نعمان جمعة: "لابد وأن تنتهي ولاية فرعون لمصر"
"عاوزين قيادة جديدة... الحالة على الحديدة"، " يا نعمان فجرك طالع... صوتك صحي خلاص الشارع"، "يا نعمان يا رئيس... بكره الشعب معاك هيعيش"، هذه وغيرها من الهتافات الحارة سمعتها مؤخراً الزميلة سمر أبو الفتوح، مراسلة دويتشه فيلّة، أثناء مرور الدكتور نعمان جمعة، رئيس حزب الوفد المعارض، بأحد شوارع القاهرة. وتؤكد مراسلتنا على أن مرشح حزب الوفد قد أصبح يحظى بشعبية لم يسبق لها مثيل في الشارع المصري، وذلك قبل بضعة أيام من إجراء أول انتخابات تعددية في تاريخ الرئاسة المصرية. من المعروف أن شعار حملة مرشح حزب الوفد هو "اتخنقنا"، الذي يوحي بالرغبة في التغيير. أثار هذا الشعار جدلاً واسعاً عندما منعت جريدة الأهرام والتليفزيون الحكومي المصري جمعة من استخدمه في الإعلان عن برنامجه الانتخابي. لكن الرئيس مبارك تدخل شخصياً وحسم الجدل لصالح نشر وبث شعارنعمان جمعة. وكانت بعض أحزاب المعارضة المصرية قد اتفقت قبل شهور على مقاطعة انتخابات الرئاسة، لذلك أثار قرار جمعة بخوض المعترك الانتخابي حفيظة الكثيرين. بعدها انتشرت تكهنات بأن نعمان جمعة إنما يخوض الانتخابات بإيعاز من مبارك. أما الهدف الذي تردد آنذاك فكان هو تفتيت الكتلة الانتخابية، التي يراهن عليها رئيس حزب الغد أيمن النور، خاصة وأن الحزبين: الغد والوفد يمثلان التيار الليبرالي المصري المعارض. ولكن الهيئته العليا لحزب الوفد بررت قرارها بترشيح جمعة بأنه فرصة ثمينة لكي يقود الوفد المعارضة، وليس تخلياً عن اعتقادها بـ "ديكورية" الانتخابات الرئاسية المقبلة، على حد تعبير القائمين على الحزب. كما أكد جمعة لصحيفة "الوفد"، لسان حزبه، أكثر من مرة أنه يخوض المعركة الانتخابية بشرف وأن لديه الأمل بالنجاح والحصول يوم الـ 7 من أيلول/سبتمبر2005 علي الأغلبية ليصبح رئيساً لجمهورية مصر العربية
ويُعتبر حزب الوفد أول حزب سياسي تشكل في مصر على الإطلاق. واحتل الوفد مكانة هامة على الساحة السياسية منذ عام 1919 وحتى ثورة تموز/يوليو 1952 وذلك بفضل تبنية قضية الاستقلال عن بريطانيا. ويُعد سعد زغلول، أول رئيساً للوفد، أحد أهم رموز الحركة القومية المصرية. أما الدكتور نعمان جمعة فهو رجل قانون وعميد سابق لكلية الحقوق بجامعة القاهرة لدورتين متتاليتين. وهو آخر عميد يجرى انتخابه في الجامعة، بعد أن عدلت الحكومة المصرية القانون ليتم تعيين العمداء بدلا من انتخابهم كخطوة للحول دون انتخاب جمعة مرة ثالثة، وهو ما عرف آنذاك بـ"قانون نعمان جمعة". موقع دويتشه فيلّه باللغة العربية أجرى مع مرشح الرئاسة المصري نعمان جمعة الحوار التالي:
دويتشه فيلّه: يذهب البعض إلى أن برنامجكم الانتخابي قديم نسبياً بالرغم من حاجة مصر إلى برامج إصلاحية تتماشى مع ظروفها الراهنة. في حين يؤكد حزبكم على أن برنامج نعمان جمعة يرتكز على ثوابت أساسية لا يمكن الاستغناء عنها. ترى ما هي تلك الثوابت؟
نعمان جمعة: برنامجنا الانتخابي ليس بالجديد، ولقد قمنا بتحديثه حتى يتسنى له التماشي مع الظروف الراهنة. إلا أن هذا البرنامج يقوم على ثوابت ومبادئ أساسية غير قابلة للتغيير أهمها: التأكيد على سيادة الأمة ورغبتنا في أن يصبح الشعب المصري صاحب السلطة الفعلية في البلاد. أما الركيزة الثانية والتي لا غنى عنها فهي الحفاظ على الوحدة الوطنية، انطلاقاً من إيماننا بوجوب تحقيق المساواة بين كل المصريين، والعمل على أن لا يكون هناك أي فرق بين مسلم ومسيحي، ولا غني ولا فقير، و لا عامل ولا فلاح إلا على أساس العمل والاجتهاد.
