من أجل صحة نفسية أفضل- تجنب الأخبار السلبية وأخبار الصراعات!
١٥ نوفمبر ٢٠٢٤لا يخفى على أحد أن تصفح الإنترنت عموما ووسائل التواصل الاجتماعي خصوصا أصبح من العادات اليومية التي لا يمكن لأحد تقريباً الاستغناء عنها، كما يكون من الصعب في بعض الأحيان السيطرة على الوقت الذي نقضيه على وسائل التواصل الاجتماعي.
وبالطبع لتدفق الأخبار الهائل الذي نتعرّض له كل يوم أثر سلبي على صحتنا النفسية، وخصوصاً عندما تتعلق الأخبار بالأحداث المروّعة التي يشهدها العالم يومياً، مثل الحروب والأوبئة، ويزداد تعاطف الإنسان أكثر عندما يستعرض الصور التي تظهر هذه المآسي.
وكانت دراسة أجريت في عام 2021 قد أظهرت أن قراءة أخبار جائحة كورونا لمدة دقيقتين يومياً يكفي لقتل الشعور بالتفاؤل لدى المرء. ولهذا توصي ناتالي كراه، وهي عضوة بالرابطة المهنية لعلماء النفس الألمان، بالابتعاد عن التعرّض للأخبار السلبية لفترة من الزمن، وخاصة المصوّرة منها.
وترجّح نورا فالتر، أستاذة علم النفس بجامعة العلوم التطبيقية للاقتصاد والإدارة (FOM) في إيسن، أن انجذاب الأشخاص لمتابعة الأخبار السلبية هو أمر تطوّري، أي أن الإنسان الذي يحيط نفسه بالأخبار السلبية دائماً قد لا يتمكن بعد ذلك من التفكير بطريقة إيجابية.
مشاكل صحية على المدى الطويل
كما أظهرت دراسة أجريت عام 2022 أن التعرّض للأخبار السلبية بشكل مفرط وخارج عن السيطرة قد يسبب للمرء مشاكل صحية عديدة. فالأشخاص الذين يشاهدون الأخبار السلبية بإفراط سيكون من الصعب بالنسبة لهم الانفصال عنها، وسيستمرون في التفكير بها خلال يومهم حتى بعد ترك الهاتفأو التلفاز، وقد يستمر التفكير فيها إلى فترات طويلة، مما يسبب مشاكل صحية على المدى الطويل.
وهنا يبرز مصطلح "التصفح المهلك" الذي يصف سعي المرء وراء قراءة المزيد من الأخبار، فمثلاً عندما يشاهد شخص ما خبراً سيئاً قد يبحث عن المزيد من الأخبار ذات الصلة ليتأكد من أن الخبر الذي قرأه أو الصورة التي شاهدها صحيحة، أو ليستزيد بمعلومات إضافية، وهذا السعي لمزيد من الأخبار هو ما يسمى بـ"التصفح المهلك".
كيف تحمي صحتك النفسية أثناء مشاهدة الأخبار؟
تضع ناتالي كراه ثلاثة حلول بين يديك لحماية صحتك النفسية. فتقترح بداية الابتعاد عن مشاهدة الصور ومقاطع الفيديو المزعجة؛ لأنها تسبب ألماً أكبر من الذي تسببه الأخبار المكتوبة، وبالتالي يكون لها تأثير أكبر على صحتك النفسية.
كما تنصح كراه أيضاً بضرورة التواصل مع الأصدقاء والأقارب، فمشاركة الأخبار السيئة أو المخاوف مع المقربين سيخفف من المشاعر السلبية، ويخفف من العبء الذي تحمله على عاتقك بسببها.
وأخيراً تنصح بضرورة التساؤل عن دوافع الأشخاص، الذين نشروا الأخبار والمحتوى المروّع على الإنترنت، فبعض الأخبار تُنشر لحشد الرأي العام ضد أو مع موقف معين، فعلى سبيل المثال انتشرت خلال جائحة كورونا آراء متنوعة حول الحصول على اللقاح من عدمه، ومتابعة هذا الجدل أمر مرهق للغاية.
تضارب الآراء حول الأخبار مشكلة أنت بغنى عنها!
قد يشكّل تضارب آراء الأشخاص حول الأخبار مشكلة إضافية بالنسبة للبعض، خصوصاً إذا حدث الاختلاف في الرأي داخل الأسرة الواحدة أو مع الأصدقاء المقربين، الأمر الذي ينشأ عنه توتر ومشاحنات تؤثر بدورها على صحتك النفسية.
ولهذه المشكلة عدة حلول من وجهة نظر كراه، فأولًا يجب على المرء أن يتجنب الحديث بالقضايا السياسية التي تسبب انقساماً كبيراً، ومن ناحية أخرى يجب أن يُبدي الطرفان الاستعداد للاعتراف بالخطأ، وأخيراً يجب على المرء إدراك ما إذا كانت أمور أخرى تؤجج من حدة الخلاف، مثل مواجهة مشكلات في العمل أو بداخل الأسرة، الأمر الذي يجعل الشخص ينفّس عن غضبه من خلال التمسّك بموقفه ورفض النقاش.
وفي أسوأ الأحوال يجب على المرء الانسحاب من النقاشات عديمة الجدوى حتى يحافظ على هدوء أعصابه وصحته النفسية.
م.ج