عيد الميلاد بعيون أطفال مسلمي ألمانيا
٢٥ ديسمبر ٢٠٠٨تعتبر ألمانيا بلداً ذا صبغة مسيحية، مما يجعل الاحتفالات المسيحية التقليدية ذات مكانة هامة في نفوس الشعب والمجتمع الألماني. وعلى الرغم من الديانة المسيحية تزخر بالمناسبات والذكريات الهامة، إلا أن لعيد ميلاد السيد المسيح مكانة مميزة في نفوس الألمان. إنها ليلة الرابع والعشرين من كانون أول/ديسمبر التي تعِد لها العائلات قبل نحو شهر. فتنتشر الأضواء في كل مكان ومعها تنتشر أجواء عيد الميلاد جالبة معها الفرح والغبطة للجميع وللأطفال على وجه الخصوص، لما تحمله إليهم من هدايا وألعاب.
عيد الميلاد وطقوسه الخاصة
ينتظر الأطفال الألمان عيد الميلاد بفارغ الصبر، ليس لأنهم يرتاحون من "عناء" الدراسة لمدة أسبوعين فحسب، وإنما للطقوس التقليدية التي تجلبها معها هذه المناسبة، بدءاً من إشعال شمعة كل أسبوع من الشموع الأربعة المخصصة لفترة الاستعداد للميلاد، والتلهف لفتح نافذة يومية من نوافذ تقويم الميلاد الخاص بالأطفال بحثاً عن الهدية المختبئة خلف النافذة، وشجرة التنوب المزينة والمضاءة، وانتهاءً بكتابة لائحة أمنيات طويلة ليجلبها إليهم بابا نويل الذي يأتي عبر المداخن حاملاً كيسه الكبير المليء بالهدايا.
يحمل عيد الميلاد معه طقوساً خاصةً، اعتاد عليها الكبار مذ كانوا أطفالاً؛ إذ تتكرر الطقوس ذاتها في نفس الموعد من كل عام. ويجمع الأطفال أن أكثر ما يستهويهم من هذا العيد هو التئام شمل العائلة حول طاولة تحمل ما لذ وطاب، إضافة إلى الهدايا الكثيرة التي يحصلون عليها من ذويهم وأقربائهم.
مشاعر متباينة تراود مسلمي ألمانيا
إلا أن ثمة شريحة مسلمة لا بأس بها تعيش في المجتمع الألماني ذي الجذور المسيحية. ويراود المسلمون في ألمانيا مشاعراً متناقضة تجاه احتفالات عيد الميلاد، فهم يريدون معايشة أجواء الميلاد الرائعة لكنهم يرون أن هذا العيد لا يعنيهم، لا من قريب ولا بعيد. فالبعض، مثل البوسني أرمين، يحتفلون بعيد الميلاد وذلك من منطلق أنهم "يعيشون في مجتمع ألماني". أما جارته البوسنية أيضا أمينة، فترى أن هذه المناسبة لا تعنيها لأنها ليست عيد إسلامي.
وإذا كانت آراء الكبار تتباين بشدة إزاء هذه المناسبة، فما بال الأطفال الذين يرون أصدقاءهم الألمان وهم يزينون ويحتفلون ويفرحون بهدايا العيد؟ في هذا السياق لا تنكر حلية، ذات الأصول التركية، مشاعر الحسد لعدم حصولها على هدايا مثل صديقاتها الألمانيات. لكنها تنظر للأمر من وجهة نظر أخرى، فالأطفال الألمان لا يحصلون على هدايا مثلها حينما يحل عيد الفطر الذي يعد بالنسبة للأطفال المسلمين بشكل أو بأخر معادلاً لعيد الميلاد لدى الأطفال المسيحيين. فالاحتفال بالعيدين متقارب من حيث المضمون عبر اجتماع العائلة وحصول الأطفال على الهدايا، إلا أن الفارق الجوهري بين العيدين هو شجرة عيد الميلاد وذلك على الرغم من أن شجرة التنوب هذه ليست رمزاً مسيحياً على الإطلاق.