هل من الممكن أن تشهد مصر إصلاحاً سياسياً في حالة توليكم منصب الرئاسة؟
نعم فنحن نرغب في أن ينعم المصريون بديمقراطية حقيقية، وأن يتم اختيار رئيس الجمهورية بالانتخاب وهذا ما سيتحقق إنشاء الله. ولكن يجب أن تكون جميع لأحزاب متساوية في الفرص عند القيام بالترشح لهذا المنصب. أما الآن فالأحزاب غير متساوية، فالرئيس محمد حسني مبارك يرأس الحزب الوطني الحاكم ومن ثم لا توجد فرصة للمنافسة. وذلك نتيجة اندماج الحزب الوطني بالدولة وحيازته لأغلبية المقاعد النيابية بدون وجه حق. .لذلك فنحن نريد تشكيل حياه سياسية متوازنة، يكون من أهم سماتها تداول سلطة الحكم بين الأحزاب.
بعد تفشي مشكلة البطالة في أوساط الشباب تمر مصر حالياً بظروف اقتصادية غاية في الصعوبة. كيف سيتمكن نعمان جمعة الرئيس من تحسين الوضع الاقتصادي في البلاد؟
أؤمن بأن الحرية الاقتصادية تساهم في تشكيل مناخ اقتصادي يشجع على الاستثمار. في حالة وجود مثل هذا المناخ ستسهل مؤكداً عملية جذب رؤوس الأموال العربية والأجنبية إلى مصر. أما الخطوات التي ننوي اتخاذها من أجل هذا تحقيق هذا المراد فهي إنهاء جميع القوانين الاستثنائية وقانون الطوارئ وغيرها من القوانين، التي تمارس القمع ضد المواطن وتنفر أصحاب رأس المال. كما أننا نعي كل الوعي أنه من الواجب تخفيض القيم الضريبية والجمركية، وتأمين استقرار وعدم قابلية تلك القيم للتغيير بين يوم وآخر، لأن عدم استقرار الرسوم الضريبية والجمركية يبعث القلق في نفس المستثمر ولا يُمكنه من تقييم حساباته على النحو الصحيح. وكما سأبذل قصارى جهدي من أجل إصلاح أوضاع البنوك، حتى تصبح قوية وقادرة على أداء أعمالها بشكل أفضل. بالإضافة إلى حرصنا الشديد على إنهاء حالة الروتين المسيطرة على أجهزة الدولة الإدارية، ومنع تكرار التوقيعات والشهادات اللازمة، وكل ما يُمكنه عرقلة الاستثمار والإنتاج.
وما هي الاتجاهات الأساسية لسياستكم الخارجية؟
نحن نحترم كل شعوب العالم. ولا نشعر بأي كراهية تجاه أي شعب، سواء كان هذا الشعب أمريكيا أو أوروبياً أو يهودياً، إذ أننا نكن التقدير لكل شعوب العالم، ونود التعامل معها، ولكننا في الوقت ذاته نشترط أن تكون علاقتنا الدولية قائمة على أساس الند للند والمساواة واحترام إرادتنا الوطنية، فنحن نرفض بشدة التدخل في شؤوننا الداخلية.
ما هي الجوانب التي تنون تغييرها في نظام حكم الرئيس مبارك؟
نريد إنهاء القوانين الاستثنائية وحالة القهر السياسي المسيطرة على مصر في كثير من الأحيان. كما نريد أن ننهي فترة حكم الفرض للدولة والتي من سماتها أن يجلس الرئيس على كرسي الحكم وبيده كل سلطات الدولة كما لو كان هذا الرئيس هو فرعون نفسه. نريد أن نقنن من سلطات الرئيس أو نوزع هذه السلطات بعدل على مؤسسات الدولة. ونسعى إلى ضبط الإنفاق الحكومي وعدم إهدار الأموال العامة في مشروعات غير مدروسة جيداً. كل هذه المطالب تختلف تماماً عن الوضع القائم.
ماذا يميز برنامجكم عن برامج المرشحين الأخرين؟
برنامج حزب الوفد برنامج قديم ومستمر وذو ثوابت هامة. نحن لا نقلد أحداً، اما الآخرون فيقلدوننا. عندما نتبنى موقفاً أو نقول كلمة كثيراً ما يتم الاقتباس من قبل الأحزاب الأخرى. وهذا لا يزعجنا فنحن حزب قديم قوي لديه كوادر وقيادات قادرة على تنفيذ سياستنا. ولحزب الوفد حزب سجل تاريخي حافل. فضلاً عن كوننا قادرين تنفيذ ما نقوله، لذا نكاد نكون الحزب الوحيد القادر على تولي السلطة وإدارة شؤون البلاد بأمانة.
أجرى المقابلة: علاء الدين سرحان