من هو بينيدكت السادس عشر؟
تردد اسم الكاردينال جوزف راتسينجر في الأيام التي سبقت مراسم اختيار البابا الجديد كأحد أبرز المرشحين لخلافة البابا السابق يوحنا بولس الثاني نظراً لكونه كبير علماء الكهنوت في الفاتيكان ولعلاقته الخاصة به وتبنيه مهام إدارية أحاطه بها البابا أثناء فترة مرضه الطويلة. وعلى الرغم من ذلك قوبل اختيار رايتسنجر المعروف بمحافظته وحرصه على حماية الإرث القيمي الكاثوليكي بتحفظ من قبل كرادلة أميركا اللاتينية الليبراليين نسبياً وبعض الكرادلة الألمان.
من هو جوزف راتسينجر؟
ولد الكاردينال رايتسنجر في 16.04.1927 في مدينة ماركتل في ولاية بافاريا في جنوب ألمانيا، ودرس الفلسفة وعلم اللاهوت، ثم تبنى تدريس علم اللاهوت في جامعة فرايزنغ ليحصل في عام 1957 على درجة الأستاذية في سن الثانية والثلاثين. وفيما بعد مارس رايتسنجر تدريس علم اللاهوت في جامعتي بون ومونستر. وأصبح رايتسنجر في عام 1951 قسيساً في مدينة ميونيخ. وقد خدم رايتسنجر، الذي يعتبر أول بابا ألماني يرأس الفاتيكان منذ 5 قرون، البابا الراحل منذ عام 1981 حيث شغل في هذا العام منصب رئيس لجنة الفكر المسيحي بناءً على رغبة البابا. وواصل رايتسنجر صعود درجات سلم النفوذ البابوي ليتم تأكيد اختياره في عام 1998 نائباً لرئيس مجمع الكرادلة من قبل البابا يوحنا بولس الثاني. وفي عام 2002 تم اختياره رئيساً لمجمع الكرادلة.
جوزف رايتسنجر المحافظ الذكي
يعد جوزيف رايتسنجر ممثلاً للتيار المحافظ داخل الكنيسة الكاثوليكية، فقد أصر دوماً على الإصرار على هوية الكنيسة ودورها "كدرع أخلاقي ضد ظواهر العصر اللاأخلاقية" وتبني مواقف معارضة للتيارات الليبرالية الممثلة في مواقف كرادلة أمريكا اللاتينية. هذا الموقف الصارم ظهر جلياً خلال النزاع حول إشكالية الإجهاض حيث رفض رايتسنجر كل المحاولات الهادفة إلى إعطاء الإجهاض غطاء من الشرعية الكاثوليكية. ويتوقع المراقبون أن لا يسعى رايسنجر إلى إجراء إصلاحات جذرية في هيكلة الكنيسة الكاثوليكية نظراً لتقدم سنه. وعلى الرغم من تحفظ نقاد الكنيسة تجاهه إلا أنه كان أول فتح ملفات جرائم الكنيسة الكاثوليكية. ويقول أستاذ التاريخ الكنسي في جامعة مونستر فينسنت فنور في معرض تحليله الأولي لشخصية البابا الجديد:"من الصعب ذكر شخصية كتب عنها أشياء لا تتفق مع الواقع مثل شخصية جوزف رايتسنجر، فبالرغم من ذكائه وقدرته الفريدة من نوعها على التواصل، إلا أن صورته العامة لا تزال مصبوغة بنزعة المحافظة".
بينيدكت السادس عشر كقدوة تاريخية
تقضي العادة التاريخية بأن يقوم البابا الجديد باختيار اسم بابا آخر كقدوة شخصية له. وفي هذا السياق لم يأت اختيار جوزف رايتسنجر محض صدفة، بل إعلاناً عن برنامج يتمتع بأطر واضحة. فقد كان البابا بيندكت السادس عشر رمزاً لدعم السلام العالمي لأنه عارض الحرب العالمية الأولى بشدة وقام بجمع مبالغ ضخمة لمساعدة ضحاياها. وعلى الرغم من أن جهوده ضاعت في أدراج الرياح إلا أنه دخل التاريخ كـ"بابا السلام". وعلاوة على ذلك برهن موقفه المناهض للحرب على العراق وتوبيخه الصريح للرئيس الأمريكي بوش على عقده العزم على مواصلة رسالة بيندكت السادس عشر.
لؤي المدهون