كاوب ـ المدينة التي تصدت لنابليون وتمردت على البابا
٤ مايو ٢٠٠٧
هناك على نهر الراين، حيث يمتزج جمال الطبيعة الخلابة بعبق الماضي وسحره الذي يحملنا بعيداً في أعماق التاريخ، مدن صغيرة وجميلة منتشرة على ضفافه هذا النهر، تخفي في أسواقها التقليدية ودهاليزها الكثير من الأسرار والحكايات التي مازلت شاهدة على ماض عريق. ومدينة كاوب هي واحدة من هذه المدن الواقعة على نهر الراين والتي تجمع بين الأصالة والمعاصرة، بين سحر الماضي وجمال الحاضر.
كاوب تحكي قصصا من سفر التاريخ
وبالطبع سيلاحظ الزائر للمدينة من أول وهلة طابعها التقليدي القديم الذي تتميز به المدن التاريخية الألمانية كالبيوت القديمة والشوارع الضيقة وغيرها. وتشتهر كاوب بمعالمها السياحية التي منها تمثال فون بلوشر المنصوب في شبة جزيرة صغيرة في نهر الراين، وبرج بفالزغرافنشتاين الشهير، وكذلك قلعة غوتنفلز الشامخة الواقعة على جبل يطل مباشرة على المدينة، بالإضافة الى سور المدينة العريق الذي يستعمل الآن كمعبر بديل عندما يعلو مستوى المياه في النهر. هذا بالاضافة الى الكنائيس والاسواق الشعبية وغيرها. ونظرا لأهميتها التاريخية فقد صنفت منظمة اليونسكو مدينة كاوب ضمن قائمة التراث العالمي.
من هنا تصدى بلوشر لنابليون .....
لنبدأ بتمثال فون بلوشر الشامخ الذي يقابل الزائر للمدينة عند مدخلها مباشرة، وهو يعود للقائد البروسي جبهارد ليبريشت فون بلوشر ( 1742 ـ 1819) الذي لعب دورا هاما في الإنتصار على نابليون بونابارت في مدينة لايبزيج وما عُرف بحملة واترلو. إذ حشد فون بلوشر، كما يقول التاريخ، أكثر من 15 الف جندي في مدينة كاوب، عبروا بأحصنتهم نهر الراين الى الضفة الأخرى للتصدي لنابليون وجنوده. وتفخر كاوب كثيرا ببطلها فون بلوشر، حيث خصصت له مهرجانا سنويا يحمل إسمه يطلق عليه إسم (أيام بلوشر). وقد حدد موعده في هذه السنة في أواخر شهر أيار/مايو القادم. هذا المهرجان الذي ينظمه مجلس بلدية المدينة، يهدف بطبيعة الحال الى التعريف بتاريخ المدينة وجذب السياح إليها.
....وتمرد القيصر على سلطة البابا
أما برج بفالزغرافنشتاين، فقد بناه القيصر لودفيغ الأول، ملك بايرن آنذاك، في جزيرة وسط نهر الراين في القرن الرابع عشر. هذا البرج الذي يأخذ شكل الباخرة، أراده القيصر في هذا المكان الاستراتيجي بغرض مراقبة السفن التي كانت تمر في نهر الراين. وجاء بناء هذا البرج إثر خلاف بين القيصر وبابا الكنيسة الكاثوليكية، يوحنا الثاني والعشرين في سنة 1326، على خلفية فرض الملك ضرائب مرتفعة على السفن التي تعبر نهر الراين، وقد حاول البابا طرده من الكنيسة، كما ألب عليه أساقفة كولونيا و ترير وماينز لطرده من الكنيسة المحلية. غير ان هذا لم يثني القيصر المتمرد عن سلطة الكنيسة عما عزم عليه، بل إنه قام ببناء هذ البرج لمتابعة السفن التي تمر في النهر. ويعتبر البرج اليوم معلما تاريخيا وسياحيا مهما لمدينة كاوب وجزء لايتجزأ من هويتها التارخية والثقافية.