظ الرجال لهم فيه الكلمة الأولى والأخيرة. ولكن من راقب الاشتراكي الديمقراطي أول أمس في مقر البرلمان الألماني "بوندستاغ"، يتيقن من أنه عازم قبل عشرة أيام من موعد الانتخابات على إرباك المعارضة وخلط أوراق المراقبين الانتخابيين من جديد وإثبات أن استطلاعات الرأي التي لا تبشر نتائجها لغاية الآن له ولحزبه بالخير ليست كلاما مقدسا ويمكن تعديلها وبالتالي قلْب الأمور جميعها رأسا على عقب.
بداية حماسية
المستشار بدأ خطابه الذي استغرق 37 دقيقة بحماس وقوة ولم يستهله بالصدفة، بكارثة إعصار "كاترينا" والتركيز على المساعدات التي قدمتها بلاده للمتضررين من الكارثة الطبيعية والانهيال بانتقادات شديدة اللهجة على المضاربين في أسواق النفط، وتفنيد محاسن سياسة الطاقة التي بدأها قبل سبع سنوات مع حزب الحضر شريك حزبه في الائتلاف الحكومي، بل أن اختياره لهذين الموضوعين جاء لسببين: الأول هو أنه يريد القول للمحافظين الذين يتهمونه دائما بتحمل المسؤولية عن الفتور الذي تشهده العلاقات الألمانية ـ الأمريكية أثر موقف حكومته المعارض للحرب على العراق، أراد القول لهم إن العلاقات بين برلين وواشنطن لم تتضرر وإنه مستعد لتقديم مساعدات للأمريكيين إذا تطلب الأمر. أما السبب الثاني فله علاقة بورقة انتخابية يستطيع من خلالها تكبيل أيدي المحافظين وهو موضوع السياسة البيئية واستحداث الطاقات البديلة، إذ أن الأحزاب المحافظة أثبتت أكثر من مرة أنها غير قادرة على تلبية أماني المواطنين بخصوص السياسة البيئية. بعد ذلك انتقل شرودر إلى سياسة أنظمة التضامن الاجتماعي كالتقاعد والنظام الصحي ورعاية العجزة والأطفال والعائلة والتعليم. وهنا أيضا لم يختر المستشار هذا الموضوع بالصدفة، فالجميع يعرف أن الاشتراكيين الديمقراطيين، ليس فقط في ألمانيا حريصين أو على الأقل أكثر حرصا من المسيحيين الديمقراطيين على المحافظة على أسس التكافل الاجتماعي وحقوق العمال وعامة الشعب.
شرودر: "هدفنا 38%"
من هنا يمكن القول إن شرودر ألقى دون شك خطابا موجها وحماسيا لم يدغدغ من خلاله فقط مشاعر نواب حزبه وشركاءه الحضر، محفزا إياهم على خوض حملة انتخابية شرسة قبل توجه المواطنين في الثامن عشر من الشهر الجاري إلى صناديق الاقتراع، بل أنه كسب تأييد ملايين من المواطنين الألمان الذين لم يحسموا أمرهم بعد. ففي مساء اليوم الذي استضافت فيه أروقة السلطة التشريعية الأولى في البلاد "بودنستاغ" آخر مناظرة بين المستشار ومنافسته، كشفت مصادر إعلامية ألمانية أن أسهم حزب المستشار ارتفعت في استطلاعات الرأي من 31% إلى 34%. أما هو فقد علق على هذه الأخبار السارة بالقول في تصريحات لمحطة التلفزيون الألمانية الإخبارية ( إن تي في ) إنه أخذ على عاتقه قبل عشرة أيام من إجراء الانتخابات رفع رصيد حزبه أربع نقاط لتبلغ نسبة المؤيدين لسياسته 38%. وأضاف شرودر "إذا كسبنا أربع نقاط في الأيام المقبلة، فإن هذا يعني أننا سنأخذها من الآخرين (المحافظين) وهذه هي النسبة التي حصلنا عليها في عام 2002." يذكر أن الحزب الاشتراكي الديمقراطي حصل في الانتخابات البرلمانية الأخيرة في عام 2003 على 38،5% من نسبة الأصوات، الأمر الذي أهلهم لمواصلة ائتلافهم مع حزب الخضر. ومن هنا يمكن القول أيضا إن شرودر ألقى خطابا جيدا شحذ فيه همم رفاقه وشركاءه ويمكن تصنيفه أنه أفضل خطاب جاء من طرف فريقه الحكومي في آخر جلسة للبرلمان قبل إجراء الانتخابات المبكرة.
دويتشه فيله