هامبورغ: لاجئون أفارقة يعكرون صفو العلاقات الألمانية الإيطالية
٢٨ يونيو ٢٠١٣تعلن شرطة خفر السواحل الايطالية باستمرار عن وصول مئات المهاجرين من إفريقيا إلى إيطاليا عبر البحر المتوسط في قوارب متهالكة. ويساهم طقس الصيف المصحوب بهدوء نسبي في حركة الأمواج هذه الأيام في تشجيع المهاجرين على المخاطرة بعبور البحر على متن قوارب مطاطية أو خشبية صغيرة، وأملهم الوحيد هو إيجاد فرصة عمل في إحدى دول الاتحاد الأوروبي والاستقرار فيها للعيش.
وقد تسبب تدفق المهاجرين الأفارقة على إيطاليا مؤخرا في التأثير سلبا على العلاقات الألمانية الإيطالية، لأن عددا كبيرا من المهاجرين الأفارقة فر من ليبيا إلى إيطاليا، على إثر الحرب التي شنها حلف شمال الأطلسي ضد وحدات النظام الليبي السابق. ومن إيطاليا واصل نحو 300 مهاجر إفريقي رحلتهم إلى شمال ألمانيا، وتحديدا إلى مدينة هامبورغ حيث لا يتوفرون على أدنى الوسائل للعيش الكريم، ويقيمون خلال النهار في خيم وسط المدينة التي لا تريد فيها أي جهة تحمل المسؤولية لمعالجة هذه المشكلة الإنسانية.
إيطاليا قدمت تسهيلات لمواصلة الرحلة إلى ألمانيا
وقد كتب على لافتة ملصقة بإحدى تلك الخيم "حرب الحلف الأطلسي هي السبب في هجرتنا. نطالب بحقوقنا". وداخل تلك الخيمة يجلس الشاب فريداي البالغ من العمر 31 عاما. هذا النيجيري انتقل قبل أكثر من شهر من إيطاليا إلى هامبورغ. وقد حصل هذا الشاب من السلطات الإيطالية على رخصة سفر تخوله التنقل داخل منطقة شنغن، إضافة إلى مساعدة مالية بقيمة 500 يورو. وقال فريداي "إنها كانت هدية من الحكومة الإيطالية. إنهم قالوا لنا إنه لم يعد بوسعهم تمويل تواجدنا هناك"، لأن الأرصدة المالية ضمن صندوق اللاجئين التابع للاتحاد الأوروبي نفدت في فبراير الماضي، مما أدى أيضا إلى إغلاق دور إيواء اللاجئين في إيطاليا. وأضاف فريداي "قدموا لنا بعض الوثائق، وقالوا لنا إنه بوسعنا التوجه إلى أي بلد أوروبي آخر لبدء حياة جديدة هناك".
وكشف فريداي خلال تجاذب أطراف الحديث معه بأنه أقام سنتين في إيطاليا، وأصيب بخيبة أمل. وهو لا يريد الإفصاح عن الأسباب الحقيقية التي جعلته يختار وجهة هامبورغ التي يقيم فيها حاليا نحو 300 من هؤلاء اللاجئين القادمين من إيطاليا، وجميعهم يخشون أن تلجأ سلطات هامبورغ لترحيلهم مجددا إلى إيطاليا. ويقول أفو وهو من دولة توغو إنه كان "يتوفر على شغل في ليبيا، ويعيش حياة جيدة". ويقول هؤلاء الشباب الأفارقة إن حياتهم لا تطاق في هامبورغ حيث لا يتلقون أية مساعدة.
ويتحدث البعض في هامبورغ عن كارثة إنسانية. وفي هذا السياق توجه كريستيانه شنايدر من حزب اليسار انتقادات قوية لبرلمان المدينة الذي تتهمه بإغفال هذه المشكلة وعدم الاكتراث بما يعانيه هؤلاء اللاجئون وتقول :"إن احتقار كرامة الإنسان وصمة عار ملصقة بهذه المدينة".
اللاجئون الأفارقة يواجهون الترحيل
لكن رئيس برلمان مدينة هامبورغ، ديتلف شيله ينفي هذه الاتهامات، ويقول بأن المهاجرين الأفارقة ليس لديهم أدنى أفق في هامبورغ. وأشار هذا المسئول إلى أن وزارة الداخلية الألمانية تتفاوض منذ مدة مع السلطات الايطالية لاستعادة هؤلاء اللاجئين. في المقابل تشير العضو في حزب اليسار شنايدر إلى أنه "من غير المنصف أن تأوي إيطاليا 60 ألف لاجئي، وألمانيا فقط بعض المئات، وعلى هذا الأساس نحن نركز على ضرورة إيجاد حل أوروبي، ولا يحق ترحيل هؤلاء اللاجئين إلى حين وجود حل".
لكن يبدو أن المفاوضات الجارية بين ألمانيا وإيطاليا تأخذ منحى آخر: وهو أن برلين وروما تتطلعان إلى إبعاد هؤلاء الشباب الأفارقة خارج حدود الاتحاد الأوروبي نحو بلدانهم الأصلية. وتفيد سلطات مدينة هامبورغ أنها لا تتحمل أية مسؤولية قانونية تجاه هؤلاء اللاجئين،وتعلل موقفها بأنه وجب على اللاجئين طلب حق اللجوء في البلد الأول الذي وصلوا إليه، أي إيطاليا.
وقد عرضت السلطات المحلية على الأفارقة في مبادرة إنسانية أماكن مؤقتة للسكن بشرط أن يقدموا بياناتهم الشخصية، الأمر الذي يعتبر خطوة أولى نحو الترحيل. وتذكر سلطات المدينة بأنها ليست مخولة وغير قادرة على حل مشكلة مطروحة على الاتحاد الأوروبي برمته. ويعتبر مراقبون أنه لا يجوز ترك إيطاليا لوحدها في مواجهة أفواج اللاجئين بحكم موقعها الجغرافي كمحطة أولى على البحر الأبيض المتوسط.